لم تعد الشركات الألمانية تخصص سيارات فارهة عالية الأوكتين لموظفيها بل أضحت في ظل قوانين الحفاظ على البيئة تتوجه إلى السيارات “الخضراء”. وبسبب ضغوط قوانين تقليص انبعاثات الكربون اضطرت الشركات الألمانية “بي ام دبليو” و”مرسيدس” و”أودي” إلى طرح سيارات اقتصادية من حيث استهلاك الوقود لاستخدام الموظفين. وفي ألمانيا ليست المكافأة أو المكتب اللذان يفتخر بهما الموظف بل سيارته. فهي التي تشير إلى المكانة التي بلغها الموظف وإلى درجته في السلم الوظيفي. ومن المعتاد أن يحصل موظف الادارة المتوسطة على “فولكس فاجن باسات”، أما مديرو الادارة العليا فيحصلون على مرسيدس فئة “إس”. وكانت ثقافة سيارة الشركة في ألمانيا حتى وقت قريب تفتح مجالاً كبيراً ومستمراً لنشاط مصنعي السيارات المحليين. وهو ما ينطبق بصفة خاصة على الماركات الفاخرة مثل “بي ام دبليو” و”مرسيدس” (من دايملر) و”أودي” (من فولكس فاجن) والتي تشكل من 60 إلى 75 في المئة من مبيعاتها في ألمانيا من أساطيل سيارات الشركات بحسب إحصائيات “كريدي سويس”. وتمثل سيارات الشركات نحو نصف مبيعات السيارات في أوروبا. ومع ذلك يتزايد استخدام الشركات الألمانية للسيارات ليس كميزة للموظف فقط ولكن أيضاً كطريقة واضحة للجميع تثبت التزام الشركات بعدم الإضرار بالبيئة. والكثير من الشركات تلزم موظفيها بالحصول على سيارات تقلص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وهناك شركات ألمانية تتخلص من طرز السيارات الكبرى ذات القدرات العالية. فليس أمام مديري شركة “ميونيخ” لإعادة التأمين الكبرى مثلاً إلا اختيار سيارات تفي بمعايير انبعاثات الاتحاد الأوروبي الجديدة. ولا يحصل موظفو دويتش بنك على مكافأة سنوية تبلغ 200 يورو لاختيارهم سيارات تفي بهذه المعايير. كما قامت شركة الطاقة العملاقة “ار دبليو إي” العام الماضي بشطب عدد من السيارات الفارهة ذات المحركات الكبيرة التي لا تفي بالمعايير البيئية الصارمة من قائمة سياراتها. كما استبدل مدير تنفيذي شركة جورجن جروسمان سيارته مرسيدس فئة اس بسيارة أصغر فئة إلى العام الماضي وهو يقود الآن نسخة كهربائية من السيارة سمارت الصغيرة من إنتاج “دايملر”. وتهدف “آر دبليو إي إى” تقليص انبعاثات كربون أسطول سياراتها البالغ عدده 10000 سيارة بنسبة 20 في المئة بحلول عام 2012. كما تسعى “سيمنز” إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون اسطول سيارات مديريها البالغ عددها 2500 سيارة إلى 120 جرام في الكيلومتر في المتوسط أو ما يعادل 10000 طن اجمالاً بحلول عام 2015. ولتشجيع ذلك فهي تمنح 650 يورو كل شهر لمن يستبدل سيارة الشركة بمواصلات عامة أو باستخدامات أخرى وقد قبل نحو 250 موظفاً هذا العرض. وقد ترتب على ذلك أن خسرت مصانع السيارات الفخمة. إذ درجت سيارات الشركات على تحقيق أرباح كبرى بسبب أنها عادة تكون أكبر من السيارات الخصوصية ومزودة بإضافات أكثر وتأتي عادة بعقود صيانة وتمويل. وتستجيب بي ام دبليو ومرسيدس من خلال طرحها لنسخ أنظف وذات محركات أصغر من السيارات التقليدية المفضلة. غير أن منافسين جدداً تجد فرصة حالياً فيما كان يعتقد سابقاً أنه نشاط شبه مغلق. إذ اختيرت “فوكس” من “فورد موتور” العام الماضي ضمن أفضل 10 سيارات في ألمانيا بحسب مؤسسة “داتافورس” البحثية. كما قامت مؤخراً بيجو ستروين بمضاعفة قوتها البشرية إلى 20 مدير حسابات من أجل زيادة توسعاتها في سوق سيارات الشركات في ألمانيا. كما قالت مرسيدس إنها زادت عدد سياراتها الفخمة متوسطة المدى منخفضة الانبعاثات وتقدم فعلياً مجموعة من الطرز الفارهة الأكثر خضاراً وخصوصاً في قطاعات سياراتها الأكبر. في ذلك يقول جوتشيم شميدت نائب رئيس تنفيذي مرسيدس للمبيعات والتسويق أن ذلك يعتبر ميزة نظراً لأن العديد من الشركات المتعاملة لا تتوجه بالضرورة إلى سيارات أصغر ولكن إلى نسخ أكثر خضاراً في نفس الفئة. إذ أن من النادر أن يتحول المديرون الألمان إلى السيارات الصغيرة الأقل كماليات. يذكر أن هيكل تخصيص السيارات في معظم الشركات الألمانية يخضع لقاعدة “من يسوق ماذا” ويتبع نظام بدل نقدي يحصل عليه الموظف ليستأجر سيارة يبدأ عادة من 350 يورو في الشهر أو يختار من قائمة سيارات لطرز معينة تتوقف على درجة الموظف في سلم الشركة الوظيفي. وهناك قاعدة ضمنية في الشركات الألمانية تقول بأنه “لا يصح أن تقود سيارة أكبر من سيارة رئيسك”. عن “وول ستريت جورنال”