كيف نُطوِّر ذكاء الأطفال
يرتبط الذكاء الإنساني بوجود عدد من القدرات الشخصية مثل القدرات اللفظية وسهولة استعمال الكلمات والقدرات الحسابية وإدراك المتشابهات والأمور المختلفة وقوة الذاكرة والقدرات البصرية والحسية الأخرى، إضافة إلى التناسق العصبي الحركي العضلي وغير ذلك· وهذه القدرات مرتبطة بالبنية العضوية الوراثية للفرد، ولكن الظروف التربوية والاجتماعية لها دور مهم في تطور الذكاء وزيادته وأيضا في خموده وتعطله·
والتخلف العقلي أو بطء التعلم ينتشر في معظم المجتمعات وتقيس اختبارات الذكاء المتعددة جملة من القدرات العقلية للفرد وهي تعطي مفهوما تقريبيا عن ذكائه· ومما لا شك فيه أن ما تقيسه اختبارات الذكاء لا يعكس قدرات الشخص التكيفية ومدى نجاحه في حياته العملية·· كما أن الذكاء نفسه له أنواع ومجالات مثل الذكاء الانفعالي (العاطفي) والذكاء الاجتماعي وغير ذلك· وإذا تحدثنا عن مستوى الذكاء العام في مجتمعاتنا نجد أن جميع الشعوب متشابهة عموما من حيث وجود التخلف العقلي بين أفرادها، ووجود الذكاء المتوسط، وأيضا وجود الذكاء المتفوق المتميز· ومما لاشك فيه أن التعليم والتدريب منذ الصغر يزيد من مستوى الذكاء وكذلك الرعاية الصحية والبدنية إضافة للاستقرار النفسي والاجتماعي، وذلك لأن كل ما يؤثر على الجهاز العصبي سلبيا يقلل من تركيز الذهن او من الانتباه، من خلال ارتفاع درجات القلق والتوتر، أو اجترار الآلام والمشكلات، أو من خلال الضعف الجسمي ونقص التغذية، وكل ذلك يؤثر على القدرات العقلية وتطورها·
كما أن أساليب التربية والتعليم التي تشجع الفرد وتنمي مواهبه وحريته وتشجعه على البحث والسؤال والنقد والمراجعة وتكسبه الثقة بالنفس، تزيد من قدرات الفرد ومن تحصيله وذكائه، بينما تؤدي أساليب الضغط والإكراه والتلقين والحفظ إلى عكس ذلك· وتشجيع الموهوبين موضوع مهم في العصر الحالي، وتجرى كثير من الدراسات للتعرف على أفضل الطرق في تنمية المواهب وفي تسهيل الظروف أمام تقدم العقلية الابتكارية الإبداعية والتي يمكن أن ينعكس مردودها على المجتمع عموما· ومن ذلك إعداد البرامج الدراسية الخاصة للأشخاص المتفوقين وتزويدهم بالمواد الأولية والحوافز والألعاب الخاصة، والتأكيد على التشجيع المنظم في مختلف المراحل الدراسية والعملية، وتشجيع النقد الذاتي والجماعي وغير ذلك· ولا تزال الأبحاث جارية في مجال التعرف على الأطفال الموهوبين وذوي القدرات الخاصة لتنمية ما عندهم· ولا بد من القول إن القدرة على الابتكار والتجديد والاختراع تتضمن سعة المعرفة والاطلاع، وأيضا تتضمن ازدياد النشاط التخيلي والتجريب والبحث وتوافر الإمكانات العملية والأدوات المناسبة، إضافة إلى وجود درجة مقبولة من الذكاء العام والثقة بالنفس·· ولا بد من التأكيد على توفير مثل هذه الأساليب في العملية التربوية منذ الصغر، ابتداء بالبنية المنزلية ومرورا بالبيئة المدرسية والاجتماعية والعملية·
هدى جمعة الحوسني