عبد الوهاب العريض

تعيش المملكة العربية السعودية منذ عامي 2018/‏2019 مرحلة من التغير وتحسين نمط الحياة في المجتمع وتناغم التغير مع برنامج «جودة الحياة 2020»، الذي أطلقته المملكة مطلع عام 2018 ليكون نموذجاً عالمياً يحتذى به في جوانب التنمية التي تلامس المجتمعات العالمية ويشمل هذا البرنامج التغير في (الاقتصاد والثقافة والترفيه والرياضة ورفاهية العيش).
ومع استمرار دفع عجلة التغير في كافة الجوانب أقرت المملكة عدداً من القوانين التي استطاعت تطبيقها في أقل من عامين، ومنها إقرار نظام مكافحة التحرش، وتمكين المرأة في إدارة أعمالها التجارية والإدارية، وفتح مجالات جديدة للمرأة كانت تحلم بها سابقاً، ومنها قيادة المركبات، ونظام الولاية وهذا ما عبر عنه عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية الدكتور عبدالعزيز الدخيل بأن «المجتمع السعودي يعيش طفرة اجتماعية كبيرة طالت جميع الفئات الاجتماعية، خصوصاً النساء والشباب».
في الجانب الثقافي استطاعت البرامج التي تقدمها رؤية 2030 أن تواكب تطلعات الجيل الجديد في هذا التغير، والتي كانت جاهزة وتعمل منذ زمن طويل من أجل صناعة مجتمع حديث، على مستوى الفنون (سينما/‏ ومسرح)، فعاليات ثقافية وفنية ومهرجانات في كافة مناطق المملكة ما بين شمالها وجنوبها، شرقها وغربها، تعيش حالة التغير الذي يعيد رسم خريطة المملكة من جديد في أفضل حالاتها المختلفة.

الرياض قبلة فنية عالمية
عضو الرابطة الدولية للفنون في باريس رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية سابقاً عبدالرحمن السليمان تحدث عن بدايات المعارض الفنية في المملكة، التي بدأت بجهود فردية، ثم الانطلاقة التي شهدتها في السبعينيات وتبنتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب من خلال إدارة الشئون الثقافية فيها، وكان الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام للرئاسة داعماً رئيسياً ومباشراً لها، ثم تطرق إلى دور جمعية الثقافة والفنون بفروعها التي كانت شعلة نشاط، وتجد الدعم والميزانيات وتحقق أهدافها على النحو الذي جعلها مركزاً هاماً في الساحة الثقافية السعودية والخليجية. بالإضافة إلى الدور الذي لعبته قاعات العروض الفنية والمراكز والمؤسسات الفنية تجاه الفنانين والفن، وظهور مؤسسات هامة كالمنصورية للثقافة والإبداع ثم المجلس الفني السعودي ومؤسسة الفن النقي والمركز السعودي بجدة، وقاعات الفنون والغاليريات المتنوعة، مثل: نايلا جاليري وأتيليه جدة، وبيت التشكيليين وحافظ جاليري و أثر غاليري وغيرها، وخلص السليمان إلى القول:
قبل أعوام كانت التحولات الفنية في المملكة جلية وواضحة وهدفاً حقيقياً للقيادة السعودية ضمن التحديث العام الذي تشهده البلاد، فكانت وزارة الثقافة بوزيرها الشاب والمثقف، وطاقمها الشبابي المتطلع والطموح، ومعهد مسك للفنون بإدارته الشابة الطموحة أيضاً يرسمون لمستقبل أكثر إشراقاً وتفاعلاً مع الخارج، يرسمون حضور الناتج الإبداعي السعودي بكافة أوجهه وأسمائه وتياراته وأجياله للتعريف بثقافة وإبداع سعودي أصيل يواكب المستجدات ويتفاعل مع المعطيات الحديثة والمعاصرة التي تخاطب العالم والإنسان في كل مكان بلغة يفهمها الجميع، وقبل ذلك كان استضافة المملكة لمبدعين ومبدعات من خلال برامج معهد مسك أو مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) في الظهران أو المجلس الفني السعودي بجدة.
وأضاف السليمان: تتعزز هذه الإنجازات والتطلعات بالإعلان عن فن الرياض والمستقبل الفني والثقافي الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين لتكون الرياض قبلة فنية عالمية فيها المتاحف والأعمال الفنية الكبرى والإنجازات المبدعة الخلاقة، وقد لمسنا بوادر ذلك في استضافات وزارة الثقافة ومعهد مسك لنحاتين ومبدعين من دول العالم، حيث ترصد لمشاركاتهم وحضورهم الميزانيات وتهيئ لهم سبل النجاح والإنجاز.
وختم السليمان: المملكة مقبلة على نهضة فنية كبرى تقف عليها الدولة، عبر عدد من المؤسسات القادرة على تحقيق الطموح، ومعها فنانون وفنانات يؤصلون ويبدعون منجزاً فنياً يواكب ما يجري فنياً في العالم ويتميز بثقافته وإنسانيته وأصالته.

تطور مضطرد
وعن التحولات في المشهد الفني تقول الفنانة التشكيلية دنيا صالح الصالح: في ظل التحولات الراهنة وانعكاسها على المشهد الثقافي والفني خصوصاً، نجد أن هناك تطوراً مطرداً ومتصاعداً في شكل ومضمون ما يتم تقديمه من أجل النهضة الفنية في المملكة العربية السعودية، ويمكن تلمس ذلك من خلال الجهات الداعمة، والتطور الحاصل في الجمعيات التي تعنى بالفن التشكيلي مثل الجمعية السعودية للثقافة والفنون «جسفت» وانتشارها في جميع مناطق المملكة، ومحاولة وصولها لكافة الشرائح المهتمة بالفن، وكذلك استقطاب فئة الشباب وتنمية الذوق الجمالي لدى الجمهور من خلال المعارض والدورات التدريبية.
وتضيف الصالح بأن «تأسيس مؤسسة مسك التي تعنى بكافة أشكال الإبداع في المملكة، وتسعى إلى إقامة نهضة حقيقية تتيح للفنانين الشباب فرصة تبادل الأفكار ‎ومشاركة الفنانين من دول الخليج والدول العربية والعالم اهتماماتهم وإبداعاتهم، جاء ليؤكد على ضرورة تقديم مزيد من الإبداع من قبل الفنانين والمنافسة ليس على المستوى العربي، بل على المستوى العالمي أيضاً، وضرورة المساهمة أيضاً في كافة البرامج التفاعلية التي تقيمها مؤسسة مسك داخل وخارج الوطن.

قفزة سينمائية
من جهته يقول الشاعر والسينمائي أحمد الملا مؤسس مهرجان أفلام السعودية إن«هذه التحولات التي نشهدها منذ انطلاق الرؤية السعودية الجديدة، هي قفزة نوعية، وعلامة فارقة ستكون محط تحليل كثير من الباحثين، وبها تؤرخ مرحلة، وعصر جديد للسعودية والمنطقة. تحولات أشبه ما تكون بالموجة التحديثية على جميع الأصعدة، بدءاً بالاقتصادي حتى الاجتماعي، مروراً بالمعرفي. وجميعها تشهد لأول مرة على صعيد الحكومات سن القوانين والتشريعات الكفيلة بتأصيلها وتعميق فعلها. وما الثقافي إلا رأس الجبل الجليدي الظاهر للعين العابرة، لما للثقافة بمفهومها الواسع من لون لافت وصبغة جمالية تغري البصر. وعطفاً على السياق الثقافي في السعودية فإننا نرى لأول مرة جهة واحدة، تتولى مسؤولية الشأن الثقافي بمفهومه العام (وزارة الثقافة)، تكون مرجعاً من بعد شتات، لكل ما تعنيه الثقافة والفنون، مما يعيد الاعتبار والقيمة للثقافة، ينظم فعلها، يحمي منتجها ويطوره، إرثا وأثراً، سواء في صفوف مبدعيها أو متلقيها».
ويضيف الملا:« نشهد توالي العمل على نشأة التنظيمات التأسيسية بعيدة المدى (خطط استراتيجية)، إلى جانب المبادرات العملية لتشجيع وتنشيط الحراك الثقافي، في اللحظة الراهنة، ومنظومات مؤسسة تتحرك في اتجاهات عدة بقيادة وزارة الثقافة. كمراقب للمشهد ألمس أحلاماً تتحقق، كنا قبل عقود نراها في عداد الأمنيات المستحيلة».
مضيفاً بأن «الممارسة التنظيمية التي تنطلق الآن ستواجه الكثير من التحديات والصعوبات، وتحتاج إلى حكمة في التعامل مع الأخطاء الطبيعية التي يغلب عليها التغير في نمط الإنتاج، كما علينا التعامل بواقعية في البناء والتأسيس مع احتواء السياقات التي عبرتها مختلف التجارب الثقافية السابقة في السعودية، باستيعابها والتعامل معها بما يليق. السعودية قارة «مجهولة»، تكشف عن كنوزها، وتكتشفها في آن، تنوع ثقافي وشواهد أثرية، في نظرة أفقية، وبنظرة عميقة ينكشف منجم من الثراء التاريخي والأساطير. هذا كله مع وجود طاقات بشرية شغوفة بالمعرفة والإنتاج، وتتلهف للتفتح».
وحول المشهد السينمائي يقول الملا:« السينما هي سنام التعبير الفني، ويصدف أن التحول في السعودية يواكب نشأة السينما بمنظومات تنطلق وتسيّرها معاً، جميع المحاولات السينمائية الرائدة والتجارب السابقة لصناع الأفلام كانت أشبه ما يكون بإرهاصات تهيئ لما نشهده من حراك سينمائي راهن».
كما أضاف بأن« البشارات تتواصل بين إعلانات عن أكاديميات ومعاهد فنون، ابتعاث مختصين، بنية تحتية (مدينة إنتاج)، برامج تطوير، منح إنتاجية (أتمناها صناديق دعم إنتاج مستمرة)، صالات عروض تجارية، منصات عروض ومنافسات فنية (مهرجانات) وتأثيث المناخ الفني المحفز للإبداع السينمائي. أعتقد أن بروز المنتج السينمائي السعودي المتسارع والواضح أكثر من فنون أخرى، يعود إلى انطلاقته بخفة بعيداً عن ثقل الإرث، كما يحدث مع الآداب والفنون الأخرى. نشهد نجاحات عديد من الأفلام حالياً، في الأفلام الروائية الطويلة «سيدة البحر» للمخرجة شهد أمين، فيلم «آخر زيارة» للمخرج عبدالمحسن الضبعان، فيلم «المسافة صفر» للمخرج عبدالعزيز الشلاحي، وفي الأفلام القصيرة «ارتداد» للمخرج محمد الحمود، «الفضائي العربي» للمخرج مشعل الجاسر.. وآخرين في الوثائقي والتحريكي.
وختم الملا حديثه قائلاً: «أثق أن عام 2020 سيشهد إنتاجاً سينمائياً مبشراً بمرحلة انتقالية، خاصة عند إطلاق هيئة السينما السعودية المنتظرة، لتؤدي دورها التنظيمي في رعاية وتنمية المنتج السينمائي».

الموسيقى.. من الظل إلى العلن
مشرف لجنة الموسيقى في جمعية الثقافة والفنون بالدمام الموسيقي سلمان جهام يقول بأن هذه «التحولات السريعة في جميع المجالات الثقافية والفنية بعد إطلاق رؤية 2030 مثلت بداية لعودة الأمور اجتماعياً نحو الطريق الصحيح؛ فبعد أن كانت جميع المجالات الثقافية والفنية المحلية تعمل في الظل بسبب المعادين لها وغير المهتمين بها اجتماعياً أصبحت تعمل تحت الأضواء بعد كف يد المعادين لها بالدرجة الأولى وتصحيح مفاهيم غير المهتمين بها».
وأضاف بأن «رؤية 2030 أعطت كل المختفين - تحت أي ذرائع اجتماعية القوة لممارسة الموسيقى بكل شجاعة وتعاطيها من دون أي خوف أو قلق».
ووصف جيهام إدخال الموسيقى في مناهج التربية بأنه «تصحيح وضع خاطئ استمر عقوداً طويلة؛ فالتربية الفنية ليست مقصورة على الفنون التشكيلية والخط.. بل يتوجب أن يكون معها بجانب الموسيقى الفنون المسرحية والفنون السينمائية لتكتمل حلقة التربية الفنية، وهذا ما كنت أدعو له منذ سنوات ماضية عبر جميع المنابر الثقافية والفنية».
أما الكاتب والباحث السعودي محمد الدخيل فيرى أن «قرار تدريس الموسيقى والفنون والمسرح للطلاب في المملكة العربية السعودية مهم جداً في صناعة الإنسان السعودي الجديد، ليكون طبيعياً ومتوازناً ومنسجماً مع نفسه، مع مكوناته الذاتية العميقة، ومع الحياة والمجتمع، يعرف معنى الحياة ومواطن الجمال فيها ويقدرها حق قدرها، يعرف معنى وقيمة وجوده في الحياة وطرق الاستمتاع بها، ما يجعله محصناً ضد أي أيديولوجيا شمولية، عنيفة ومدمرة للأفراد والمجتمعات، أيديولوجيا تسحق الأفراد والأمم في سبيل تنفيذ أو تطبيق فكرة ما».
ويضيف الدخيل: «هناك من يتساءل عن أهمية تنفيذ القرار ويدخل في مقارنات مع المجتمعات الأخرى، ويتساءل عن فوائد ذلك، والحقيقة أن القرار بحد ذاته يستهدف مثل هذه النماذج والشخصيات التي لا تعي معنى وأهمية الفن في حياة الإنسان. كما أنها لا تعرف معنى الفنون وأهميتها للإنسان في كل أطوار وأشكال حياته، وهي لن تفهم أو تعرف حتى تصبح الفنون جزءاً أصيلاً من مكونها الداخلي، وعندها سيبطل مثل هذا السؤال وتنتفي مشروعية طرحه، إذ أن تعليم الطفل الفنون والموسيقى ليس قراراً يتخذه ولي أمره وأسرته، بل هو حق أساسي لهذا الطفل ينبغي على المجتمع والدولة أن توفره له، مثلما تحقق له بقية أسباب وجوده وتقف في وجه أي تعسف من ولي أمر أو أسرة تحرمه من هذه الحقوق أو تمنعها عنه».
وحول تهيئة المجتمع السعودي لاستقبال مثل تلك التغيرات يقول الدخيل: «لا تستطيع أن ننتظر اكتمال كل الشروط لتنفيذ قرار ما، فعملية التنفيذ نفسها تساهم في خلق وتطوير البيئة والشروط المناسبة لتنفيذ هذه الفكرة أو هذا القرار».

تغيير حقيقي لا طلاء خارجي
الروائية والكاتبة السعودية رجاء البوعلي ترى بأن هذه التحولات السريعة ستغير نوع المنجز الثقافي بشكل عام، وتضيف: التغيير الثقافي ليس تبديلًا للأغطية الخارجية ولا طلاء جديد تُطلى به الأبنية والشوارع، إنما تحويل جذري في مسار تفكير الإنسان، وعليه تتغير قناعاته ومعتقداته في الأشياء، فتنعكس على ممارساته الخارجية بخلق مظهر ثقافي جديد للمجتمع، وهذا هو المحك! فلقد بنى المجتمع ثقافته الخاصة بشكل جماعي عبر مروره بظروف سياسية واجتماعية معينة أدت لتكوين صورة انطباعية موحدة، تعكس واقعها للعالم الخارجي، ورؤية 2030 بتطلعاتها الثقافية الشاملة تحول مسار الرؤية الوطنية كليًا».
حول مجموعات الممانعة للتغير في المملكة تقول بوعلي بأن أي« مرحلة تغييرية قد يصاحبها بعض الممانعة الناتجة من قلق المجهول تجاه بعض القرارات المستجدة حكوميًا ووزاريًا، فعلى سبيل المثال: ما زال الأهالي في حالة ترقب لنتائج القرارات المستجدة لدى وزارة التعليم بشأن الطلبة ونظام الدراسة والامتحانات. كذلك ما استجد بشأن عقود الزواج بعد اشتراطها لبلوغ سن 18، فتعتبر حالة جديدة تدخل ضمن الثقافة الملزمة للمجتمع، وهذا بطبيعته يلقى ردودَ أفعالٍ متباينة بين الاستحسان والامتعاض لدى بعض البيئات الاجتماعية الداخلية».. مؤكدة بأن الشعب السعودي بكافة أطيافه رحب بقرارات وأنظمة تقدمية تدفع بالثقافة السعودية لأن تصير محورًا أساسيًا فاعلًا بين الدول الأخرى، وهكذا تشهد المجتمعات الوطنية تحديًا معينًا؛ نظرًا للتسارع في واقع التحول من جميع الجهات، وتبقى الميزة لمن يبذل جهده في إيجاد نقاط مشتركة اجتماعيًا وثقافيًا مع مظاهر التحول الثقافي، باعتبار أنه ليس أمرًا سهلًا للغاية، فالمجتمعات تبني ثقافتها وتراكمها عبر الزمن، وربما تحتاج زمنًا ليس بالقليل لتبديل هذه الأعراف الثقافية السائدة لسنوات طويلة.
وتحدثت عن المشهد العام في المملكة قائلة «هناك حركة دؤوبة في مختلف المجالات، داعمة لرؤية التحول بشكل إيجابي وجاد لتؤثر على المخرجات والنتائج وتعطي انعكاسًا إيجابيًا بشأن تطبيق القرارات الداعمة للتغيير الثقافي ظاهريًا وباطنيًا، ويبدو هذا جليًا فيما يتعلق بالمنجز الإبداعي للشعب السعودي بشكل عام، فلا شك أن الانفتاح الثقافي والتطلع التقدمي للإنسان يعطي مساحة أرحب لإنجاز إبداعي أكبر، وفي هذا المجال تشهد المملكة حراكًا واضحًا سيسعى لا محالة لتغيير نوع ومستوى المنجزات الإبداعية تغيرًا جذريًا؛ ليرقى لمستوى الدول المحظوظة بشعب مميز بقدراته ومهاراته ومستواه العلمي التنافسي».

المسرح الوطني.. فاتحة التطوير
الكاتب المسرحي، والمندوب الإعلامي للهيئة العربية للمسرح بالسعودية إبراهيم حامد الحارثي يقول: «حين تأسست وزارة الثقافة وتم فصلها كلياً عن الإعلام كان هناك توجه جاد تجاه المسرح، بل أسهمت الوزارة منذ بدايتها بترتيب أوراق المسرحيين وتم طرح خططهم ورؤاهم للنقاش من أجل النهوض بالعملية الفنية برمتها. ولعل الإعلان عن المسرح الوطني، الذي أوكلت مهمة الإشراف عليه للمسرحي عبد العزيز السماعيل هي نقطة التحول الأولى، لأن السماعيل يستطيع قيادة الشأن المسرحي وتطويره فهو ملمٌّ بجميع التفاصيل التي تجعل المسرح ينطلق بروح مختلفة وأنيقة». ويضيف الحارثي بأن «المسرح الوطني أول محطات التطوير التي تسعى الوزارة جاهدة لأن تجعلها ضمن أولوياتها.. بل ورصدت الوزارة من خلال العديد من اللقاءات والورش التي عقدتها أنه ينبغي خلق حالة تساهم بشتى الطرق لجعل المسرح قادراً على البناء، في دليل ملموس أن الحراك الثقافي لن يكتمل إلا بجعل المسرح يأخذ مساحته الحقيقية التي وضعت لأجله. وأعتقد أن مبادرة «المسرح الوطني» ستكون ذات خطة واستراتيجية مختلفة خصوصاً في تنفيذها، ليقيني أن الوزارة ستنطلق نحو تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة سيما وأنها تعاونت مع وزارة التعليم من أجل إدراج «المسرح والموسيقى» في المناهج في الأعوام المقبلة». وتحدث الحارثي عن لقاء وزير الثقافة ووزير التعليم خلال شهر نوفمبر 2019 والذي «أثمر عنه بحث التعاون بين الوزارتين لتحقيق الأهداف الاستراتيجية ذات الصلة، عن الاتفاق المبدئي على إدراج الثقافة والفنون في مناهج التعليم العام والأهلي، إضافة إلى نقل صلاحية إعطاء التصاريح والرخص للأنشطة والمسارات الثقافية والفنية إلى وزارة الثقافة، وأن يكون لوزارة الثقافة التصريح للمعاهد والجامعات والكليات والمدارس الأهلية للبرامج والأنشطة والمسارات التعليمية المستحدثة في الثقافة والفنون، وتفعيل واستخدام وتشغيل مرافق وزارة التعليم كالمسارح المدرسية والجامعية». وختم الحارثي بأن «الوزارة متجهة لتحقيق تطلعات المسرحيين من خلال بعض البرامج المهمة، والتي تفيد جميع صناع العرض المسرحي من كُتاب ومخرجين وفنيين وممثلين وهم الحلقة الأبرز حالياً».