شريف عادل (واشنطن)

بعد التراجعات الكبيرة في أسعار الأسهم الأميركية، على خلفية انتشار فيروس كورونا الجديد، وارتفاع عدد ضحاياه داخل الصين وخارجها، رضخ بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) للضغوط المطالبة بتخفيض معدل الفائدة على أمواله، في محاولة لإنقاذ سوق الأسهم التي تكبدت خسائر فادحة على مدار آخر أسبوعين، فخفض الفائدة 0.5%، أمس الأول، وهي المرة الأولى التي يجري فيها البنك تعديل للفائدة في غير موعد انعقاد اجتماعاته منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، ليصل إلى نطاق 1-1.25%.
وعلى رغم الخطوة السابقة للتوقعات التي جاءت بعد ساعات قليلة من إعلان البنوك المركزية في 7 اقتصادات كبرى عزمها التدخل للتعامل مع الأزمة، لم تنتعش الأسهم إلا لسبع دقائق فقط، قبل أن تتراجع تحت ضغوط بيعية، لينتهي اليوم على خسائر كبيرة، تقترب من 3% لأهم مؤشرات الأسهم الأميركية. وعلى نحوٍ متصل، انخفض معدل العائد على سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات، نتيجة لتكالب المستثمرين عليها باعتبارها الملاذ الآمن ضد أهوال سوق الأسهم، إلى أقل من 1%، لأول مرة في تاريخه ومتراجعاً بما يقرب من تسعين نقطة أساس عن مستواه في بداية العام الحالي!
وبعد أن استنفد البنك الفيدرالي ما يقرب من ثلث ما في جعبته، بإجراء أكبر تخفيض لمعدلات الفائدة منذ الأزمة المالية العالمية، دون تحقيق أي نتائج إيجابية، تساءل الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان، الذي قال قبل يومين إن التوصل إلى تطعيم ضد الفيروس القاتل سيكون تأثيره على الأسواق أفضل من تخفيض معدلات الفائدة، إذا ما كان «رد فعل الأسواق دليلاً على أنها تبالغ في توقعها للدور الذي يمكن لصانعي السياسات لعبه» في الأزمة الحالية.
واعتبر العريان أن انخفاض العائد على سندات الخزانة يعد انعكاساً لتوقعات بقيام البنك الفيدرالي بإجراء تخفيضات أخرى خلال الأسابيع القادمة. وأكد العريان أن السبب في عدم تحقيق خطوة البنك ما كان مرجواً هو «زيادة التوقعات بتدهور حالة الشركات والاقتصاد، مع زيادة الدلائل على عدم فاعلية سياسات البنوك المركزية».
ومن جانبه، اعتبر نايجل ديسوزو، المحلل الاقتصادي المختص في سوق الأسهم، أن السبب في استمرار انخفاض أسعار الأسهم رغم تخفيض معدلات الفائدة هو أن تخفيض معدلات الفائدة، من وجهة نظره، قد يحل مشكلة اقتصادية، إلا أن المشكلة الحالية مشكلة صحية، مضيفاً أن «بيان رئيس البنك يوحي بعدم وجود نية لاستخدام أي أدوات أخرى حالياً».
وفي رسالة إلى كبار عملائه، برر سباستيان جالي، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي بشركة نورديا لإدارة الأصول، سلبية رد فعل الأسواق تجاه قرار تخفيض الفائدة بأنه ترجمة حقيقية للقول المشهور «اشتر الأسهم عند سماع الشائعة، وبعها عند تحققها»، وهو ما حدث بالفعل، حيث ارتفعت الأسهم يوم الاثنين بعد سماع شائعات تدخل البنوك المركزية، ثم انخفضت يوم الثلاثاء بعد تنفيذ القرار. وأكد جالي توقعه استمرار التذبذبات الكبيرة في الأسواق خلال الأسبوعين القادمين.