خبراء ورجال أعمال يطالبون بتنويع قاعدة الاقتصاد القطري
شدد عدد من كبار رجال الأعمال على ضرورة تنويع قاعدة الاقتصاد القطري حتى لا يظل تحت رحمة تقلبات أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، مؤكدين أن الاعتماد شبه الكامل على النفط والغاز في تمويل الموازنة العامة للدولة يشكل خطورة كبيرة على مستقبل الأجيال القادمة نظرا للتقلبات المستمرة لأسعار البترول والغاز·
وقالوا إن تحقيق هذا الهدف لن يتحقق بدون وجود قطاع خاص حقيقي يشارك في مسيرة التنمية وطالبوا الدولة بالعمل على تشجيع المستثمرين الأجانب ورجال الأعمال القطريين من خلال تهيئة المناخ المناسب للعمل والإنتاج وتبسيط الإجراءات واصلاح التشريعات وزيادة الحوافز المقدمة للقطاع الصناعي·
يذكر أن الأرقام التي أعلنها جهاز الإحصاء مؤخرا حول هيكل الناتج المحلي الإجمالي لقطر خلال العام الماضي أكدت أن الاقتصاد القطري مازال اقتصادا أحادي الجانب يعتمد في الأساس على ايرادات النفط والغاز حيث اشارت الأرقام ان مصدر ثروة قطر يتجلى في مواردها الهائلة من البترول والغاز الطبيعي الأمر الذي جعل نصيب النفط والغاز يشكل نحو 61,6 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الاجمالي وهو ما يعني أن هذا القطاع يمثل العمود الفقري للاقتصاد القطري·
وأشارت أرقام جهاز الإحصاء الى ضعف مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي حيث سجل نشاط البناء والتشييد نموا في إنتاجه بلغ 24,1 بالمئة خلال العام الماضي مقارنة بعام 2007 فيما بلغت نسبة مساهمته في الناتج الإجمالي نحو 0,04 بالمئة فقط ورغم إرتفاع إنتاج نشاط الكهرباء والماء بحوالي 26 بالمئة خلال العام الماضي مقارنة بـ 2007 الا أن نسبة مساهمته في إجمالي الناتج لم تتعد 0,014 بالمئة وتؤكد الأرقام إرتفاع إنتاج نشاط التأمين والتمويل وخدمات العقار والأعمال بحوالي 16,2 بالمئة عام 2008 مقارنة بالعام السابق ورغم ذلك فلم تزد نسبة مساهمة هذا القطاع في إجمالي الناتج القومي عن 0,09 بالمئة·
هذا وقد سجلت القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 27,2 بالمئة في عام 2008 ليبلغ إجمالي مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي نحو 142,6 مليار ريال قطري، أي ما يعادل 38,3 في المئة·
وبالرغم من ذلك لم ينعكس هذا النمو على المساهمة النسبية للقطاع في الناتج المحلي الإجمالي حيث شهدت تراجعاً من 43,3 بالمئة في عام 2007 إلى 38,3 بالمئة في عام ،2008 وذلك بسبب زيادة مساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي والتي فاقت الزيادة في مساهمة القطاعات غير النفطية·
وقال الدكتور سعد محمد خليل الخبير الاقتصادي في مجلس التخطيط القطري إن الاعتماد شبه الكامل على النفط والغاز في تمويل الموازنة العامة للدولة يشكل خطورة كبيرة على مستقبل الاجيال القادمة نظرا للتقلبات المستمرة وغير المضمونة لاسعار البترول والغاز في الاسواق العالمية·
وأكد ان هذا حدث بالفعل خلال الربع الأخير من العام الماضي مشيرا الى تراجع إجمالي الناتج القومي خلال الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 23,2 بالمئة مقارنة بالربع الثالث من نفس العام·
وقال إن جهاز الاحصاء ارجع هذا التراجع الى انخفاض متوسط أسعار كل من النفط الخام، الذي تراجع بحوالي 55 بالمئة في الفترة بين الربعين الثالث والرابع من العام 2008 والمكثفات التي تراجعت أسعارها بنفس النسبة تقريباً·
وأكد الدكتور سعد خليل أن ارتفاع اسعار البترول وزيادة انتاج قطر من الغاز الطبيعي كان السبب الرئيسي في ارتفاع معدل النمو خلال العام الماضي مشيراً الى أن نسبة نمو قطاع الغاز ارتفعت بشكل كبير بعد أن أصبحت قطر اكبر الدول المصدرة للغاز في العالم، وقال إن احتلال قطر للمركز الأول عالميا في تصدير الغاز·
وحول السبل التي يراها لتنويع قاعدة الاقتصاد القطري قال لابد أن تقوم الدولة بالعمل على خلق بيئة داعمة وقادرة على تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لأن ذلك سيسهم في تحقيق نمو اقتصادي اضافي وتنمية مستدامة من خلال تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة ذات القيمة الإضافية العالية هذا علاوة على انه الطريق الأمثل لتنويع الدخل الاقتصاد القطري والتقليل من الاعتماد على مصادر الطاقة في تمويل الانفاق العام ·
ومن جانبه أكد عيسى عبد السلام أبو عيسى الأمين العام لرابطة رجال الأعمال القطريين ان تنويع قاعدة الاقتصاد القطري مرهون بمشاركة القطاع الخاص في خطط التنمية·
واكد ان ذلك لن يتحقق بدون وجود قطاع خاص حقيقي وفاعل في مسيرة التنمية، وطالب الدولة بالعمل على تقوية القطاع الخاص القطري من خلال تهيئة المناخ المناسب للعمل والإنتاج عن طريق تيسير الرجراءات واصلاح التشريعات وتحفيز المستثمرين لأن ذلك من شأنه ان يؤدي الى دخول رجال الاعمال القطريين الي مجالات استثمارية جديدة وكذلك الاتجاه الى مشاريع التصنيع القادرة على تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد القطري·
وقال لابد أن يكون هناك وفرة في الاستثمار بهدف تنويع مصادر الدخل القومي بجناحيه الخارجي والداخلي من خلال جذب المؤسسات المالية العالمية للاستثمار في قطر فضلا عن قيام الصناديق التابعة لهيئة الاستثمار القطرية بدراسة الفرص الاستثمارية الواعدة في الخارج سواء كان ذلك في الدول العربية الشقيقة او الدول الآسيوية المجاورة· وأكد ابو عيسى ان تحقيق هذا الهدف يعتمد على محورين أساسيين الأول هو جذب الاستثمارات العربية والأجنبية الى قطر والمحور الثاني هو استثمار فوائض البترول والغاز في مشروعات تجارية وصناعية وعقارية في الأسواق الخارجية الآمنة· وشدد على ضرورة تغيير الإطار التنظيمي للاقتصاد القطري بهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام فضلا عن تعزيز حرية المنافسة وتشجييع المستثمرين على تنويع قاعدة الاقتصاد القطري·
المصدر: الدوحة