التباطؤ الاقتصادي يعصف بصناعة الفراء العالمية
في الوقت الذي استمرت تعصف فيه أزمة الائتمان بالاقتصادات في جميع أنحاء العالم فقد آثر المزيد من الزبائن فيما يبدو تعليق مشترواتهم من السلع الفخمة مثل الجاكيتات والمعاطف والوشاحات المصنوعة من الجلد أو الفرو النفيس لحيوانات نادرة مثل المينك والشنشيلة·
ويقول جوزيف موريللي المدير التنفيذي لجمعية ليجند التعاونية الأميركية المتخصصة في إنتاج الفراء وبيعه بالمزاد في سياتل ''إن التباطؤ الاقتصادي الحالي أكبر عمقاً واتساعاً بكثير من سابقاته''، فقبل التباطؤ الحالي كان النمو الاقتصادي المتسارع في كل من روسيا والصين يستحدث المزيد من المستهلكين الأثرياء الذين درجوا على شراء وتملك العديد من أنواع السلع الفاخرة·
وفي عام 2007 حققت مبيعات الفراء العالمية بالتجزئة مستوى قياسياً بلغ 15 مليار دولار وفقاً لاحصائيات الاتحاد الدولي لتجارة الفراء في بريطانيا، كما يعتقد المحللون في الصناعة أن مبيعات العام 2008 حققت مستوى مماثلاً أو أعلى من ذلك·
وأدى هذا النمو الهائل في الطلب إلى رفع متوسط سعر فرو حيوان المينك الأميركي إلى مستوى قياسي يقارب 16 دولاراً وبزيادة بمعدل 33 في المئة عما كان عليه في العام الأسبق بحسب أرقام وزارة الزراعة الأميركية·
ويذكر أن الأعمال التجارية في الفراء تعود جذورها إلى قرون عديدة مضت كما ينطوي على شبكة من صغار وكبار المنتجين والحرفيين والتجار، وهي تتضمن أيضاً أعدادا من مربي حيوانات المينك في الولايات المتحدة والدنمارك وأماكن أخرى، إلى جانب العديد من دور المزادات في مدن مثل سياتل وتورنتو التي تبيع الفراء إلى التجار في جميع أنحاء العالم·
وفي ذات الوقت فقد درج الحرفيون في اليونان على حياكة وتفصيل الفراء في مختلف أنواع الملابس لعرضها في صالات الموضة في باريس أو في المتاجر الفخمة في سانت بطرسبيرج·
ولكن وفي موسم مزادات الفراء الحالي الذي انطلق قبل عدة أسابيع مضت ولا يزال مفتوحاً في ''كوبنهاجن فير'' بالدنمارك الذي يعتبر أحد أكبر دور المزادات في العالم فقد انخفضت أسعار جلد الفراء غير المدبوغ بنسبة بحوالي 30 في المئة مقارنة بما كانت عليه في العام الماضي ويلقي ساندي باركر محلل الفراء الذي ظل يتابع هذه الصناعة لأكثر من 30 عاماً باللائمة في ذلك على التباطؤ الاقتصادي·
وذلك لأن أكبر سوقين للفراء في العالم - وهما روسيا والصين - قد عمدتا مؤخراً ''إلى فرض رقابة صارمة ومشددة على تدفقات العملة الصعبة مما أدى إلى تقييد وحصر المبالغ التي درج المشترون على انفاقها في المزادات''·
وبالإضافة لذلك فإن تجارة الفراء في روسيا والتي شهدت نمواً بوتيرة متسارعة مع تكدس الثروة النفطية أخذت تعاني الأمرين من محدودية الائتمان وانخفاض أسعار النفط·
ولقد أدى تجمد تجارة الفراء الروسية إلى توجيه لطمة قاسية إلى أماكن أخرى مثل مدينة كاستوريا الصغيرة في اليونان أحد أهم مراكز تصنيع الفراء في العالم أجمع، حيث درج التجار هنا على استيراد الفرو والجلود من جميع أنحاء العالم قبل تحويلها إلى ملبوسات ووشاحات للتصدير·
وذكر مالكو شركة بي كيه زد للفراء في كاستوريا كريستوفر وماريا بابا دوبلوس أن المبيعات قد تراجعت بمعدل بحوالي 15 في المئة مما كانت عليه في العام السابق·
وفي العام الماضي عندما ارتفعت أسعار الجلود فقد قفزت أيضاً تكاليف المزودين في كل شيء ابتداءً من أغذية الحيوانات وحتى الخشب الذي يشيد به منازل حيوانات المينك·
وبالإضافة لذلك فقد تعين على المزارعين من مربي هذه الحيوانات تكثيف عمليات الأمن والحماية لمنع هجمات المجموعات الناشطة في الدفاع عن حقوق الحيوان والذين درجوا على اقتحام المزارع والافراج عن الحيوانات واعادتها إلى المناطق البرية·
لذا فقد عمد رون جينجل مربي حيوانات المينك في مزرعته في ايلينويس إلى تسوير مزرعته بالأسلاك الشائكة واستخدام نصف دستة من الكلاب الضخمة من أجل الحيلولة دون دخول المقتحمين·
وبينما انخفضت مبيعات فرو المينك فقد تراجعت أيضاً مبيعات المعدات في المزارع إذ يشير توني راسموسين مدير المبيعات في شركة هيدنستيد جروبن المصنعة لمعدات مزارع المينك في الدنمارك إلى أن المبيعات قد شهدت الانخفاض أصلاً في هذا العام بنسبة تزيد على 20 في المئة مقارنة بمستواها قبل عام من الآن، ومضى يقول ''عندما لا يتمكن مربو المينك من استدرار الأموال فلن نتمكن نحن أيضاً من تحقيق الأموال''·
ويذكر أن إنتاج فرو المينك قد تحول في العقد الماضي إلى مناطق في وراء البحار مثل الصين التي أصبحت تنتج الآن ربع الإجمالي العام من هذا الفراء، ولكن الدنمارك لا زالت تعتبر المنتج الأكبر في العالم لفرو المينك حيث تسهم بحوالي 27 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي وفقاً للأرقام الصادرة من المفوضية الأميركية العليا للفراء في كورونادو بولاية كاليفورنيا·
عن ''وول ستريت جورنال''
المصدر: أبوظبي