أعد الملف: لمياء الهرمودي, تحرير الأمير, أشرف جمعة, منى الحمودي
التحرير: أشرف جبريل
الإشراف العام: راشد الزعابي, ناصر الجابري
الإخراج: صلاح اليافعي
بثقة تدعمها نجاحات حققنها في كل المجالات.. وإنجازات شهد بها العالم، تؤكد الإماراتيات، وهنّ على أعتاب الخمسين الجديدة، أن المشاركة في صنع القرار العالمي محطتهن القادمة، وأنّ أحلامهن تجاوزت حدود الوطن، ويتطلعن إلى المشاركة في إدارة المنظمات والهيئات الأممية، والمساهمة في وضع السياسات الدولية التي تمس حياة ملايين البشر.
ترنو المرأة الإماراتية إلى المستقبل بعين تبحث عن تحديات جديدة، تؤكد قدرتها على ترويض المستحيل، والأخرى على رصيد ضخم من النجاحات حققته خلال العقود الماضية، تستمد منه عزماً، لا يلين، على أن يكون القادم أفضل.
برلمانيات: تجربتنا نضجت
سلسلة طويلة من النجاحات، حققتها الإماراتيات، وتقلدن مناصب مرموقة، أثبتن من خلالها قدرتهن على المساهمة بفاعلية في خدمة الوطن، واليوم وهن على مشارف الخمسين الجديد من عمر الوطن، تستعد الإماراتيات للانطلاق إلى أفاق أرحب يحققن فيها إنجازات أكبر.
البداية كانت قراراً تاريخياً بتعيين معالي الشيخة لبنى القاسمي وزيرة للاقتصاد والتجارة لتكون أول إماراتية تشغل منصباً وزارياً، ثم توالت القرارات والإنجازات التي عززت من شأن المرأة الإماراتية، وصولاً إلى الإنجاز الأكبر وهو انتخاب الدكتورة أمل القبيسي رئيسة للمجلس الوطني الاتحادي خلال فصله التشريعي الـ 16، لتصبح أول عربية تصل إلى رئاسة «برلمان»، كما أصبح لدينا 9 وزيرات في الحكومة، بينهن أصغر وزيرة في العالم، معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب والتي تولت المنصب، وهي في عمر 22 عاماً.
تقول المهندسة عزة سليمان العضو السابق في المجلس الوطني الاتحادي: تجربة المرأة نضجت بفعل استراتيجية التمكين التي تتبناها قيادتنا الحكيمة، والدعم اللا محدود الذي تقدمه سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، «أم الإمارات»
حيث أصبح للإماراتية تأثير ليس على مستوى الإنجازات الوطنية فقط، ولكن على مستوى خارطة التأثير العالمية، وهو أمر لا نقوله نحن، بل تقوله قوائم أبرز النساء في مجال الأعمال والقيادة سواء في المنطقة أو العالم.
وأشارت إلى أن الإماراتية على معرفة بحقيقة وقيمة دورها والتأثير الذي يجب أن تُحدثه في المستقبل، ويعود الفضل لذلك لقيادتنا الرشيدة التي غيرت النظرة التقليدية لدور المرأة، وأوجدت بيئة فريدة محفزة للإيجابية والابتكار والسعادة ولم تترك فرصة لتقديم الدعم للمرأة إلا أوجدتها، لِذا فرصتنا كمواطنات لتحقيق ذاتنا وخدمة وطننا تفوق مثيلاتنا في أكثر دول العالم تطوراً، لافتة إلى أن المرحلة الحالية هي فترة تتويج للإنجازات التي تحققت، فتمكين المجتمع بالمرأة حاضر في واقعنا بإنجازات تفوق أكثر دول العالم سبقاً في التمكين السياسي والاجتماعي.
وأكدت سارة فلكناز، عضو المجلس الوطني الاتحادي، أن الإماراتية مؤثرة بصورة واضحة في المشهد السياسي والاقتصادي والقضائي والدبلوماسي والتمثيل الخارجي وغيرها، وتتبوأ الصدارة العالمية من حيث المكانة والأدوار التي تقوم بها، محلياً وإقليمياً ودولياً، حيث برزت المرأة في عدة مجالات وحققت مراكز أولى، في الوقت الحالي، وتنتظرها نجاحات أكبر في المستقبل، حيث تلعب دوراً مهما في تصنيع الأقمار الصناعية ولها مساهماتها وبحوثها في العلوم الفضائية، فضلاً عن انجازاتها في كل المجالات فهي طبيبة ومهندسة وطيارة وبرلمانية ووزيرة وقاضية ومعلمة وممرضة ورسامة وإعلامية، وفي نفس الوقت تنهض الإماراتية مهما كان منصبها بواجباتها ومسؤولياتها نحو أسرتها وترعى أبناءها وتساهم في خدمة المجتمع.
أحلامهن تتجاوز حدود الوطن.. الهيئات الأممية محطتنا القادمة
حققت المرأة الإماراتية نجاحات كبرى في مختلف القطاعات والوظائف، حتى باتت التجربة الإماراتية في دعم المرأة نموذجاً يُحتذى إقليمياً وعالمياً، وانطلاقاً من قناعة تامة بضرورة المحافظة على الإنجازات التي تحققت، وأهمية البناء عليها والإضافة إليها، تدخل الإماراتيات، الخمسين بقائمة أحلام كبيرة تتصدرها المشاركة في صنع القرار العالمي.
أكدت خولة الملا، الأمين العام للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، أنه لا حدود لسقف التطلعات لدى المرأة الإماراتية، انطلاقا من رؤى الدولة، التي تخص بنات الوطن بجل اهتمامها، مشيرة إلى أن المرأة الإماراتية تتطلع لنجاحات على نطاق أعلى، وإنجازات أكبر خارج حدود الوطن، تشمل المشاركة في صنع القرار العالمي، والتأثير في القرارات الدولية التي تمس الإنسانية، فبعد مرور قرابة 50 عاماً من عمر تجربتها الزاهرة يحق للمرأة الإماراتية أن تسعى لتحقيق هذه التطلعات، وأن تكون مصدراً مؤثراً في صناعة القرار على المستوى الأممي، مؤكدة أنه سيكون لها الأثر الكبير، في تحقيق التوازن في الجانب الاجتماعي والإنساني الذي لا يقل أهمية عن المجالات الأخرى. وأضافت: «إن المرأة الإماراتية تملك المقومات التي تؤهلها لذلك، وستعكس صورة ايجابية ناصعة وواقعية لمجتمع الإمارات المتطور دون التخلي عن الهوية الوطنية والعربية والإسلامية».
بدورها، ذكرت نجلاء المدفع المدير التنفيذي لشركة «شراع»، أن الإماراتية استطاعت أن تثبت جدارتها في مختلف المجالات، ومن بينها التكنولوجيا والأعمال والعلوم وهي مجالات المستقبل، والإماراتيات مستمرات في بذل الجهد حتى تتحقق للدولة المكانة التي تستحقها في مصاف الدول العالمية الكبرى، مشيرة إلى أن المرأة تسعى دائماً لتحقيق الأفضل، وذلك ضمن توجهات الدولة ووفق سياسات الحكومة الرشيدة التي دعمت المرأة في جميع المجالات وبمختلف الأشكال.
ولفتت إلى أن المشاركة في مؤتمرات ومنتديات عالمية وإقليمية ومحلية في الدولة، يبرز دور المرأة الإماراتية بشكل كبير، ويكسبها خبرات عالمية، من خلال الاحتكاك بأصحاب الخبرات العالمية في المجال الاقتصادي والتكنولوجي وغيرها.
وتقول مستشارة البحوث في الأرشيف الوطني الدكتورة عائشة بالخير: المرأة الإماراتية صاحبة تاريخ وحضارة وحكمة، ونجحت في التفاعل مع سياسة التمكين، وحققت نجاحات في كل المجالات حتى تحققت لها الريادة، وفي الخمسين عاماً المقبلة مطلوب منها أن تواصل رحلتها على كل المسارات، مشيرة إلى أن العصر القادم هو عصر التحولات، لذا على الإماراتية أن تواصل العمل باجتهاد حتى تظل في الصفوف الأولى على المستوى العالمي.
23 ألف سيدة أعمال يستثمرن 50 مليار درهم
انطلق العمل النسائي بالإمارات في فبراير 1973، عندما تأسست جمعية نهضة المرأة الظبيانية، لتكون أول تجمع نسائي في دولة الإمارات، وتوالى بعد ذلك إنشاء الجمعيات في مختلف إمارات الدولة، ومنذ ذلك الحين أطلقت الدولة عدداً من المبادرات لتمكين المرأة، ففي ديسمبر 2012، أصدرت الحكومة قراراً يلزم بعضوية المرأة الإماراتية في مجالس إدارة الهيئات والشركات والمؤسسات الاتحادية.
وتمتلك المرأة في دولة الإمارات حقوقاً متساوية في الموارد الاقتصادية، وكذلك إمكانية حصولها على حق الملكية، وتلعب المرأة الإماراتية في أدوارا مهمة في القطاع الخاص، بما في ذلك مناصب إدارية متقدمة ورائدات للمشاريع، ويوجد في الإمارات 23 ألف سيدة أعمال مواطنة، يمتلكن مشاريع تجارية تتجاوز قيمتها 50 مليار درهم، وتشكل سيدات أعمال الإمارات نحو 21% من إجمالي سيدات الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي وهي النسبة الأعلى بين دول المجلس.
تقول مريم راشد بن الشيخ مدير العضوية والخدمات في مجلس سيدات أعمال الشارقة: إن دور المرأة أصبح مهماً في المجال الاقتصادي، حيث تستحوذ حاليا على نسبة جيدة من الأعمال وخاصة في القطاع الخاص، لا سيما أنها أصبحت منافس كبير في السوق المحلية، وهذا التنافس في تزايد مستمر، ويساهم في تعميق تجربة سيدات الاعمال الإماراتيات، ويرتقي بهن إلى مستوى العالمية، وسيحقق إنجازات أكبر خلال سنوات القليلة القادمة.
وتضمنت قائمة كشفت عنها مجلة «فوربس الشرق الأوسط» مؤخراً لأفضل سيدات الأعمال في العالم العربي 18 سيدة أعمال إماراتية، ووصفتهن بأقوى السيدات العربيات، وهو ما يؤكد تصدر المرأة الإماراتية المشهد الاقليمي والعالمي، ووصولها إلى أعلى المراتب بدعم وتأييد القيادة والحكومة الرشيدة، في المجالات الحكومية، والاقتصادية، والمجتمعية، والفنية والرياضية، وغيرها.
ريادة
في أبريل 2015، حلت الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر احترام المرأة ضمن تقرير أعده فريق من الخبراء العالميين يختص بقياس التطور الاجتماعي في مختلف دول العالم. وتنافس المرأة في الإمارات وبجدارة على الصدارة في مجالس الإدارات، ومن المتوقع أن تستمر الدولة في الريادة العالمية خلال السنوات المقبلة في ظل الصعود المتنامي للعنصر النسائي، وتهتم الدولة بتأمين فرص عمل للمرأة، إذ تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن النساء يشغلن نحو %66 من الوظائف الحكومية في الدولة ونحو 37.5% في القطاع المصرفي.
أكاديميات: نصون هوية جيل الغد
قالت أستاذة قسم التاريخ والآثار في جامعة الإمارات الدكتورة فاطمة الصايغ: إن مسؤوليات المرأة الإماراتية منذ القدم لم تكن هينة على الإطلاق، فهي ليست امرأة المصادفات، بل هي رمز العطاء والدأب والإصرار، الإماراتية أدارت حياة بأكملها، وضربت المثل والقدوة رغم قلة سبل التعليم في السابق، لكنها بفضل إدراكها الفطري لمهامهما غدت النموذج الفائق في كل شيء.
وأضافت أن الدور المنوط بالمرأة الإماراتية في غضون الخمسين عاماً المقبلة استثنائي وبالغ الأهمية، إذ تنتظرها تحديات كبيرة أهمها رعاية الأسرة والحفاظ على تماسكها، والحفاظ على جملة العادات والتقاليد، ومن ثم ترسيخها في نفوس أبنائها، والحفاظ أيضاً على الهوية الوطنية وتأصيلها في نفوس الأجيال، والعمل على الصعود بالأسرة من خلال شقين، الأول يرتبط بالقيم المتوارثة، والثاني مجاراة العصر والتأقلم مع التطورات الحضارية والإنسانية في المستقبل.
ولا تخفي الأستاذ المساعد بكلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة كريمة الشوملي إيمانها العميق بقدرة المرأة الإماراتية على الاستفادة من موروثها الحضاري، وتاريخها المضيء لتملأ صفحات المستقبل بالحكمة، والإبداع والابتكار، وهي تعبر الأيام والسنين باتجاه الغد المأمول محلقة شامخة حتى تظل مثلاً وقيمة في كل العصور.
وتذكر نائب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الهنوف محمد أن دور المرأة في الأسرة وتماسكها ينبع من قيمها الثقافية ومدى قدرتها على التعاطي مع التغير الهائل في منظومة القيم، والتطور الهائل في الحياة التكنولوجية، لتكون حائط صد ضد المتغيرات السلبية، وأن تعمل على تجذير العلاقات الأسرية، وبث روح التعاطف الإنساني.
التكنولوجيا تفتح أبواب المستقبل
استطلعت «الاتحاد» آراء عدد من سيدات المجتمع حول تطلعاتهن المستقبلية، فقالت فرزانة أحمد موظفة في محاكم دبي: أنتمي إلى جيل الشباب المحظوظ بما حصل عليه من اهتمام، مشيرة إلى أن الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة أوجدت أطرا تشريعية ومؤسسية داعمة للمرأة تدعمها في انطلاقتها الجديدة نحو المستقبل.
وتضيف آمنة الظفيري موظفة في الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية: الإماراتية حظيت بكل ما تصبو إليه بفضل السياسات الحكيمة للقيادة الرشيدة، وانخرطت في مجالات غير تقليدية، كالطيران والعسكرية والشرطة والقضاء، ما يحفزها لمزيد من النجاح مستقبلا.
وقالت مريم زيد: في عصر الذكاء الاصطناعي، قد تضطر المرأة للانتقال من مهنتها إلى أخرى أعلى مهارة، لذلك تحتاج المرأة لفرص تناسب التحولات الحالية في هذا العصر، تشمل العمل عن بعد على سبيل المثال.
وأكدت آمنة السلامي: أنه يجب أن تنخرط المرأة أكثر في التكنولوجيا، فمن خلالها يمكنها تحقيق إنجازات أكبر في الخمسين الجديدة، كما أن احتراف التقنيات يفتح مجالات ويتيح فرصا اقتصادية أكبر في المستقبل.
ولفتت منال أحمد وفتحية المزروعي إلى أن المبادرات التي تنفذها الدولة جعلت الإمارات نموذجاً فريداً في دعم المرأة، وعلى بنات الوطن مواصلة الجهود لمواكبة التطورات، مع استحداث مسارات عمل خاصة للنساء في العلوم والتكنولوجيا والهندسة.
وأشارت مروة الحمادي إلى أن ربة المنزل، والتي يصعب عليها شغل وظيفة ثابتة تستحق شكلا مختلفا من الدعم، قد يكون راتباً شهرياً أو عملا مرنا من المنزل.
وأكدت سارة العبدولي أن الإماراتية حققت إنجازات ملحوظة في مختلف المجالات، ومطلوب منها بذل المزيد من الجهود لحماية وتعزيز ما حققته من نجاحات.