على الرغم من مضي نصف المهلة التي منحها قرار مجلس الوزراء لتسوية أوضاع العمالة المخالفة بالدولة إلا أن الإقبال مازال متواضعاً وفقاً لأعداد العمالة المخالفة التي كشفت عنها وزارة العمل والتي قدرتها بنحو 350 ألف عامل على مستوى الدولة والتي استحوذت العمالة الهاربة على النسبة الأعلى 70%· وحتى اليوم لاتوجد إحصائيات دقيقة عن حجم العمالة التي قامت بتسوية أوضاعها لدى الوزارة سواء بالمغادرة أوبنقل الكفالة، الأمر الذي يجعل مسألة التخلص من العمالة محل تساؤل بعد انتهاء المهلة· والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تحجم العمالة المخالفة عن تسوية أوضاعها رغم التسهيلات التي أعلنت عنها الوزارة وتبسيط الإجراءات التي اتخذتها الداخلية لهذا الغرض؟· قد تكون الإجابة من خلال بدايات تطبيق القرار الذي بدا ضبابياً بالنسبة للكثير من العمالة المخالفة في بداية الأمر، وهذه الضبابية كانت بسبب غياب آليات تطبيق القرار، واستدركت وزارة العمل هذا الأمر بعد مضي أسبوعين تقريباً من بدء المهلة، وأصدرت بعد نحو ثلاثة أسابيع دليلاً إرشادياً للعمالة، قد يكون هذا الأمر أعطى انطباعاً مخطئاً لدى العمالة المخالفة بعدم جدية القرار· منذ بداية تطبيق القرار لم تكن الآليات واضحة، وخلقت نوعاً من الضبابية وعدم الوضوح لدى العمالة أوالمنشآت الراغبة في تعديل أوضاعها تمشياً مع القرار، وقد شهدت الوزارة اجتماعات لبحث الآليات ووضع الأطر العامة والمؤشرات لتنفيذ هذا القرار بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية، وبدأت بتجهيز موقع اللجنة المشتركة مع الداخلية في مقر الوزارة بالبطين في أبوظبي لتسوية أوضاع العمالة المخالفة بالدولة وتجهيز النظام الإلكتروني لاستقبال معاملات الجمهور من المنشآت والعمال، واستمر هذا الوضع حتى مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على المهلة، مما أدى إلى استمرارضعف الإقبال على تسوية الأوضاع· وأعلنت الوزارة أن نسبة عدد العمال المخالفين الذين تم الإلغاء لهم خلال الفترة السابقة لصدور قرار مجلس الوزراء تشكل النسبة الأكبر من أعداد العمالة المخالفة، بينما تشكل نسبة العمالة المخالفة الحالية التي تمت الموافقة لها بنقل كفالاتها أعداداً بسيطة، قياساً بالعدد الكلي الذي يصل إلى 350 ألف عامل مخالف على مستوى الدولة· وأرجع سعادة عبيد الزحمي الوكيل المساعد لوزارة العمل سبب ذلك للإجراءات التي اتخذتها الوزارة بربط نقل الكفالة بموافقة الكفيل الأصلي، وأن المهلة أسقطت رسوم اشتراط المدة- حسب مؤهل العامل- التي تصل إلى ثلاثة آلاف درهم، إضافة إلى الغرامات التي تقدر بـ 500 درهم عن كل شهر في حال عدم اكتمال عام على العامل مع كفيله، مضيفاً أن العمالة التي ترغب في الإلغاء يتم لها ذلك من قبل الداخلية مباشرة حيث يتم الإجراء دون الرجوع إلى وزارة العمل· ولأن العمالة الهاربة تستحوذ على النسبة الأكبر أوجدت لها الوزارة الحلول التي تتماشى مع القرار، وأصدرت دليلاً توضيحياً يهدف إلى إرشاد العامل المخالف أوالمنشأة المخالفة لتسوية أوضاعها بما يتماشى مع قرار مجلس الوزراء بشأن المهلة وتسهيل الإجراءات· الوتيرة السريعة لنمو سوق العمل في ظل تنفيذ المشاريع الكبرى في البلاد قد يفوق إمكانيات الوزارة التي تعاني من نقص واضح في أعداد المفتشين، بالإضافة إلى الرقابة والمتابعة، ولكن هذا لا يعفي الوزارة كجهة مسؤولة من أن تواصل الخطوات التي بدأتها لضبط سوق العمل وسد الثغرات التي تفرز العمالة الهاربة والمخحالفات في سوق العمل، وفي اعتقادنا فإن الإجراءات والضوابط التي أعلن عنها مؤخراً سوف يكون لها أثر إيجابي على سوق العمل في الدولة ووقف المخالفات، خصوصاً من قبل بعض الشركات التي تتسلل من ثغرات سوق العمل وتغرق البلاد بالعمالة الهامشية والعمالة السائبة والهاربة· ونأمل أن تكون المهلة الحالية فرصة لتصحيح الأوضاع والتخلص من 350 ألف مخالف والتزام الشركات والمنشآت بقوانين العمل والعمال، لأن مسألة ضبط السوق مسؤولية تضامنية لا نستطيع أن نلقي بكل أوزارها على وزارة العمل التي نطمح في أن تصدر أرقاماً وإحصائيات عن العمالة التي سوت أوضاعها أوغادرت البلاد·