اكتب قصة (3-4)
تشير كتابة القصة القصيرة، إلى نقطة أساسية، وهي طولها القصير، وكأنها تعني بذلك: تقليص النقاط المتواصلة للوصول لشيء ما· أي ما الذي يقال وما الذي لا يقال؟، إن ذلك رهن بالمحتوى البنائي للقصة حسب ما هي في ذهن من يريد كتابتها، لأن كل شيء من الممكن أن يقال، كما أن كل شيء من الممكن أن لا يقال·
هناك دائماً عملية فرز تحدث أثناء الكتابة، وهي التي تسمح بإبانة بناء القصة، لا حسب أحداثها، بل عمارتها، فالعمارة تشكل المعنى الدال الأكبر لميلاد قصة ما، أياً كان نوع المدرسة المعمارية المستخدمة·
وكما أن البداية لكي نتعلم هي رمي أنفسنا في آتون الكتابة، فإن بداية أخرى بعد ذلك، هي كيف ندير ما نفرزه أثناء الكتابة، لكي تكون القصة على ما هي عليه· إنها عملية شطرنجية، تتحرك فيها القطع لتأخذ مسارات تؤهلها لإقصاء قطع أخرى، إلى أن ينتهي الدور ببعض القطع التي تعلن عن فوز هذا وخسارة هذا· إن الشكل الأخير لنهاية اللعبة يُخبرنا بعدم تعقيد البناء، حيث العدد القليل من القطع، وحيث الإعلان عن حتمية النهاية، لكن التعقيد كان لحظة اللعب، لحظة التأليف·
إن ذلك يأتي مع الوقت وبالمران، كما أنه يتشكل من البناء الشخصي للكاتب، وقدرته المستمرة على تغذية هذا البناء·
كيف تكتب قصة ؟ تضارع بشكل ما كيف تكتب رواية، أو قصيدة أو عموداً، لكن الهدف الرئيسي من السؤال والدوران حوله بكل الطرق الممكنة؛ هو جعل الجميع كتاباً برسم التفكير على الأقل، والنموذج التالي يوضح ذلك بمعنى ما، أي البحث عن مبدأ لنسج فكرة من خلال الجري وراء ظلها، وليس الجري وراءها هي:
''يمكننا وصف أي شخص بأنه مُعَطِّل الأفيال، وبالتأكيد سنسأل ما المعنى، ولسنا مضطرين لإيجاد إجابة، ليس لأن ذلك التعبير من خبث الأفكار، أو من العبث في شيء، إنما لأن هناك حدوتة نشأت من سؤال غريب، ومن الممكن أن نجيب فقط وبطريقة إجرائية، بأن الشخص مُعَطَّل الأفيال، هو من يتصلون به عندما يجدون فيلاً، حتى يعطله''·
بالبساطة تلك يمكننا أن نتعرف على أنفسنا ككُتَّاب يمكنهم فرز شخصياتهم من أجل توليف قصة، ولو عن قلب سليم كان محطماً، أو العكس·