لا تخلو الحياة اليومية من مصادر متعددة للتوتر والإجهاد النفسي، ما يستدعي العمل على تخفيف تأثير هذه الضغوط بشكل يومي كي لا تتراكم وتؤثر في أدائنا في الحياة وصحتنا النفسية والبدنية.. فكيف يمكننا فعل ذلك؟
قام الدكتور تيموثي دي ريتشي Timothy D. Ritchie أستاذ علم النفس بجامعة سانت زافييه في شيكاغو، بعدد من الدراسات التي تناولت جوانب مختلفة من هذا الأمر، وفي حوار معه حدثنا عن الأساليب المختلفة التي يمكن اتباعها لمقاومة الضغوط والإجهاد النفسي..

الضغوط جزء من نسيج الحياة
في البداية يؤكد د.ريتشي إن الحياة مليئة بالمواقف المشحونة عاطفيا و التي نضطر للتعامل معها طوال الوقت.. مثل المشاحنات اليومية، والشواغل الصحية، والمشاكل المالية ، وهموم التعليم، والأداء الوظيفي، والعديد من مصادر التوتر الأخرى يمكن أن تمنع الشخص من الاهتمام باحتياجاته النفسية وتقوض السعي للوصول لحياة أكثر سعادة.. ويضيف أن أبحاثه رصدت العديد من مصادر التوتر وكيف أنها تؤثر وتتأثر بجودة النوم الذي يحظى به الشخص..
كيف يمكننا مقاومة الضغوط النفسية إذن؟
يقترح الباحث مجموعة من الوسائل..

1- النوم الجيد
النوم لساعات كافية من الأمور الضرورية لمقاومة الضغوط وإراحة الذهن.. وترتبط جودة النوم بعدم التعرض للضوء عندما يأتي المساء.. لذلك، لمقاومة الأرق والمساعدة على النعاس، يوصى بأن يقلل الإنسان تعرضه للضوء عندما يحين وقت النوم (على سبيل المثال: عدم استخدام الهاتف في السرير، ولا الكمبيوتر ، ولا مشاهدة التلفزيون ، ولا استخدام ساعة مضيئة...إلخ).
النوم مهم للغاية، لكنه قد لا يكفي وحده للقضاء على الضغوط، كما سنعرف في النقطة التالية..

2- التهدئة لا تعني الاسترخاء
يعتقد البعض أن الهدوء النفسي يتطلب -فقط- الاسترخاء والكسل، وهو أمر غير صحيح بالنسبة لكثير من الناس.. لأن كلاً منا له تفضيل مختلف للأشياء التي تهدئ أعصابه حتى لو كانت تتضمن بذل جهد. فالناس يفعلون الكثير من الأمور كي يحظوا بالهدوء النفسي.. فمثلاً، البعض يأخذ حمّاماً دافئاً، أو يستمع إلى الموسيقى، أو يصلّي، أو يمشي، أو يمارس الرياضة، أو يتأمل، أو يعزف على آلة موسيقية، أو يقرأ، أو يرسم، وهلم جرا..
على المرء أن يسأل نفسه دائماً، ما الذي يساعده على تصفية ذهنه؟ لأن كلاً منا لديه تفضيلاته الخاصة.

3- الراحة جزء من جدول أعمالك
يضيف الباحث نقطة مهمة قد لا ينتبه إليها كثيرون.. فكثير من الناس يخططون لمهامهم وإنجازاتهم المختلفة في كافة مناحي الحياة، ويتجاهلون التخطيط للراحة ووضعها في جدولنا اليومي كأمر ضروري ينبغي الحفاظ عليه. إذ يقول إن الاسترخاء الناجح يشبه الالتزام بعادات الغذاء الصحي أو التمارين الرياضية.. يجب تخصيص وقت يومي محدد له، وممارسة ما يريح الذهن في هذا الوقت سواء كان الإنسان وحده أو بمشاركة الآخرين.

4- وضوح مفهوم الذات
في الأوقات الصعبة، قد يشك الإنسان في قدراته وتهتز ثقته في نفسه وتقديره لها، وهو ما يزيد من معاناته أثناء الشعور بالضغط النفسي.. لذلك، ينبغي أن يسعى الإنسان للحفاظ على تقديره لنفسه حتى في أحلك الشدائد، لأن وضوح مفهوم الذات مرتبط بزيادة السعادة والرضا عن الحياة، وبالتالي يساعد في زيادة القدرة على مواجهة الضغوط بكفاءة.

علاقة رومانسية
في ثلاث دراسات أميركية، أجريت على أكثر من خمسة آلاف شخص، وجد العلماء أن الإنسان حين لا يشبع الاحتياجات النفسية الأساسية لشريك حياته، فإن العلاقة بينهما تتضرر كثيراً وتواجه خطر الانفصال.. تشمل هذه الاحتياجات: الشعور بالراحة المتبادلة، والإصغاء لشريك الحياة، وتقديم الدعم والمساندة. (حسب النتائج المعلنة في دورية بيرسوناليتي آند سوشيال سايكولوجي بوليتان)

رياضة للمراهقين
وفقاً لدراسة نرويجية، يرتبط النشاط البدني لدى المراهقين بشكل إيجابي، بزيادة مستوى الرفاه -السعادة- والشعور بالكفاءة الذاتية، بالإضافة لزيادة الثقة بالنفس، والشعور بالقبول الاجتماعي؛ أي أن الرياضة ليست مفيدة بدنياً فقط، بل إنها تحسن أيضاً من الصحة النفسية، وتجعل الشخص إنساناً أفضل! (عرضت نتائج البحث في دورية مينتال هيلث آند فزيكال أكتيفيتي)

تعاطف الطبيب
وجد باحثون صينيون، أن شعور المريض بتعاطف الطبيب معه، مرتبط بشكل إيجابي مع تحسن جودة نومه، مع انخفاض واضح في مستوى القلق لديه، وهو ما يعني أن الطبيب الجيد ليس فقط الذي يقوم بتشخيص المرض ووصف دوائه ببراعة، بل من يجيد أيضاً دعم المريض عاطفياً، لما لذلك من دور في تحسين حالته. (نشرت نتائج الدراسة في سايكولوجي ريسيرش آند بيهافيور مانجمنت)