فاطمة عطفة (أبوظبي)
تحدث المبدع النيجيري الكبير وولي سوينكا، الحائز على جائزة نوبل، ضمن فاعليات مهرجان هاي أبوظبي، عن إعادة كتابة التاريخ، وصياغة اللغة، والدروب الثقافية، والهويات المتعددة، ومهمة الروائي في سرد الأحداث، أدار جلسة الحوار: بيتر فلورنس، مشيراً إلى طفولته، قائلاً كيف كان والده يحدثه عن أحد الأفلام، التي تعرضها برلين في مهرجان سينمائي، وكان الفيلم من إبداع الكاتب الكبير سوينكا، الذي قرأ كثير منكم بعض قصائده ورواياته، وها هو الآن بيننا ليحدثنا عن نضاله وتجربته.
يقول الكاتب: أولاً أنا من نيجيريا، ونحن نحب الألقاب، والجميع في بلادنا يطلقون الألقاب، ونحن نحب الألقاب ونعيش معها، يقولون: هذا فيلسوف أو طبيب وأستاذ جامعي بروفيسور ويلفظونها (بروف)، وأشار إلى أن والده كان مدرساً، ونحن جميعاً نحب التدريس، وإن لم نكن مدرسين، وحتى الأم تعتبر مدرسة وإن لم تكن تعمل في التدريس، وعندما ألقي محاضرة وتترجم إلى لغات ويتفاعلون معها أكون في غاية السعادة، وأتحاور مع الطلاب وأنا أحب طلابي، وأحاول أن أتقرب إليهم وأتعلم منهم، وبذلك أعتبر نفسي مدرساً ناجحاً في التقارب معهم، وأحب الكتابات المختلفة والمتنوعة، كما أحب أن أكتب في موضوعات متعددة، وعندما أكتب أبحث دائماً عن الأفضل.
وتابع المحاضر وولي سوينكا: أنا نيجيري لكني أحب كل الثقافات، أحب أن أكون إنساناً في أي مجتمع وجدت فيه، وإذا كانت لديك ثقافة فأنت غني، فلا حدود للثقافات والعلاقات الإنسانية، سواء بالصحة أو التعليم، وقد اكتشفت أن الثقافات المختلفة ليست في المجتمعات الأفريقية فقط، والإنسان قادر أن يختار العلاقة الإنسانية التي ينسجم معها في كل مجتمع.
وحول نشأته القبلية، أكد أنه نيجيري متحضر، ولا يحب الخوض في الفوارق الإنسانية، مشيراً إلى أنه يحمل أكثر من جواز سفر، لكنه يلفت النظر دائماً إلى أنه نيجيري، وليس مواطناً لأي بلد آخر، وتابع موضحاً أنه يعتبر اللغات جميلة وهي نغمات، وهناك علاقة طيبة بين اللغة والكلمات، فهو يقرأ الشعر والرواية ويهتم بطريقة الإلقاء، ويرى أن الترجمة مهمة، وتلعب دوراً كبيراً ومهماً جداً، وحين كان يترجم إلى الإنجليزية يستخدم بعض الكلمات النيجيرية، ثم يعيد الترجمة بكلمات أخرى، مبيناً أنه حين يترجم الفكرة يبحث عن إيجاد نغمات في الكلمات التي يختارها، والمشكلة أن هناك العديد من المصطلحات التي تقلب الأمور، أما في موضوع الكتابة، فقد أكد أنه يكتب الواقع، ويبحث عن الصور الخيالية التي تعبر عن أفكارنا.
وتابع قائلاً: من الصغر اكتشفت بالفعل أهمية الكتابة، وأن على المجتمع أن يكتب ليحقق حريته، والحرية لكل الناس، لكن لا بد أن نكون عادلين، ونقف بوجه كل من يسيء إلينا، إن جوهر الحياة أن نعتني بحياتنا، أما عن شغفي بجمع التحف واهتمامي بالتراث الوطني، فهذا بدأ عندي منذ أن عرفت قيمة ثقافتنا، وبما أن الآثار تنتمي للثقافة فقد صرت محباً لها، سواء كانت تنتمي للثقافة المسيحية أو الإسلامية، لأن هذه القطع الأثرية تدل على مهارات البشر الذين صنعوها، ونحن نحتاج إلى إعادة التفكير في الناس الذين سبقونا.
وحول العلاقات الإنسانية، أكد قائلاً: علينا أن نتفق في التوجه العام الذي يجمعنا، وأن نلتقي في بعض الأفكار، وإن كان لكل منا أفكاره، لكن يجب أن يسود بيننا الاحترام والتعاون، وحين نواجه أمراً من الأمور فعلينا أن نهتم بالأفكار التي تجمعنا ويتفق عليها جميع البشر.