الهند تعيد النظر في المحاصيل المعدلة وراثياً
أثار الباذنجان بلونه البنفسجي جدلاً واسعاً حول إمكانية زراعة المحاصيل المعدلة وراثياً في الهند. ويعتبر الباذنجان وبتعديله الوراثي الجزئي، أول محصول غذائي تتم زراعته في الهند وذلك سعياً وراء استقرار أسعار المواد الغذائية وتخفيف بعض آثار التغير المناخي على عائدات المحاصيل الغذائية في الهند.
وأجل جايرام راميش وزير البيئة الهندي طرح الباذنجان في الأسواق في أعقاب الاعتراضات الكبيرة من قبل بعض مناصري البيئة والمزارعين. وارتفعت حدة المعارضة على زراعة هذه المحاصيل للحد الذي قام معه المتظاهرون بحرق بعض النُصب التذكارية. ويقول الوزير الهندي إنه ليس هنالك ثقة جماهيرية كافية تدعم إدخال مثل هذه المحاصيل في دائرة المواد الغذائية الهندية، لحين القيام بأبحاث إضافية تزيح شكوك المخاطر التي تتعلق بالمحاصيل المعدلة وراثياً. وفي الوقت الذي يحتفي فيه مناصرو البيئة بمعارضة زراعة هذه المحاصيل، هنالك اهتمامات تقول إن أسعار المواد الغذائية المتزايدة، ستشكل مشكلة كبيرة لصناع القرار في الهند مستقبلاً، ما لم تتجه الدولة نحو تبني المحاصيل المعدلة وراثياً.
ويقول كاميشوار راو، أحد المسؤولين في مؤسسة التوعية والتعليم للتقنية الحيوية والتي تدافع عن المحاصيل المعدلة وراثياً: “تمثل هذه الاعتراضات خطراً حقيقياً على المستقبل الزراعي والتقني الحيوي في البلاد”. كما فقد العلماء مصداقيتهم، وكذلك الشركات رغبتها في الاستثمار، ويلزمنا وقت طويل لرتق هذه الشروخ، ولا يمكن للعلماء أن يكسبوا حرباً كلامية ضد المسؤولين في الحكومة”. ويتمتع الباذنجان المعدل وراثياً بمقاومته لبعض الآفات التي تقضي على المحاصيل في الهند، وذلك نسبة للجينات الكائنة في بكتيريا التربة والمعروفة باسم بي تي، اختصاراً لـ “باسيلوس تيورنج سيس”.
ويثير استهلاك بعض المحاصيل المعدلة وراثياً القلق في أوساط المستهلكين والذين يفضلون المحاصيل العضوية عليها. ويجئ تأجيل طرح الباذنجان المعدل في الأسواق نتيجة للانتقادات الواسعة من قبل مناصري البيئة والمزارعين الذين يطالبون بإجراء اختبارات حقيقية قبل حصاد المحصول. وفتحت اللجنة الهندية الخاصة بتصاريح المحاصيل المعدلة وراثياً، الطريق أمام عملية الحصاد التجاري للباذنجان المعدل في أكتوبر الماضي، وذلك بعد سبعة أعوام من التصديق على زراعة القطن المعدل وراثياً والذي يمثل 80 بالمئة من مجموع مساحة القطن المزروعة في الهند الآن.
ويعود الفضل في أن تصبح الهند ثاني أكبر دولة منتجة ومصدرة للقطن في العالم بعد الصين، لهذا القطن المعدل. كما تعتبر الهند أيضاً ثاني أكبر دولة منتجة للباذنجان بعد الصين. ومن المعروف أن الباذنجان يدخل في تطبيقات الطب الشعبي لمعالجة السكري وضغط الدم. ويزرع نحو 1,4 مليون مزارع الباذنجان المعرض للآفات، والذي يتم رشه بالمبيدات نحو 30 إلى 50 مرة كل دورة زراعية. ويدعم بعض المزارعين زراعة الباذنجان المعدل إيماناً منهم بأن ذلك يزيد من الإنتاج ويقلل من التكلفة التي تذهب في شراء المبيدات والتي لا تخلو من جلب المرض للمستهلك.
وبالرغم من أن تكلفة البذور المعدلة تزيد ثلاث مرات على البذور العادية وأن على المزارعين شراؤها في كل مرة، حيث لا يمكنهم استخدام بذور الباذنجان المحسنة مرة أخرى، إلا أن المؤيدين يقولون إن المصاريف الإضافية يمكن تعويضها من خلال خفض تكلفة المبيدات ومن ثم من عدم تعرض المحصول نفسه للتلف. ويعد الاتساع في توفير المواد الغذائية ضرورة تفرضها حقيقة العدد السكاني الذي يقدر بمليار نسمة مع احتمالات أن يبلغ 1.4 مليار بحلول عام 2025.
وذكرت منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة بأن هنالك حاجة لمضاعفة إنتاج الغذاء بحلول منتصف القرن الحالي وذلك للإيفاء بطلب العدد السكاني المتزايد. وتنادي المنظمة بثورة خضراء ثانية، حيث قدمت الثورة الأولى في ستينيات القرن الماضي البذور ذات الإنتاجية العالية، وتقنيات الفلاحة الحديثة.
وتتمسك مؤسسة “جرين بيس” البيئية برأيها القائل إن المحاصيل المعدلة وراثياً ما هي إلا وسيلة لإلهاء الناس عن القضاء على الجوع عبر محاربة الفقر، ومساعدة صغار التجار في البلدان النامية على بيع منتجاتهم الزراعية.
وساعدت مجموعة من العوامل مثل تغيير الأنماط الغذائية، وزيادة عدد السكان، والمطالبة بالأراضي الزراعية لتحويلها لصناعية، وارتفاع أسعار الطاقة، في رفع أسعار المواد الغذائية عالمياً، بما في ذلك الهند والتي ارتفع مؤشر الغذاء فيها إلى 17.56 بالمئة في غضون 12 شهراً حتى 23 يناير الماضي. وتعاني الهند من انخفاض عائدات المحاصيل وزيادة الآفات وأمراض النباتات نسبة لارتفاع درجات الحرارة هناك مما يثير اهتمامات أن الناتج الزراعي في الهند قد لا يفي بالطلب، ومن ثم تصبح الهند من أكبر مستوردي المواد الغذائية ما لم تكن هناك زيادة ملحوظة في عائدات المحاصيل.
عن “إنترناشيونال هيرالد تريبيون”
المصدر: أبوظبي