واشنطن (أ ف ب)

أطلقت شركة «سبايس اكس» الأميركية 60 قمراً صناعياً صغيراً تشكل الدفعة الثالثة من كوكبة «ستارلينك» التابعة لها والهادفة إلى توفير خدمة الإنترنت من الفضاء، وقد تضم آلاف الأقمار الاصطناعية على المدى الطويل.
وأقلع صاروخ «فالكون 9» حاملاً 60 قمراً اصطناعياً صغيراً أمس الأول من قاعدة كاب كانافيرال من فلوريدا، وقد انفصلت عنه بنجاح بعد ساعة فوق المحيط بين أستراليا وأنتاركتيكا. وبذلك، يصل عدد الأقمار الاصطناعية التابعة لشبكة «ستارلينك» إلى ما يقل قليلاً عن 180 قمراً.
إلا أن هذا الرقم قد يصل ذات يوم إلى 42 ألف قمر صناعي، ما يؤدي إلى فضاء مزدحم بشكل كبير، الأمر الذي أثار مخاوف بين علماء الفلك من أنه قد يؤثر سلباً على عمليات مراقبة الفلك وحركة الكواكب. وحالياً، يوجد حوالى 2100 قمر اصطناعي نشط حول كوكب الأرض، وفقاً لـ«ساتلايت إنداستري اسوسييشن».
وقد بثت شركة «سبايس إكس» التي أسسها إلون ماسك صاحب شركة «تيسلا» أيضا، عملية الإطلاق على الهواء مباشرة. وتهدف «سبايس إكس» إلى الاستحواذ على حصة ضخمة من سوق الإنترنت المستقبلية من الفضاء. وثمة شركات منافسة تملك الطموح نفسه من أبرزها «وان ويب» الناشئة ومقرها في لندن و«أمازون».
ويأمل ماسك في أن يتحكم في 3 إلى 5% من سوق الإنترنت العالمية، وهي حصة تبلغ قيمتها 30 مليار دولار سنويا، أو 10 أضعاف ما تكسبه «سبايس إكس» من عملياتها الفضائية، واستثمار الأرباح في تطوير الصواريخ والسفن الفضائية. ويحلم رئيس «سبايس إكس» أيضاً في استيطان المريخ في يوم من الأيام.

مخاوف فلكية
حصلت شركة ماسك التي تتخذ في كاليفورنيا مقراً لها حتى الآن على ترخيص من الولايات المتحدة لإطلاق 12 ألف قمر اصطناعي في مدارات مختلفة، وقد تقدمت بطلب لإطلاق ما يصل إلى 30 ألف قمر آخر. وتقول الشركة، إن كوكبة «ستارلينك» ستكون جاهزة للعمل في كندا وشمال الولايات المتحدة بحلول العام المقبل.
لكن علماء الفلك يخشون من أن تفسد هذه الأنوار البراقة ليلاً عمليات المراقبة، من خلال التلسكوبات مع أن أنوار كوكبة «ستارلينك» يبدو أنها آخذة بالضمور مع ارتفاع الأقمار الاصطناعية تدريجياً.
يضاف إلى ذلك أن هذا الأمر سيؤثر على علماء الفلك المختصين في الموجات الراديوية الذين «يستمعون» إلى موجات خاصة بدلاً من استخدام تلسكوبات بصرية. فكل قمر اصطناعي يبث على موجات مكرسة له فيما لعلماء الفلك موجاتهم الخاصة. إلا أن الأقمار الاصطناعية تخرج أحياناً عن موجاتها على ما أفاد بيل كيل عالم الفلك في جامعة ألاباما في وقت سابق.
لكن «سبايس إكس» تقول إنها اتخذت تدابير لتقليل انعكاس الأقمار الصناعية، وهي تختبر تقنية تعتيم تجريبية على أحد الأقمار.
وقالت لورا فورزيك، وهي محللة في مجال الفضاء، إن فعالية تلك التدابير لا تزال غير مؤكدة. وأوضحت أن «سبايس إكس لم تطمئن بعد علماء الفلك القلقين بشأن انعكاس أقمار ستارلينك».
وأضافت «سيكون الاختبار الحقيقي في الأيام التي تلي عملية الإطلاق عندما تكون الأقمار الصغيرة قريبة من بعضها البعض، وعلى ارتفاع منخفض قبل أن تصل إلى مدارها النهائي. سيكون بمقدور علماء الفلك ومراقبي النجوم مقارنة سطوع المجموعة الحالية مقارنة بالمجموعات السابقة».
وهناك إشكالية أخرى، تتمثل في أن الفضاء سيصبح أكثر ازدحاماً، الأمر الذي سيؤدي إلى اصطدامات مكلفة بين الأقمار الاصطناعية، ما يترك آلاف المخلفات الفضائية الجديدة.
إلا أن الشركة الأميركية لديها حل لتلك المشكلة أيضاً. فأقمار «ستارلينك» تنتشر على ارتفاع 290 كيلومتراً، ثم تدير محركات الدفع الأيونية للوصول إلى مدار ارتفاعه 550 كيلومتراً.
وفي نهاية دورة حياتها، تستخدم الأقمار الاصطناعية أنظمة الدفع الخاصة بها للخروج من المدار خلال بضعة أشهر، وفي حال فشلها، تحترق بشكل طبيعي في الغلاف الجوي في أقل من 5 سنوات، مقارنة بآلاف السنوات التي يتطلبها احتراق أقمار اصطناعية على ارتفاعات أعلى.