شرم الشيخ (الاتحاد، وكالات)

أكدت القمة العربية الأوروبية الأولى، أمس، أهمية تعزيز الشراكة لمواجهة التحديات مثل الهجرة غير الشرعية واللاجئين، والتحريض على الكراهية والاتجار في البشر والتغير المناخي. وشددت على أن تعزيز التعاون الإقليمي يعد مفتاح التعاطي مع التحديات المشتركة التي تواجهها دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية، مؤكدة العزم على مكافحة التطرف، وعدم التسامح الثقافي والديني. ونص «إعلان شرم الشيخ» على مزيد من التعاون لإرساء الأمن وتسوية النزاعات والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، وشدد على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين، وإرساء شراكة قوية مبنية على الاستثمار والتنمية المستدامة، والالتزام بتطوير برنامج عمل تعاوني إيجابي في مجالات التجارة والطاقة، بما فيها أمن الطاقة والعلوم والبحث والتكنولوجيا والسياحة ومصائد الأسماك والزراعة، بهدف زيادة الثروة وخفض البطالة.

وشدد البيان الختامي على العمل على زيادة التعاون بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، والتأكيد على الجهود الرامية لتحقيق الأهداف المشتركة، بما في ذلك التحديات المشتركة مثل ظاهرة الهجرة وحماية ودعم اللاجئين بموجب القانون الدولي واحترام جوانب حقوق الإنسان الدولي كافة، وإدانة أشكال التحريض كافة على الكراهية، وكراهية الأجانب وعدم التسامح وتعزيز مكافحة الهجرة غير النظامية ومنع ومكافحة تهريب اللاجئين واستئصال الاتجار في البشر ومكافحة من يستغلون الضعفاء والجهود الدولية الرامية للتعامل مع التغير المناخي، خاصة «اتفاقية باريس». كما تضمن اتفاق الجانبين التأكيد على تعزيز للتعاون لإرساء الأمن وتسوية النزاعات والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، والتأكيد على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين وإرساء شراكة قوية مبنية على الاستثمار والتنمية المستدامة، والتأكيد على أن التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات الإقليمية، وفقاً للقانون الدولي، بما فيه القانون الإنساني الدولي يعد مفتاح تحقيق السلام والرخاء الذي تطلبه، وتستحقه شعوب المنطقة.
وأكدت القمة المواقف المشتركة من عملية السلام في الشرق الأوسط، بما في ذلك وضع القدس وعدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقاً للقانون الدولي، والتأكيد على التزام الطرفين بالتوصل إلى حل الدولتين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة كافة بوصفه السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967، والذي يشمل القدس الشرقية والتوصل إلى سلام عادل ودائم وشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين عبر مفاوضات مباشرة بين الأطراف تتناول قضايا الحل النهائي كافة. كما أكدت ضرورة المحافظة على وحدة وسيادة وسلامة أراضي واستقلال سوريا وليبيا واليمن، والتأكيد على الالتزام بالجهود التي تقودها الأمم المتحدة في تلك الدولة. وأشارت إلى ضرورة بذل جهود منسقة وفقاً للقانون الدولي بشأن التهديدات السلم والأمن الدولي والإقليمي، بما في ذلك الإرهاب والتطرف والأعمال التي تقوض الاستقرار والانتشار والاتجار في الأسلحة غير المشروعة والجريمة المنظمة، مؤكدين أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها.
وأعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عقد القمة العربية الأوروبية المقبلة في بروكسل عام 2022. وقال في مؤتمر صحفي «تجدون أمامكم مشروع البيان الختامي لقمة شرم الشيخ، والذي قام كبار المسؤولين بالتفاوض حوله على مدار الأيام الماضية، ويعكس أبرز القضايا الاستراتيجية التي تهم الجانبين العربي والأوروبي». وأضاف «أهم القضايا الاستراتيجية هي تعزيز الشراكة العربية الأوروبية، وتطوير التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات، وسبل مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المشتركة، فضلاً عن القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك».
وأكد السيسي أن القمة شهدت نقاشات مثمرة وبناءة حول مختلف القضايا، أسهمت في توضيح الرؤى تجاه القضايا المشتركة. وأعرب عن ثقته بأن القمة أسهمت بشكل كبير في توضيح الرؤى والتوجهات بشأن العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك لجميع دول المنطقتين، والتي كان من الضروري أن تتم بشأنها عملية مكاشفة صريحة بما يعطي دفعة قوية للعلاقات العربية الأوروبية، ويتيح الشروع في بلورة رؤية استراتيجية مشتركة، وهو ما يعد أولوية قصوى في ضوء تعاظم التحديات وتشابكها من جهة والمزايا والإمكانات، والفرص لتعزيز التعاون، ومواجهة هذه التحديات بشكل جماعي.
ولفت الرئيس المصري إلى أن ما يجمع المنطقتين العربية والأوروبية أكبر بكثير مما يفرقهما، مشيراً إلى أن ما تم التوافق عليه ربما فاق توقعات الكثيرين بشأن ما يمكن أن يتم التوصل إليه خلال حدث على هذا المستوى يعقد للمرة الأولى على الإطلاق. وقال «إن نجاح قمتنا هذه لا يقاس فقط بما تم خلالها من نقاش ثري، وإنما يقاس بمقدار ما تتحول هذه القمة الناجحة إلى محطة جديدة لتعميق التعاون الممتد عبر التاريخ بين المنطقتين العربية والأوروبية»، مؤكداً العزم على استكمال المسيرة لمواجهة التحديات التاريخية غير المسبوقة في مطلع القرن الحادي والعشرين.
ودافع السيسي عن سجل بلاده في مجال حقوق الإنسان، وقال إن عقوبة الإعدام التي تصدرها المحاكم الجنائية في مصر وسيلة لأخذ حقوق ضحايا الهجمات الإرهابية بالقانون، وجزء من ثقافة وقيم المنطقة. وأضاف أنه يرفض أن يعطي الأوروبيون مصر دروساً في حقوق الإنسان، مؤكداً أن لكل منطقة ثقافتها وخصوصيتها. وقال: «احترموا أخلاقنا وقيمنا مثلما نحترم قيمكم»، لافتاً إلى أن تأثير الإرهاب مدمر على أمن واستقرار المنطقة العربية والأوروبية والعالم كله، وداعياً إلى حرمان العناصر الإرهابية من الحصول على الوسائل المتقدمة التي تستخدمها في تجنيد وتكليف العناصر الإرهابية.
من جانبه، أكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن هناك تصميماً من جانب القادة العرب والأوروبيين على مواجهة جميع التحديات الدولية سوياً من أجل مستقبل أفضل، معرباً عن تقديره لروح التعاون المثمرة خلال المناقشات بين القادة. وقال إنه لم يتم الاتفاق بشأن كل القضايا، إلا أن الأهم هو أنه جرت المناقشات بطريقة مفتوحة كشركاء، مشدداً على السعي لإيجاد أرضيات مشتركة، وأن رخاء وأمن أوروبا متداخل مع رخاء وأمن الدول العربية. ودعا إلى ضرورة التحلي بالشجاعة لمواجهة التحديات العالمية، ودعم شعوب المنطقتين من أجل مواجهة العالم الذي يتغير بسرعة، مؤكداً ضرورة بذل المزيد من الجهد والتعاون المشترك لمواجهة النزاعات والإرهاب والجوع وتشريد الشعوب، وحفاظاً على القواعد الخاصة بالنظام الدولي في مختلف المجالات سواء التجارة أو الأمن أو تغير المناخ. كما دعا إلى تعزيز التعاون للنهوض بأوضاع الشعوب، وأهمية التفاهم المتبادل بين المجتمعات الأوروبية والعربية، مشدداً على ضرورة تحويل كلمات القادة والزعماء في القمة إلى أعمال.

خادم الحرمين يشيد بالنتائج
بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عاهل المملكة العربية السعودية، برقية شكر إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد مشاركته في أعمال القمة العربية الأوروبية الأولى في شرم الشيخ، قال فيها: «لقد أكدت هذه الزيارة والمباحثات التي عقدناها مدى عمق العلاقة بين بلدينا، ورغبتنا المشتركة في تعزيزها في المجالات كافة، كما أتاحت لنا تجديد أواصر الأخوة والمحبة بين شعبينا الشقيقين. ولا يفوتني أن أشيد بالنتائج الإيجابية للقمة العربية الأوروبية التي كان لفخامتكم دور بارز في إنجاحها. وأسأل الله العلي القدير أن يديم عليكم الصحة والسعادة، وعلى الشعب المصري الشقيق المزيد من الأمن والاستقرار والازدهار».