انطلقت صباح أمس في كلية دبي للأداء الحكومي ندوة “ المؤشرات والدلالات في تقرير التنمية الثقافية لمؤسسة الفكر العربي” التي نظمتها صحيفة البيان الإماراتية بالتعاون مع مؤسّسة الفكر العربي، وتأتي الندوة في سياق مناقشة التقرير العربي الثاني للتنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي. تضمنت الندوة التي قدمها حسين درويش رئيس القسم الثقافي بالزميلة “البيان”، مداخلات وقراءات قدّمها باحثون وأكاديميون وإعلاميون لتناول محتوى التقرير وما يتضمنه من ملفات، إضافة إلى مداخلات لمجموعة من المثقفين والأدباء والكتّاب والباحثين الإعلاميين المحليين والعرب. افتتحت الندوة بكلمة لرئيس تحرير صحيفة “البيان” ظاعن شاهين أشار فيها إلى أن الحديث عن الثقافة لا ينفصل عن الصحافة التي كانت لسنوات طويلة سفيرة للتواصل مع الآخر. وأضاف” المثقف الحقيقي ليس من أحسن القراءة والكتابة أو من تحصل على شهادة علمية، فما يميز المثقف هو وعيه الاجتماعي الذي يمكنه من رؤية المجتمع وقضاياه، وكذلك دوره الاجتماعي الذي يمكن أن يلعبه في المجتمع”. وأكد شاهين أن مجرد العلم لا يضفي على الفرد صفة المثقف بصورة آلية، خصوصا إذا كان هذا الفرد منعزلا ومنغلقا ولا يتفاعل مع محيطه الاجتماعي، فالثقافة التي لا تستقبل ــ كما قال شاهين ــ لا يمكن أن ترسل إشعاعها إلى المحيط. ثم ألقى الدكتور سليمان عبدالمنعم أمين عام مؤسّسة الفكر العربي كلمة أشار فيها إلى أهمية التساؤل حول الحاجة إلى تقرير عربي عن التنمية الثقافية، وإجابة عن هذا التساؤل قال عبدالمنعم أن “ مثل هذه التقارير يمكن أن ترصد وتحلل واقع التنمية الثقافية في الوطن العربي، كما أنها تساهم في إرساء وإعلاء قيم المعرفة والنقد والمراجعة وحوار الذات”. وأكد أن هذه القيم يمكن أن ينطلق منها أي مشروع نهضوي عربي، لأن الأمم الحية هي التي تراجع نفسها بوعي أو جسارة دون أن تنتظر من الآخرين أن يفكروا نيابة عنها. من جهته تحدث حبيب الصايغ، رئيس اتحاد كتّاب وأدباء عن أهمية النزعة العلمية والمنهجية في التقرير، وقال إن هذا الأسلوب مفقود للأسف في المشهد الثقافي العربي. وقال الصايغ إن “الثقافة في الوطن العربي تظل دائما في آخر الاهتمامات حتى عند أهلها، فالمؤتمرات تتحول إلى مناسبات اجتماعية والندوات تتحول إلى احتفاليات”، وأضاف “ الاستثناء وارد بطبيعة الحال، ولكن ما نخشاه أن يطغى الجانب الاحتفالي على الفعل الثقافي، خصوصا في ظل العلاقة غير السوية بين الثقافة والإعلام، والموقف المتذبذب من قضية الحداثة”. أما سامي الريامي رئيس تحرير جريدة “الإمارات اليوم” فتحدث بلغة تشاؤمية عن عدم استعداد الواقع العربي لاستيعاب المنظور الثقافي والمعرفي للعلاقة بين التقنية والإعلام. وقال الريامي” إننا غير مستعدين للنقلات المرتقبة في الإعلام الإلكتروني كالتشابك بين الإنترنت والإعلام الورقي والفضائي، لأننا لم نتجاوز عوائق التشريعات والقوانين المتعلقة بحرية النشر” وقدم الدكتور حمد علي المستشار الإعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، ورقة بعنوان “الخطاب الإعلامي العربي ودوره في حماية الهوية الثقافية” أشار فيها إلى أن الثقافة تتسع دلالاتها أحيانا باتساع الحياة نفسها، وقد يتقارب مفهومها مع مفهوم الهوية. وقال علي “ الثقافة تعبير عن وجود، أي عن هوية، وهي بوصلة تحدد للمجتمع اتجاهه، فبدونها لا يستطيع أفراد المجتمع معرفة ماضيهم ولا التطلع لمستقبلهم، فهي التي تجعل الإنسان قادرا على السير بهدى في متاهات العالم المحيط”. كما تحدث خلال الندوة كل من الدكتور محمد عبدالله المطوع عضو مجلس أمناء مؤسسة العويس، وعلي عبيد عضو مجلس إدارة “ندوة الثقافة والعلوم” اللذين أشارا إلى أهمية مثل هذه الندوات في مناقشة الإشكالات المحيطة بالتنمية الثقافية في الوطن العربي، وضرورة تجاوزها من أجل الوصول إلى حالة سوية من فهم واستيعاب المحيط السياسي والاجتماعي والثقافي من أجل تطوير آليات التعامل مع هذا المحيط.