هدى الطنيجي (رأس الخيمة)

بعد توقف دام أكثر من 40 عاماً، تعاود «العبرة» مجدداً رحلاتها بين ضفاف رأس الخيمة، محملة بذكريات زمن الأجداد، عندما كانت وسيلة النقل الرئيسة.
المؤرخ والباحث التاريخي الدكتور عبدالله الطابور، أوضح أن العبرة، كانت الوسيلة الوحيدة التي كانت متاحة لتنقل الأهالي في رأس الخيمة منذ مئات السنين، حيث كان الأهالي خلال فترة «القيظ» وقت اشتداد الحرارة يتجهون محملين بـ«الكش» أي البضائع من مناطق رأس الخيمة إلى المناطق الموجودة في الضفة الأخرى من فرضة الجزعة، منها العريبي وشعم وغيرهما، كما يتنقل الناس من ضفة الجزعة إلى ضفة رأس الخيمة، حيث الأسواق، ومنها سوق «الحريم» و«الصخام»، أي الفحم والحطب وغيرهما.
وأضاف: «كانت هناك أكثر من 40 عبارة للمواطنين الذين كانوا يتولون مهمة قيادتها عبر (المجداف) مقابل مبلغ زهيد، وتستغرق الرحلة مدة 5 دقائق تقريباً، ومع تدشين جسر رأس الخيمة الذي ربط بين جهتي المدينة عام 1979 تراجع استخدامها».
ناصر حسن الكاس آل علي، رئيس مجلس إدارة جمعية بن ماجد للفنون الشعبية والتجديف، قال: «العبرات عبارة عن قوارب خشبية صغيرة كانت تستخدم لنقل الأهالي والبضائع عن طريق تخصيص مساحة لجلوس الأفراد، وكل عبرة تسمح بجلوس 15 فرداً، مقابل مبلغ مادي زهيد يصل إلى (الآنتين)، أي ما يعادل 25 فلساً»، لافتاًَ إلى أن تلك القوارب كانت تعمل عن طريق المجداف أو عن طريق الشراع، حسب حالة الطقس.
المهندس إسماعيل حسن البلوشي، مدير عام هيئة رأس الخيمة للمواصلات التي أعادت العبرة بعد غياب ضمن مشروع تراثي وحددت 5 مواقع لإطلاقها: كورنيش القواسم، وكورنيش المعيريض، وعند مركز المنار، وفندق هيلتون جاردن إن النخيل، وخور رأس الخيمة القديم.
المواطنون بدورهم، أكدوا أهمية إعادة إحياء رحلات العبرة وما توفره من أجواء تراثية تفوح بعبق الأجداد، وقال راشد الشميلي: «العبرة كانت وسيلة النقل الوحيدة في الإمارة، خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضي»، مؤكداً أن الرحلة كانت تتخللها العديد من القصص والروايات التي كان يتناقلها الأفراد الموجودون على متن العبرة، أما حمدان الشحي،
فذكر أن العبرة كانت تقصد بكثرة من قبل الأهالي الراغبين في التنقل بين مناطق الإمارة من أجل التزاور أو التبضع وغيرها من الأمور.
وقال المواطن راشد الشحي: «العبرات التراثية توجد في إمارات عدة، وبمجرد رؤيتها يفكر الشخص، سواء من مواطني الدولة أو السياح، في تجربة ركوبها للاستمتاع بالأجواء الجميلة ورؤية المناظر والمباني»، وهو ما أشار إليه كل من علي الطنيجي الذي ذكر أن العبرة التراثية توقفت منذ سنوات ويرغب الأهالي، خاصة من كبار المواطنين، في استخدامها مرة أخرى، وعلياء الشامسي التي أشارت إلى أن رحلة العبرة تعيدها لزمن الأجداد.