علي العمودي (أبوظبي)

استضاف مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في قصر البطين أمس، بحضور سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، جلسة نقاش حول توجهات الاقتصاد العالمي والمزايا الجاذبة لدولة الإمارات وشركاتها الوطنية وقدرتها على استقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة، تحدث فيها كل من لورانس فنك رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة « بلاك روك » وهنري كرافيس رئيس مجلس الإدارة المشارك والرئيس التنفيذي المشارك لشركة « كي كي آر» واللتين تعدان من المؤسسات الاستثمارية الرائدة على مستوى العالم .
وقال المتحدثان خلال الجلسة إن إمارة أبوظبي ومن خلال شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) تمثل تجربة ملهمة في استقطاب الاستثمارات الخارجية وتنويع الاقتصاد الوطني، وذلك عن طريق الدخول في شراكات عالمية، وأشادا بالبيئة المناسبة التي وفرتها الإمارة لاجتذاب المستثمرين، وفي مقدمة ذلك البنية التحتية المتطورة والتشريعات والاستقرار الذي تتمتع به.
وقالا إن ما تقوم به شركة« أدنوك» وما تنفذه من هيكلة والدخول في شراكات متعددة لا يعد استثماراً في الأموال وحسب، وإنما يحمل معه اجتذابا للخبرات واستقطابا للكفاءات وتحقيق الاستدامة للأعمال وتبادل الخبرات والاستثمار طويل الأجل في الأصول والعمليات.
وأكدا أن ما تقوم به«أدنوك» اليوم يعد درساً ملهماً للشركات الجديدة ويجعلها تقوم بدور أكبر على المسرح العالمي، وتمثل حجر الزاوية للمستقبل.
شهد الجلسة معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير دولة الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية «ادنوك» و مجموعة شركاتها
وجبر محمد غانم السويدي مدير عام ديوان ولي عهد أبوظبي، وعدد من الشيوخ وكبار المسؤولين.
وفي مستهل الجلسة التي أدارها محمد سيف العرياني الرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة «أدنوك إنترناشونال» تناول المتحدثان، دور شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) كمحفز لاستقطاب الاستثمار الخارجي إلى دولة الإمارات، وذلك بعد توقيعها في وقت سابق أمس، شراكة استراتيجية مع شركتي « بلاك روك» و«كي كي آر» في مجال أنابيب نقل وتوزيع النفط التابعة لأدنوك، والتي تحقق عوائد تقدر بـ 14.7 مليار درهم تدفع مقدماً.
وتركزت المناقشات حول عدة موضوعات شملت الاتجاهات والاستراتيجيات العالمية للاستثمار والمزايا الجاذبة لدولة الإمارات التي ترسخ مكانتها وجهةً مثالية لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر نظراً للمصداقية والموثوقية والبنية التشريعية والتنظيمية المتوافقة مع أفضل المعايير الدولية، والتي تتيح إبرام شراكات استراتيجية مبتكرة تحقق مصالح الأطراف المشاركة كافة.
كما تناول النقاش أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل عام في دعم نشاط ونمو الاقتصاد العالمي مع التركيز على استراتيجيات المؤسسات الاستثمارية العالمية الكبيرة مثل «بلاك روك» و«كي كي آر» في اختيار وتنفيذ استثماراتها. وأوضح قادة المؤسسات الاستثمارية الأسباب التي دفعتهم لاتخاذ قرار بالاستثمار في أصول البنية التحتية التابعة لأدنوك في أبوظبي، والتي شجعتهم على اختيار دولة الإمارات كوجهة استثمارية مستقرة وموثوقة تشهد نمواً متسارعاً في جذب رؤوس الأموال العالمية.
وشدد لورانس فنك وهنري كرافيس على أهمية الخطوات التي تقوم بها دولة الإمارات وأبوظبي تحديداً بتوفير البيئة المناسبة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
وأشارا إلى أن أبوظبي مؤهلة للتحول إلى مركز عالمي لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية وتقديم الدعم اللازم لها للوصول إلى القطاعات الاقتصادية الواعدة، خصوصاً تلك المرتبطة بالاستثمار في الطاقة والبنى التحتية.
وأشار المتحدثان إلى أن وجود شركات عالمية كمبادلة و«أدنوك» والتي تؤدي دوراً عالمياً في العديد من القطاعات كالقطاع المالي والطاقة والبنى التحتية يعزز من مكانة أبوظبي عالمياً، مشيرين إلى أن الاتفاقية الجديدة ستساهم في تسريع عملية تدفق الاستثمارات طويلة الأمد في أبوظبي.
كما أشارا إلى أن حجم الاستثمار الحكومي في البنية التحتية في أبوظبي يتفوق على العديد من الدول المتقدمة بما فيها الولايات المتحدة، مؤكدين بأن هذا الأمر يعكس نظرة القيادة نحو المستقبل، بينما يعتبرها المستثمرون مؤشراً إيجابياً يضمن استثمارات آمنة طويلة الأمد.
وأوضحا أن الخطوات التي قطعتها أبوظبي ستتحول إلى مثال وأنموذج متكامل لدول المنطقة، مشيرين إلى أهمية إعادة النظر في شكل مدننا الحضرية التي ستستوعب ما يناهز 70 في المائة من سكان العالم في المستقبل القريب، وهو يتطلب مراعاة متطلبات الأجيال المقبلة التي غيرت التطورات التكنولوجية الكثير منها، وهو ما يمكن تطبيقه في أبوظبي بحكم استثماراتها في البنية التحتية وفق متطلباتها الجديدة، وكذلك مصادر الطاقة المتنوعة فيها ولا سيما في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة.
وأعرب لورانس فينك، وهنري كرافيس خلال الجلسة « عن سعادتهما وفخرهما بالتحدث في مجلس محمد بن زايد الذي يشكل منبراً ثقافياً مهماً لمناقشة المواضيع الاستراتيجية والمهمة للإنسانية بشكل عام في مختلف المجالات، بما فيها الفكر والسياسة والاقتصاد والعلوم والتنمية المستدامة ».
ويعد لورانس فنك أحد أبرز المستثمرين وقادة الأعمال في العالم، وكان قد أسس مع سبعة شركاء «بلاك روك» في عام 1988، والتي تطورت لتصبح شركة عالمية رائدة في إدارة الاستثمار، حيث تدير اليوم أصولا وموارد أكثر من أي شركة استثمار أخرى في العالم وتقدر قيمتها بنحو 6 تريليونات دولار أميركي.
وقال لورانس فينك : « أتشرف بالمشاركة في هذا المجلس الموقر الذي يشكل منبراً مهماً لتبادل المعلومات يجمع بين المستثمرين والدول ويخلق مجتمعاً متماثلا ».
ويعد هنري كرافيس من الرواد في مجال إدارة الصناديق الخاصة والاستثمارات العالمية، وقد شارك في تأسيس «كي كي آر» في عام 1976، ويمتلك خبرة تزيد على أربعة عقود في مجال التمويل والتحليل والاستثمار في الشركات العامة والخاصة، إضافة إلى العمل في مجالس إدارة عدد من الشركات في محفظة «كي كي آر».
من جانبه قال كرافيس « من دواعي سروري أن أكون في أبوظبي وأن أشارك في هذه المناقشة حول رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لتنويع الاقتصاد، وجهود أدنوك في الإدارة الذكية وتطوير رأس المال».
مضيفاً بأن الاستثمار مع « أدنوك» و« بلاك روك » يمثل سابقة مهمة في السوق تؤكد الإمكانات والأهمية الكبيرة للاستثمار الأجنبي الذي يحقق قيمة مضافة في دولة الإمارات.
وحول أبرز التحديات والمخاطر التي تواجه الاستثمارات، قالا إنها تتمثل في النمو السكاني، وتزايد«الشعبوية» واتساع الهوة بين الدول والقلاقل الاجتماعية والصراعات الإقليمية والدولية، متطرقا لأبعاد ما يجري بين الولايات المتحدة والصين التي توقع استمرار تصدرها للاقتصاد العالمي إلى جانب اليابان، وغيرهما من الدول الآسيوية الصاعدة في القارة ذات الكثافة السكانية الأعلى.
وكان معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير دولة الرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها قد وقع مع لورانس دي فنك وهنري كرافيس اتفاقية شراكة استثمارية بين أدنوك و« كي كي آر » و«بلاك روك ».. يقدم المستثمرون من خلالها حوالي 14.7 مليار درهم لاستئجار جزء من أنابيب نقل النفط الخام والمكثفات لمدة 23 عاماً فيما تحتفظ « أدنوك» بحق التحكم وإدارة عمليات الأنابيب.
وتماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة عملت أدنوك على مدى السنوات الثلاث الماضية على تحقيق إنجازات مهمة ونقلة نوعية تركز الشركة خلالها على الارتقاء المستمر بالأداء المتميز وزيادة العائد الاقتصادي.
وتمثل الشراكة الجديدة مع « كي كي آر» و« بلاك روك» خطوة مهمة ضمن استراتيجية أدنوك المتكاملة 2030 للنمو الذكي حيث يؤكد هذا الاستثمار نجاح نهج الشركة الوطنية لتوسعة نطاق الشراكات الاستراتيجية والتركيز على تعزيز القيمة والإدارة الاستباقية لمحفظة الأصول ورأس المال.
ومن ضمن المبادرات الأخرى التي نفذتها «أدنوك» مؤخراً لتعزيز القيمة بدء تعاملها مع أسواق رأس المال العالمية لأول مرة، وإصدار سندات لأصول شركة خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام « أدكوب » ونجاح أول اكتتاب عام على أسهم «أدنوك للتوزيع»، والشراكات الاستراتيجية التي أبرمت مؤخراً بين «أدنوك للحفر» و«بيكر هيوز»، وبين «أدنوك للتكرير» وكل من «إيني» و«أو أم في».
واستناداً إلى ركائزها الأساسية التي تشمل الاستثمار في الكوادر البشرية، والارتقاء بالأداء، ورفع الكفاءة وزيادة العائد الاقتصادي والربحية، تعمل «أدنوك» على ترسيخ ثقافة مؤسسية تهدف إلى تحقيق أقصى قيمة ممكنة من الموارد بما يعود بالنفع على دولة الإمارات وأبوظبي.
وكانت وكالة « فيتش» قد منحت «أدنوك» مؤخراً تصنيفا ائتمانيا مستقلا من الدرجة «AA+»، وتصنيفاً من الدرجة «AA» بالنسبة للقدرة على الوفاء بالتزاماتها طويلة الأجل، مع نظرة مستقبلية مستقرة. ويعد هذان التصنيفان حالياً أعلى تصنيفات ائتمانية تمنحها وكالة «فيتش» لشركة نفط وغاز على مستوى العالم. ويجسد هذا الاستثمار طويل الأجل لشركتي « بلاك روك » و« كي كي آر» مكانة دولة الإمارات وأبوظبي باعتبارها وجهة استثمارية تشهد نمواً متسارعاً في جذب رؤوس الأموال الخارجية...وتعد هذه الاتفاقية الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط التي توظف فيها مؤسسات استثمارية عالمية رائدة رؤوس أموال في أصول البنية التحتية الرئيسية لشركة نفط وطنية.

المتحدثان في سطور:
لورانس فنك
- مؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة« بلاك روك».
- اختارته مجلة « فورتشن» ضمن قائمة «أعظم قادة العالم» بينما اختاره موقع«بارون» ضمن قائمة أفضل الرؤساء التنفيذيين في العالم لمدة 12 عاماً متتالية.
- قبل تأسيسه لشركة « بلاك روك» في عام 1988، عمل عضواً في اللجنة الإدارية وعضواً منتدباً لإدارة مؤسسة « فيرست بوسطن كوربريشن».
- عضو في مجلس أمناء جامعة نيويورك والرئيس المشارك لمجلس امناء « مركز لانغون الطبي» التابع لجامعة نيويورك.
- حاصل على ماجستير إدارة أعمال، تخصص إدارة العقارات من جامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس في عام 1976، وشهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس1974.
هنري كرافيس:
المؤسس المشارك ورئيس مجلس الإدارة المشارك والرئيس التنفيذي المشارك لشركة الاستثمار العالمية« كولبيرج كوافيس رورتس أند كومباني» (كي كي ار)» عضو في مجلس ادارة« فيرست داتا موربوريشن». و«آيكونيك كابيتال ذ.م.م».
يعمل أيضاً في العديد من المؤسسات الثقافية والمهنية والتعليمية الأخرى كمدير أو رئيس فخري.
- أسس كرافيس« معهد كرافيس للقيادة» في كلية كليومونت ماكينا»، حيث أطلق جائزة« كرافيس» في القيادة والتي تكرم القيادة في القطاع غير الربحي.
- حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية كليرمونت ماكينا ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية كولومبيا للأعمال.