«الترقيم» الدولي.. ضمانات للمؤلف وللناشر وللكتاب
يعاني الكتاب والناشرون العرب من مشكلة مزمنة تطرح في كل لقاء يجمع صانعي الكتاب، وتتعين المشكلة أساسا في سوء توزيع الكتاب العربي عربيا، فضلا عن توزيعه عالميا، وذلك يعود لأسباب مختلفة أبرزها يتعلق بالمواصفات وحقوق الملكية الفكرية وغياب الثقة بالمنتج الثقافي، ولذلك تأتي مناقشات الناشرين العرب في هذا المجال حلقة في سلسلة تهدف لخدمة تسويق الكتاب العربي.
وفي إطار هذه القضية، جرت مناقشة جوانب من الموضوع ضمن البرنامج المهني المرافق لمعرض الكتاب في دورته الحالية، حيث شارك مجموعة من الناشرين العرب والأجانب في هذه المناقشات لإلقاء الضوء على تفاصيل وعناصر مهمة في عملية توزيع الكتاب العربي، وهذه مهمة تصدت لها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، فعملت على خلق علاقة بين الناشرين والموزعين من الجانبين العربي وغير العربي، العالمي، فكانت لقاءات مهمة على هذا الصعيد، تقدم فيها الناشرون العرب بتصورات تخدم الهدف المنشود.
من بين هذه اللقاءات ذات الطابع المهني المتعلق بتوزيع الكتاب، لقاءات دخلت في تفاصيل عملية النشر والتوزيع، ومنها لقاء جرى تخصيصه لموضوع الترقيم بوصفه معيارا من معايير التحكم بتوزيع الكتاب في العالم، وهو ما يتعلق بوجود “ترميز رقمي دولي للكتب” بناء على ما جرى تداوله في المؤتمر الثالث لأبحاث سوق الكتاب الذي بما أقيم في عام 1966 في برلين، والنظام الرقمي الذي لبى هذه الحاجة وعرف باسم “النظام الرقمي الدولي المعياري للكتاب” الذي تم اعتماده باسم مختصر هو (ISBN) المعتمد حاليا، وهو النظام الذي يستطيع تحديد هوية الناشر والمطبوع الذي يقدمه، وتعدى ذلك إلى كل منتج ثقافي يشبه الكتاب.
هذا المعيار وغيره تناولته ندوة جمعت مؤسسات وناشرين، مؤسسات وأفرادا، من الإمارات والعالم العربي والغرب، وقدم فيها البعض قراءات نظرية وتطبيقية ـ عملية ضمن المعايير السائدة دوليا، وكان من بين المداخلات في هذا المجال ما تناول المعيار الدولي للكتاب وخاناته الثلاث عشرة والمشكلة من خمسة عناصر هي: رقم البداية، رقم مجموع التسجيل، رقم المسجل، رقم النشر، ورقم الفحص.
وقد تم تناول هذه العناصر بأدوات التقنية الحديثة التي تبرز أهمية كل منها على ما يمثله كل عنصر، وتم توضيح الاختصارات يقابلها في اللغة العربية المعروفة (ردمك= رقم دولي معياري للكتاب)، أو (تدمك= ترقيم دولي معياري للكتاب).
وتطرقت هذه المداخلات إلى أهمية الاختصارات وما تمثله من حيث كونها تعريفا دوليا بأي منشور، ولأنها ثابتة ومكررة في كل كتاب في حين تختلف عناوين الكتب، الأمر الذي يسهل البحث عن الكتاب خصوصا على شبكة الإنترنت من خلال المعرف المختصر بكل كتاب. وتتجاوز هذه الطريقة في منح الكتب أسماء مختصرة ما نتداوله من كتب ورقية للقراء العاديين، فتشمل كتب ومنشورات المكفوفين (برايل) والخرائط والأفلام التعليمية والكتب المسموعة والأقراص المدمجة و..الخ.
وقد اعتمدت هذه المداخلة تجربة الخبير قاسم الرواس ممثل الوكالة الدولية للترقيم المعياري الدولي للكتاب في سوريا وعضو اتحاد الناشرين السوريين قاسم التراس، وبرفقة منى سلطان العامري نائبة رئيس قسم التأليف والنشر والترجمة بإدارة الأنشطة الثقافية والمجتمعية، في ندوة حول الطريقة التي يساعد بها الترقيم الدولي ISBN الكتاب وعملية النشر.
التراس: رقم لا يتكرر
أوضح قاسم التراس عضو اتحاد الناشرين السوريين وممثل مكتب الترقيم الدولي في سوريا اهمية الترقيم في ضبط حركة الكتب خدمة للقارئ والناشر والمؤلف على حد سواء، لأنه تصنيف دولي معتمد لحماية الملكية الفكرية، وتسهيل الأرشفة والبحث المكتبي، والغاية من الترقيم الدولي للكتاب أن يكون هناك رقم موحد ISBN يحدد هوية منشور معين لناشر معين، ثم تطور هذا المعيار مع الوقت ليشبه كل منتج معين، وتحدث التراس عن فوائد الرقم المعياري، حيث قال إنه في صيغته الجديدة ذا دقة عالية ويوفر الكثير من الوقت، حيث تم استبدال الترقيم بالأحرف الأبجدية التي كانت معتمدة في السابق، كما يمتلك ميزة الفردية وعدم التكرار، خلافا لاسم الكتاب والمؤلف، فهو يحدد بدقة عالية العنوان المطلوب في عمليات البيع والتوزيع والشراء، مما يجعله مهما في قضايا صناعة وتسويق الكتاب وتجارة الكتب الإلكترونية، كما يسهل الرقم البحث في الإنترنت حيث توجد ملايين العناوين، كما انه صيغة الكترونية رقمية دقيقة في الأداء وتوفر الكثير من الوقت الضائع في مجالات عدة، وحول المنشورات التي تمنح الترقيم حدد التراس أمثلة كالكتب ومنشورات “برايل” للمكفوفين، والمقالات والإصدارات الفردية المتواصلة لمصدر واحد، والخرائط، والأفلام التعليمية، والكتب المسموعة على الكاسيت والأقراص المدمجة، وبالنسبة للكتاب الإلكتروني أوضح انه يمنح ترقيم آخر مختلف عن الكتاب المطبوع، لكنهما يخضعان لنفس النظم المتبعة في الوكالة الدولية، والتي يوجد مقرها في لندن وهي من تحمل الصبغة القانونية لمنح هذا الرقيم، وقد وصل عدد الناشرين في آخر اصدار لها 880 ألف ناشر، كما انها معتمدة في أكثر من 173 دولة.
العامري: أرقام إماراتية
خطوات الترقيم الدولي للكتب تمر بعدة خطوات على مستوى الإمارات كما قالت منى سلطان العامري نائبة رئيس قسم التأليف والنشر والترجمة بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، فالممثل الوحيد للوكالة الدولية للترقيم هو قسم التأليف والنشر في الوزارة، كما يمتلك أيضا أحقية منح الترخيص للناشرين في سلطنة عمان، وكانت تدفع من دون رسوم حتى شهر ابريل من عام 2009، حيث استحدث اجراءات قرر بموجبها تقديم رسم بقيمة 200 درهم تدفع كقيمة للترقيم.
وحسب منى سلطان العامري فان الترقيم الدولي له أهمية معتبرة تتزايد في كل يوم في ظل عالم اصبحت فيه حقوق الملكية الفكرية منتهكة وانتشرت فيه القرصنة، لأنه يحمي الناشرين بمجموعة من الوسائل والآليات، فهو رقم تحكم اضافي يمنح بطاقات الفهرس وسجلات التعرف على وجود الكتاب من عدمه بأسرع وقت ممكن، لذلك هو بمثابة أداة استرجاع أو مراجعة لكل كتاب، كما يساهم الترقيم في حركة وتنظيم تجارة الكتب مع الناشرين، بالاضافة الى تسهيله للمهام التنظيمية والادارية في المكتبات.
وحول الهيئات التي تستخدم الترقيم الدولي قالت العامري إنه مفتوح للمؤسسات الحكومية والخاصة، ودور النشر والجمعيات، وكذلك الأفراد، وللحصول على الترقيم في دولة الإمارات أو في سلطنة عمان أكدت ان على هذه الجهات الراغبة فيه الاتصال بالوزارة والجهة المخولة هي الوكالة الوطنية المانحة للترقيم الدولي، والتي تقوم بتمثيل الوكالة الدولية الأم الموجودة في لندن.
ويوفر قسم التأليف والنشر الذي يحتضن الوكالة الوطنية مجموعة من الطرق لتوفير الرقم الدولي، منها الاتصال بالقسم أو بالموقع الإلكتروني للوزارة عن طرق الإنترنت، كما تبدأ خطوات التسجيل بتقديم طلب موقع من صاحب الكتاب ثم استلام شهادة بالترقيم وظهور الرقم على النسخة المطبوعة، وتبلغ الوزارة عملاءها بهذا الشأن عن طريق اخبار مكتوب للمؤلف، وفي المقابل بعد صدور الكتاب تودع خمس نسخ منه بعد استكمال الطباعة في القسم، وقالت إنه قد تم منح أكثر من 1039 رقما دوليا خلال عام 2009، من أصل 1285 طلباً تم التقدم بها.