قادت المنافسة القوية بين شركات ووسطاء التأمين إلى هبوط الأسعار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي بنسبة تترواح بين 10 إلى 15% وسط توقعات بهبوط أكبر خلال النصف الثاني مع دخول عدد من الشركات في سباق فيما بينها لحرق الأسعار بهدف جذب السيولة وتعويض خسائر الاستثمارات، بحسب مديري شركات تأمين· وقال مسؤولون في قطاع التأمين إن أسعار التأمين في السوق المحلي تكاد تكون الأدنى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي وضع شركات التأمين في الدولة بين سندان ضعف الطلب وارتفاع الرسوم التي تطلبها شركات اعادة التأمين في الخارج· وطالب هؤلاء بتدخل السلطات التنظيمية ممثلة في هيئة التأمين لتنظيم القطاع بما يسمح بوضع ضوابط لعدم حدوث تراجعات أكبر في الأسعار خلال المرحلة المقبلة، وهو الرأي الذي اعتبره آخرون مناقضاً لنظام السوق الحر والمنافسة الذي توفره الدولة· وطالب مديرو شركات تأمين بأهمية بحث الشركات عن حلول لمواجهة التحديات التي فرضتها الأزمة المالية على صناعة التأمين المحلية والإقليمية والعالمية ومن بينها خيار الاندماج بين الشركات لتأسيس كيانات تأمينية قوية تقدر على المنافسة لا سيما أن الأسواق ما زالت بها فرص كبيرة على المديين المتوسط والبعيد· ودعا مدير إحدى شركات التأمين إلى أهمية الإسراع في تطبيق الزامية التأمين الصحي في دبي وربطة بتجديد الإقامات ورخص العمل مع التوسع في تطبيقه على المستوى الاتحادي، وهو الأمر الذي قد يحسن من أوضاع الشركات في هذه المرحلة· تفاؤل باتجاه تحقيق نمو بالرغم من هذا الوضع الذي يواجه غالبية شركات التأمين، إلا أن هناك شركات أخرى أبدت تفاؤلاً باتجاه تحقيق نمو على صعيد الاقساط المكتتبة، حيث أشار عبدالمطلب مصطفى الرئيس التنفيذي لشركة عمان للتأمين إلى أنه في أوقات الأزمات توجد الفرص، وان الشركات التي تستفيد من الكفاءات والمهارات التي لديها هي التي تستفيد من الوضع، موضحاً أن شركته نجحت في تحقيق نمو في أقساط التأمين خلال الربع الأول بلغت نسبته 20% بعد أن زادت من التركيز على النشاط الأساسي لتعويض التقلبات الحاصلة في القطاعات الاستثمارية· وأوضح مصطفى أن السوق ما يزال به كثير من الفرص للنمو خاصة مع تنشيط الأنواع التأمين التي كانت غير نشطة في السابق، مشيراً إلى أنه بالرغم من ذلك فإن الأداء بين الشركات في السوق سوف يسجل تباينات ملحوظة خاصة بين الشركات التي تتمتع بالجاهزية والقدرة على التعامل مع المتغيرات وتحويل الصعوبات إلى فرص وبين الشركات التي لا تتحرك لاقتناص هذه الفرص· بدوره، كشف أحمد أمين الكاظم العضو المنتدب والمدير العام للشركة العربية الاسكندنافية للتأمين عن وجود منافسة قوية بين شركات التأمين قادت إلى حرق أسعار العديد من المنتجات التأمينية والهبوط بها إلى مستويات جعل من أسعار التأمين في سوق الإمارات الأدنى على مستوى المنطقة والعالم· وقال إن الأسعار تراجعت خلال الفترة الأخيرة بنسب تراوحت بين 10 إلى 15% ويتوقع أن تهبط أكثر من ذلك في ظل لجوء شركات عدة لحرق الأسعار نتيجة تراجع العقود خاصة من قبل شركات الإنشاءات واتجاه الشركات إلى ترشيد الإنفاق على حساب قطاعات مثل قطاع التأمين· وأشار إلى أنه بالرغم من هذا الوضع، إلا أن الفرص تبقى موجودة، لكن المهم هو اتخاذ قرارات بشأنها مثل الإسراع في تطبيق إلزامية التأمين الطبي في دبي بعد نجاح التجربة في أبوظبي وربط ذلك بتجديد بطاقات العمل والإقامة، وان يصل ذلك إلى بقية إمارات الدولة بحيث يصبح التأمين الطبي إلزامياً على المستوى الاتحادي، وهو ما يوفر فرصاً جديدة أمام الشركات في هذه المرحلة· وضع حد لتدني الأسعار دعا الكاظم إلى ضرورة تدخل وزارة الاقتصاد وهيئة التأمين لوضع حد لتدني الأسعار بهذا الحد ومنع حدوث تراجعات أكثر خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى أهمية أن يكون هناك حد أدنى للأسعار في مجالات التأمين على الحرائق والتأمين الطبي وغيرها من المنتجات التأمينية الأخرى· وفيما توقع فريد لطفي أمين عام جمعية الإمارات للتأمين استمرار التراجع في أسعار التأمين في الأسواق المحلية بسبب حدة المنافسة على المنتجات التأمينية بعد نضوب العوائد الاستثمارية نتيجة التقلبات الحادة في الأسواق المحلية والعالمية، إلا أنه استبعد وضع حد أدنى لأسعار التأمين نتيجة اعتماد سياسة السوق المفتوح التي تنتهجها الإمارات والتي لا تضع تعرفه محددة للأسعار· وأوضح أن سعي الشركات في هذه المرحلة لاستقطاب السيولة وجذب العملاء عبر تقديم تخفيضات كبيرة في الأسعار جاء نتاج غياب ثقافة الولاء لدى العملاء في السوق المحلي من جهة وتعدد شركات التأمين والوسطاء في السوق من جهة أخرى· ولفت لطفي إلى أن شركات التأمين في الإمارات تقع حالياً بين سندان تراجع الطلب والعقود في الداخل وبين ضغوط شركات إعادة التأمين في الخارج التي تواصل رفع أسعارها لتعويض خسائرها الباهظة على الصعيد العالمي، داعياً إلى أهمية بحث الشركات عن حلول للخروج من هذه المرحلة والتي اقترح أن يكون في صدارتها مسألة الاندماج بين الشركات لخلق كيانات تأمينية قوية تقدر على المنافسة· ويلفت عبدالمطلب مصطفى في هذا الإطار إلى أهمية أن يكون الاندماج على مستوى عال بمعنى أن يكون بين شركتين قويتين وليس بين شركة كبيرة وأخرى صغيرة، حيث اعتبر أن هذا النوع من الاستحواذ قد يمثل عبئاً على الشركة الكبيرة، مقترحاً أن يكون الاندماج بين شركتين خارج نطاق الحدود الواحدة أي بين شركة محلية وأخرى خارجية للوصول إلى أسواق أبعد· وفي السياق ذاته، توقع محللون في مجال الائتمان بوكالة التقييم الائتماني ''ستاندرد اند بورز'' أن تشهد أسواق التأمين في المنطقة اندماجات بين الشركات لتشكيل كيانات تأمينية قوية، معتبرين أن التحدي الأبرز الذي يواجه القطاع حالياً هو تعدد الشركات، بالإضافة إلى عدم الإدارة الجيدة لاستثمارات الشركات في القطاعات غير التأمينية، الأمر الذي يزيد من المخاطر التي قد تتعرض لها الشركات في ضوء التطورات التي تشهدها أسواق المال والعقارات في المنطقة والعالم بسبب الأزمة العالمية· التأمين التكافلي رجح الخبراء مواصلة قطاع التأمين التكافلي النمو بمعدلات أفضل من التأمين التقليدي خلال الفترة المقبلة نظراً لارتفاع الطلب على هذه القطاع مما حدا بالشركات التقليدية إلى التحول إما للتكافل بشكل كامل أو فتح نوافذ للتأمين التكافلي لديها· وتوقع الخبراء اتجاه شركات التأمين في المنطقة إلى الاستثمار المؤسسي بعيداً عن الاستثمارات في القطاعات المحفوفة بالمخاطر، لافتين إلى عدم وجود شركة تأمين واحدة في المنطقة لديها استثمارات مؤسساتية· وقال ديفيد انطوني مدير أسواق الدين في الوكالة إن ما يعزز فرص نمو صناعة التأمين في المنطقة هو اتساع الطلب على المنتجات التأمينية خاصة في البلدان التي اعتمدت إلزامية التأمين مثل أبوظبي والمملكة العربية السعودية وإمارة دبي، لافتاً إلى أن استمرار النمو في قطاع الأعمال الذي تقوده هذه الجهات بالإضافة إلى قطر، من شأنه أن يزيد من نمو الأقساط المكتتبة هذا العام لتسجل إمارة أبوظبي نمواً في التأمين يصل إلى 10%·