مقياس النجاح الحقيقي
سألت أحد الشباب عن كلمة ناجح وهل ترافقها دائماً ''مبروك''، فكان الجواب بالإيجاب، فقلت له ''بم نقيس مدى النجاح''؟ فأوحى إليّ من خلال لغة الاشارة انه يريد الاستيضاح أكثر، أو بمعنى آخر ان السؤال بهذه الطريقة يحتاج لجواب فلسفي بحت، وانه لا يجيد لغة التخاطب بهذه الطريقة ''ولا يحب الفلسفة''، ولم يدرك الشاب ان الفلسفة أصل العلم والمعرفة·
كانت الرغبة واضحة لدى الشاب بتغيير نمط السؤال لتكون الاجابة كافية وشافية، فغيرت السؤال وقلت: كلمة النجاح تطلق على من؟ فكان الجواب ان النجاح يطلق على الناجح في ''دراسته وعمله''·· وأنا أبحث هنا عن الاجابة من القارئ·
النجاح أيها السادة الكرام ليس مصطلحا متقوقعا على تعريف معين، أو لقب يطلق على فئة دون أخرى، لأن حصر النجاح على المجال الأكاديمي والمهني وتجاهل الجوانب الأخرى من الحياة الإنسانية ''مفهوم خاطئ''·
النجاح هو منظومة تكامل على كل الجوانب الحياتية، يعني باختصار الارتقاء والقدرة على تحقيق نموذج للمثالية في شتى مجالات الحياة قدر المستطاع· ولكن تسطيح العقول وغياب الإدراك للمفاهيم بمعناها الشمولي جعلنا نرى النجاح من زاوية الرؤية الضيقة التي لا تتخطى حواجز الأكاديمية والمهنية، ففي تصوري الشخصي والمنحاز هنا وبكل صراحة للذين لم يحالفهم الحظ في المجال الأكاديمي والمهني، ان النجاح عملية كفاح واثبات للذات في كل نواحي الحياة الاجتماعية والسلوكية والوظيفية وكذلك العاطفية·
أما الناجح أكاديمياً والفاشل اجتماعياً فهذا عنصر خامل لا يؤثر في المحيط ولا يتأثر به ولا يعتبر انسانا ناجحا بالمعنى الحقيقي لمفهوم النجاح· وكذلك الناجح مهنياً الذي لا يجيد التعامل مع الآخر فهذا إنسان يقدس المسمى الوظيفي ويجهل ان الأداء الوظيفي لا يرتقي الا بإتقان ثقافة التعامل·
ومن وجهة نظري أن هذا الشخص فاشل وعاجز بامتياز·· أقول لمن لم ينجح دراسياً أو مهنياً: انظر للأفق لأن النجاح لا يعرف الاحتكار فهناك مجالات أخرى بمقدرتك ان تثبت ذاتك فيها وتخلد تواجدك بصفحات مشرقة، يكون عنوانك فيها ''نجاح وحضور ورقي''·
علي عبد الله