مع قرب انطلاق "الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص–أبوظبي 2019" في 14 مارس الجاري، تتجه أنظار العالم بشغف إلى العاصمة أبوظبي لمتابعة منافسات أكبر وأهم حدث رياضي وإنساني في العالم والذي تستضيفه أرض التسامح حتى يوم 21 من الشهرالجاري.

ومن خلال استضافتها لهذا الحدث في دورته الصيفية تسعى أبوظبي إلى جعلها دورة استثنائية ترسخ وتضيف معنى جديداً للألعاب العالمية للأولمبياد الخاص للأجيال القادمة من خلال إحداث تغيير إيجابي مستدام في مسيرة هذه الفئة وترك علامة متميزة في تاريخ الأولمبياد الخاص وتحدي المفاهيم السائدة وتغيير الصور النمطية عنها.

ويعزز استضافة العاصمة للحدث الأبرز على خريطة الرياضة العالمية دورها الرائد في تعميق قيم ومبادئ التسامح والتعاون عبر بوابة الرياضة إذ تعد أبوظبي أول مدينة عربية وخليجية وشرق أوسطية تنظم هذا الحدث المعني بذوي الإعاقة الذهنية ــ الذين تتراوح نسبتهم بين 1 و3% في العالم مشكلين النسبة الأكبر من أصحاب الهمم - والذي يهدف لمنحهم أبسط حقوقهم في ممارسة رياضات احترافية ضمن قواعد وجماعات منظمة.

ومر الأولمبياد منذ انطلاق أولى دوراته وحتى وصوله للدورة الحالية بمراحل عديدة خلال مسيرته شكلت بعضها علامات فارقة في تاريخه وساهمت في توسيع قاعدة شعبيتها.

وتعتبر أهم محطاته أولى دوراته التي انطلقت تحت مسمى "حركة الأولمبياد الخاص الأول لذوي الإعاقة الذهنية" في يوليو  1968 على ملعب "سولجر فيلد" في مدينة شيكاغو الأمريكية، بمبادرة من يونيس كينيدي شرايفر، لمناصرة هذه الفئة المهمشة آنذاك، بمشاركة 1000 لاعب ولاعبة من ذوى الإعاقة الفكرية يمثلون 26 ولاية أمريكية وكندا حيث تنافسوا في ألعاب القوى والهوكي الأرضي والسباحة.

ومع مرور الوقت وزيادة الاهتمام العالمي بها أصبحت الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص تقام مرة كل عامين، على أن تكون صيفية في نسخة وشتوية في النسخة التالية.

وأقيمت أول دورة ألعاب شتوية للأولمبياد الخاص في مدينة كولورادو بمشاركة 500 لاعب ولاعبة خلال الفترة من 5 إلى 11 فبراير (شباط) عام 1977، تنافسوا خلالها في ألعاب التزلق والجري على الجليد. ومن أبرز المحطات التي شهدتها مسيرة الأولمبياد.. انطلاق شعلته عام 1981 بهدف رفع مستوى الوعي بها الحدث الرياضي.

وتحت شعار "الأولمبياد الخاص يوحد العالم".. شهد شهر سبتمبر (أيلول) عام 1986 بداية تواجد الأولمبياد الخاص في الأمم المتحدة في نيويورك واعتبرت السنة الدولية للأولمبياد الخاص ..بينما شهد عام 1988 عقد أول برنامج تدريبي وتأهيلي للمدربين وتم نشر أول دليل للمهارات الرياضية. وفي خطوة على طريق دعم هذا الحدث الإنساني.. تم توقيع اتفاقية في 15 فبراير 1988 اعترفت بمقتضاها اللجنة الأولمبية بنشاط الأولمبياد الخاص رسمياً.. وفي يوليو (حزيران)  من نفس العام تم إطلاق الرياضة الموحدة والاعتراف بها خلال المؤتمر السنوي للأولمبياد الخاص والذي عقد في مدينة رينو في نيفادا.

وشهدت الألعاب الصيفية الثامنة للأولمبياد الخاص التي أقيمت في مدينة مينيو بوليس في مينيستو خلال الفترة من 19 – 27 يوليو (حزيران) 1991 أحد المحطات المهمة في تاريخ الأولمبياد وهو تغيير اسم المنافسات رسمياً من الألعاب الدولية الصيفية أو الشتوية للأولمبياد الخاص إلى الألعاب العالمية الصيفية أو الشتوية للأولمبياد الخاص.. وشارك في هذه الدورة 6 آلاف لاعب ولاعبة يمثلون 100 دولة.

وتحت شعار "معا نحن نفوز" أقيم في 30 سبتمبر  1992 احتفال بمرور 25 عاماً على إنشاء الأولمبياد الخاص في مدينة نيويورك. أما أكبر ألعاب عالمية شتوية متعددة الرياضات أقيمت خلال الفترة من 1 إلى 8 فبراير  1997 بولاية تورونتو في كندا حيث ضمت 5 ألعاب شتوية وشارك فيها أكثر من ألفي لاعب يمثلون 73 دولة.

وفي 20 يونيو 1998 احتفل الأولمبياد الخاص بمرور 30 عاماً على تأسيسه وبأبطاله على مدى 30 عاماً كما احتفل بتقديم مبادرة اللاعبين كمتحدثين رسميين.

وفي خطوة للتعريف بلاعبي الأولمبياد الخاص ..عرضت قناة إيه بي سي في 16 يناير  2000 أول فيلم تلفزيوني عن حياة أحد لاعبي الأولمبياد الخاص ذهنيا بعنوان " لوريتا كليبورن".

ومن المحطات البارزة والمهمة في رحلة الأولمبياد.. تنظيم مسيرة القرن للأولمبياد الخاص في الصين خلال الفترة من 18 - 20 مايو (أيار) 2000 وتم إشعال شعلة أمل فوق سور الصين العظيم. وخلال الفترة من 20 إلى 23 مايو من نفس العام أقيم المؤتمر الأول للاعبين في مدينة الهيجي في هولندا بمشاركة 60 لاعباً من مختلف مناطق العالم.

وشهدت مدينة كيب تاون خلال الفترة من 12 إلى 14 يوليو2001 مراسم احتفالات "الأمل الأفريقي" للأولمبياد الخاص 2001، شارك حينها رئيس جنوب افريقيا السابق نيلسون مانديلا في إضاءة الشعلة التي جابت شوارع المدينة وساهمت في زياردة الوعي بحركة وبرنامج الأولمبياد الخاص عبر القارة الأفريقية ومنذ ذلك الوقت بدأ البرنامج حملة كبرى للوصول بعدد اللاعبين إلى 100 ألف لاعب في القارة بحلول عام 2005.

وبالتزامن مع الألعاب الشتوية للأولمبياد الخاص.. عقد المؤتمر الأول للشباب خلال الفترة من 5 إلى 10 مارس 2001 بمشاركة 34 تلميذا من ذوي الإعاقات الذهنية من جميع أنحاء العالم.

وضمن رسالة الأولمبياد الخاص في ترسيخ ثقافة التنوع وقبول الآخر.. أطلق في 22 مارس  2002 بالشراكة مع يونيفرسال ستديو رسالته السامية لتحقيق القبول والتسامح وذلك تحت عنوان "إي تي واحتفاء الأولمبياد الخاص بالاختلافات".

 وأقيمت أحدث الألعاب العالمية الصيفية للأولمبياد الخاص في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية خلال الفترة من 25 يوليو إلى 2 أغسطس 2015 تحت شعار "شاركونا التحدي في الطريق إلى الذهب" بمشاركة 7 آلاف رياضي من 177 دولة.

وفي 20 يوليو 2018.. احتفل العالم باليوبيل الذهبي للألعاب العالمية للأولمبياد الخاص / 1968 – 2018 / حيث تمت إضاءة الكرة الأرضية باللون الأحمر تحت شعار "الإضاءة من اجل الدمج" من خلال أكثر من 170 من المعالم السياحية والأثرية على امتداد مناطق العالم السبع وفق تقسيم الأولمبياد الخاص.

وفي مارس (آذار) من العام 2017 وخلال حفل ختام الألعاب العالمية الشتوية الذي أقيم في مدينة غراتس النمساوية تسلمت دولة الإمارات علم استضافتها لدورة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص 2019 التي يشارك فيها 7500 رياضي من أكثر من 190 دولة للتنافس ضمن 24 لعبة صيفية تحت إشراف 2500 مدرب وإداري بحضور الآلاف من الأسر وضيوف شرف وكبار الشخصيات، بجانب أكثر من 30 ألف متطوع في كل المجالات.

وتقدم أبوظبي في نسختها الصيفية برنامجاً متكاملاً لا يقتصر على الألعاب فقط، بل يتضمن برامج صحية للاعبين وبرامج اللاعبين الصغار للفئة العمرية من 3 إلى 8 سنوات إضافة إلى المبادرات التي تشتمل على فعاليات تستقطب الأسر بهدف تبادل الخبرات وزيادة الوعي العام حول الإعاقة الذهنية.

وكان مجلس إدارة الأولمبياد الخاص الدولي أعلن في نوفمبر 2016 فوز أبوظبي بتنظيم الألعاب العالمية الصيفية 2019 بناء على مقترح عطاء شامل وزيارة ميدانية من قبل لجنة مجلس الإدارة، لدولة الإمارات التي تدعو لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة الفكرية في جميع أنحاء العالم وخطت العديد من الخطوات لتحقيق هذا الهدف الإنساني النبيل.

ونال ملف الاستضافة إجماع الاتحاد الدولي بفضل جهود ودعم القيادة الرشيدة الدائم للرياضة والرياضيين، وحرصها على تعزيز مكانة الأولمبياد الخاص من خلال استضافة تاريخية واستثنائية.

وتؤكد أبوظبي - من خلال شعار الدورة الذي استلهم تصميمه من التقاليد الشعبية لنسج سعف النخيل ويعبر عن التماسك والاتحاد اللذين تمثلهما دورة الألعاب - مساعيها لنشر روح التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع كافة من خلال استضافتها للألعاب العالمية الأكثر تماسكاً وتضامناً في تاريخ دورات الأولمبياد الخاص.