أحمد عبدالعزيز (أبوظبي)

أكد عبدالله خليفة الغفلي مدير المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان أن مشاريع المرحلة الثالثة تشمل إنشاء أول مستشفى متخصص في علاج أمراض القلب بمنطقة «كويتا» عاصمة إقليم بلوشستان، حيث إن هذا الإقليم الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من 12.3 مليون نسمة لا يتوافر لهم أي مستشفى لعلاج أمراض القلب، وبالتالي سيساهم في حمايتهم، وتوفير العلاج الحديث للمرضى بالقرب من مناطقهم.

إنشاء طريق رئيس
وأضاف الغفلي في تصريحات خاصة لـ «الاتحاد»، عبر الهاتف من باكستان، أنه سيتم إنشاء طريق رئيس بإقليم خيبر بختونخوا بطول 42 كيلومتراً وعرض 11.3 متر، يتخلله عدد 9 جسور، ومشروع طريق رئيس بإقليم بلوشستان بطول 65 كيلومتراً وعرض 12.3 متر يتخلله عدد 6 جسور، بغية تنمية مصادر الدخل لسكان هذه المناطق من حيث إنشاء بعض المشروعات التي تخدم عمليات نقل الرخام والصخور والمنتجات الزراعية، وتقريب المسافات بين مناطق الإنتاج وأماكن التوزيع والتصدير للخارج، أما في مجال الزراعة فسيتم إنشاء أول مصنع للتمور في جمهورية باكستان الإسلامية لمساعدة المزارعين على تسويق منتجاتهم ودعم قطاع الزراعة وتطوير هذا المنتج وفق أحدث المواصفات التسويقية، حيث إن باكستان السادسة عالمياً في إنتاج التمور وعلى الرغم من ذلك لا يوجد مصنع حديث لإنتاج التمور وتصديرها.

إنشاء كلية تعليمية
وفي مجال التعليم، أشار مدير المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، إلى أنه سيتم إنشاء كلية ملحق بها مدرستان للطلاب والطالبات بإقليم بلوشستان لتوفير بيئة تعليمية حديثة لأكثر من 1500 طالب من أبناء الإقليم، وفي مجال الصحة سيتم إنشاء وصيانة 7 مشاريع صحية حديثة، أبرزها مشروع بناء وتجهيز مستشفى أمراض القلب بمدينة كويتا عاصمة إقليم بلوشستان، وهو المستشفى الأول من نوعه بالإقليم، كما سيتم إنشاء 29 مشروعاً لتوفير وإمداد المياه للقرى والمدن التي تعاني صعوبات الحصول على المياه النقية والنظيفة.

نهج زايد
وأكد الغفلي أن العمل الإنساني والمشروعات التنموية التي ينفذها المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، امتداد وتواصل لرؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ونهجه الإنساني الشامل الذي غرس بذرته منذ أكثر من 52 عاماً، وتحديداً في عام 1967، حيث بدأت المبادرات الإنسانية للمغفور له في باكستان والتي تستكملها اليوم القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.
وأوضح أنه تم البدء في تنفيذ 40 مشروعاً تنموياً في جمهورية باكستان الإسلامية في إطار المرحلة الثالثة من مراحل المشروع الذي تأسس في عام 2011، وأشار إلى أنه وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وبدعم من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، تم اعتماد خطة تنفيذ هذه المشاريع بتكلفة 736 مليون درهم (200 مليون دولار أميركي)، يتم تمويلها من قبل صندوق أبوظبي للتنمية.

دراسة المشروعات
وقال الغفلي: إن المشروعات الجديدة من المتوقع إنجازها في مدة 18 شهراً، بحيث يتم الانتهاء منها خلال عام 2020، حسب الخطة الزمنية المعتمدة للإنجاز، وأضاف: «المشروعات يتم تنفيذها بناءً على دراسات جغرافية تم إعدادها ومبنية على أسس صحيحة لتوزيع المشروعات على المناطق التي تعاني بشدة نقص الخدمات الأساسية، ومرافق البنية التحتية فيها، حيث تم تحديد أهم الاحتياجات الأساسية لسكان هذه المناطق في مجالات التعليم والصحة والمياه والبنية التحتية والمشروعات التي تخدم المجال الاقتصادي والزراعي».
وأضاف أن هذه المشاريع تحمل الصفة الإنسانية والتنموية، وتهدف إلى مساعدة أبناء باكستان في المناطق الفقيرة والنائية بتطوير مناطقهم، وتوفير الخدمات الأساسية والضرورية لهم، مع تميزها بصفة الاستدامة وأيضاً الشمولية للسكان المستفيدين في مناطق المشاريع بوجه خاص وفي بقية المناطق القريبة بوجه عام.

المرحلتان الأولى والثانية
وأشار الغفلي إلى أن مشاريع المرحلتين الأولى والثانية شملت 165 مشروعاً أنجزت جميعها، وحققت خلال السنوات الماضية الكثير من الأهداف المنشودة لها، لافتاً إلى أن المساعدات لم تغفل الجانب التعليمي، حيث إن أكثر المناطق بحاجة إلى مدارس حديثة وكليات متطورة تعمل على إعداد وتأهيل نخبة من الطلاب لدخول التخصصات العليا، مثل الطب والهندسة والتخصصات الأخرى، مثل التمريض، علاوة على إنشاء معاهد حرفية لمساعدة النساء اللائي ليس لديهن مصدر دخل من الأرامل والمطلقات بتعلم حرف يدوية، مثل الخياطة والصناعات الأخرى التي يمكن تعلمها في هذه المعاهد لتمكينهن من إيجاد مصادر للدخل.
وعن الآثار الإيجابية لمساعدات الإمارات على المجتمع الباكستاني، قال الغفلي: إنه على سبيل المثال استطاعت إحدى الكليات أن تخرج أكثر من 200 طالب في عامين، التحق 52 طالباً منهم بكليات الهندسة و28 طالباً بكليات أخرى، وتوزع بقية الطلبة على تخصصات مهمة وحيوية لمستقبل باكستان، كما أن لدينا عدداً من معاهد التمريض التي بدأت في تخريج الممرضين والممرضات، مما يساهم في رفد القطاع الصحي الباكستاني بكوادر وكفاءات متميزة تساعد في توفير الرعاية الصحية بمهنية وحرفية عاليتين.
وأكد أن ما يتم تقديمه من مشاريع إنسانية حالياً في هذه المرحلة، هو نتاج ما بدأه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - لأبناء الشعب الباكستاني من مساعدات إنسانية ودعم تنموي في جميع المجالات، الذي ترك أثراً عميقاً في نفوس الباكستانيين، من المشاعر الإيجابية تجاه جهود القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة وتوجيهاتها بتنفيذ هذه المشروعات الإنسانية التي تهدف إلى تنمية الكفاءات البشرية في المستقبل، وتعزيز سبل الحياة لأبناء الشعب الباكستاني الصديق.
وأضاف أن المستشفيات التي تم بناؤها تبلغ طاقاتها الاستيعابية 1700 سرير، وتوفر الرعاية الصحية الحديثة للمراجعين في جميع مناطق باكستان، كما توفر مشروعات مياه الشرب والمياه النقية والنظيفة لأكثر من 450 ألف نسمة، وتساعد في حمايتهم من الأمراض المنتشرة بسبب المياه السطحية والملوثة، وهناك أكثر من 30 ألف طالب وطالبة يتلقون التعليم يومياً في المدارس التي نفذها المشروع، علاوة على مشاريع الطرق والجسور والبنى التحتية التي ساعدت في تطوير الزراعة والصناعة في المناطق الباكستانية ونقل المنتجات للأسواق الرئيسة، كما ساهمت في تسهيل حركة العابرين وتنقلهم بين مختلف المناطق الباكستانية للوصول إلى غايتهم بسهولة ويسر.

مبادرة
وأكد الغفلي الأهمية العالمية لمبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للقضاء على شلل الأطفال في العالم، والتي تعتبر من أهم المبادرات الإنسانية العالمية لحماية الأطفال الأبرياء من خطور هذا المرض، حيث يتم توفير التطعيم لهم ضد مرض شلل الأطفال، من خلال «حملة الإمارات للتطعيم» التي انطلقت من أجل تطعيم أطفال باكستان الذين يعانون أعلى معدلات للإصابة بالمرض في العالم والتي كانت قد بلغت عام 2014 عدد 306 حالات إصابة.
وتوقع الغفلي أن يشهد عام 2019 المحافظة على المستوى نفسه من النجاح الميداني في تقديم التطعيمات ضد شلل الأطفال، وأن يتم تقديم أكثر من 100 مليون جرعة تطعيم ضد شلل الأطفال لحوالي 13.5 مليون طفل في 83 منطقة بباكستان.
وقال: «إنه وعلى الرغم من تعذر تنفيذ حملات التطعيم في معظم المناطق الخطرة بسبب المخاطر الأمنية، إلا أن الحملة قد استطاعت خلال العام الأول، الدخول إلى جميع هذه المناطق وتحقيق النجاح فيها، وقد كان الدعم الاستثنائي من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمتابعة الدائمة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، لهذه الجهود سبباً رئيساً في النجاح والتميز في هذا الجانب الذي كانت نتائجه مهمة على مستوى نجاح خطط منظمة الأمم المتحدة لمحاصرة مرض شلل الأطفال والقضاء عليها من العالم، واليوم بعد خمس سنوات من الحملة شهد المرض محاصرة وقضاء نهائياً عليه في معظم المناطق، فانخفضت الحالات المسجلة إلى 8 (ثماني) حالات فقط مصابة بشلل الأطفال في عام 2018 بنسبة انخفاض بلغت 97% مقارنة بعام 2014.

التركيز على الأطفال والمرأة والمسنين
سلط المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان الضوء على الفئات الأكثر ضعفاً، حيث كان هناك تركيز كبير على مساعدتهم، من خلال دراسة احتياجات المناطق النائية والفقيرة حيث وجد القائمون على تنفيذ المشروعات أن هذه الفئات هي الأقل حظاً في الرعاية الصحية والتعليم.
وأكد عبدالله الغفلي مدير المشروع أنه بناءً على توجيهات القيادة الحكيمة بتقديم الدعم والمساعدة الإنسانية لهم، تم تصميم المستشفيات لتقديم خدمات الرعاية الصحية لهذه الفئات، مثل أقسام النساء والولادة وأقسام الأطفال والطب الوقائي، وأقسام غسيل الكلى لكبار السن، ويعتبر مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي أنشئ في مدينة سيدو شريف بإقليم خيبر بختونخوا، ومستشفى الشيخة فاطمة بنت مبارك الذي تم بناؤه بمنطقة جنوب وزيرستان، إضافة جديدة ونقلة نوعية في مستوى الرعاية الصحية الحديثة للسكان، خاصة النساء والأطفال وكبار السن.

حملة الإمارات للتطعيم.. قصة نجاح
أفاد عبدالله الغفلي بأن دعم وتطوير أداء أعضاء فرق التطعيم كان من العوامل الرئيسة لتحقيق النجاح، وتم ذلك من خلال تعديل وزيادة فترة التدريب ومضاعفة المكافآت الشهرية المخصصة لهم، واستحداث وتطبيق نظام فرق التطعيم المجتمعية، وهي فرق تتكون من سكان المجتمع أو المنطقة التي يعملون فيها، وتتميز بمعرفتها بجميع الأطفال في منطقتها، كما أنها تكون محل ثقة أكبر من قبل الأهالي، وتعمل على مدار عدد أكثر الأيام الإضافية لمتابعة أي طفل لم يتم الوصول إليه أيام تنفيذ الحملة.
وأضاف: كما تم ذلك من خلال بناء شراكة مجتمعية ناجحة لزيادة الثقة بفرق التطعيم، وتفنيد الشائعات، وتغيير المفاهيم الخاطئة، وبث الحقائق الصحيحة، اعتماداً على مشاركة جميع أطياف المجتمع في هذا الدور، فشارك في هذا الجهد التوعوي الأطباء والمدرسون ورجال الدين وشيوخ القبائل وإدارات المستشفيات والمدارس، مما نتج عنه كسب ثقة المجتمع.

عودة الفتيات لمقاعد الدراسة
أوضح عبدالله الغفلي أن مشاريع المياه أسهمت في عودة الفتيات لمقاعد الدراسة بعد أن كان عدد كبير منهن يتحمل عبء نقل المياه من مصادرها إلى منازلهن كل صباح، كما تم الاهتمام بتأهيل النساء والفتيات لتعلم حرف ومهن تساعدهن على مواجهة متطلبات الحياة وكسب رزقهن، من خلال بناء 5 مراكز للتدريب والتأهيل المهني للنساء وتزويدها بأحدث الآلات والمعدات الخاصة بتعليم وتدريب النساء والفتيات في مجال الحرف اليدوية والخياطة والتطريز والصناعات الجلدية والتصميم والديكور، بهدف المساهمة في تمكين المرأة ومساعدتها على تعزيز قدراتها ومهاراتها الخاصة.

1.6 مليون باكستاني يعيشون في الإمارات
أفادت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان لها أمس بأن عدد المواطنين الباكستانيين المقيمين في الإمارات يصل لأكثر من 1.6 مليون شخص يسهمون في الناتج المحلي الإجمالي لباكستان بنحو 4.5 مليار دولار سنوياً. وذكرت أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة قام بزيارة رسمية إلى باكستان، بدأت أمس، بدعوة من رئيس الوزراء عمران خان، حيث كانت آخر زيارة رسمية لسموه في يناير عام 2007. وأضافت أن هذا هو التفاعل الثالث بين القيادة الباكستانية والإماراتية في أقل من 3 أشهر، وهو شهادة على الطبيعة الخاصة لعلاقاتنا الأخوية مع هذا البلد المهم في منطقة الخليج، مشيرة إلى أن الإمارات هي أكبر شريك تجاري لباكستان في الشرق الأوسط ومصدر رئيس للاستثمارات.
وأشارت إلى أن باكستان والإمارات تعملان من كثب لتحويل العلاقات الخاصة القائمة إلى «شراكة اقتصادية استراتيجية طويلة الأجل».