البنوك المركزية الخليجية تجتاز ضعف الدولار
تبدو أغلب البنوك المركزية في دول الخليج العربية مؤهلة لاجتياز ضعف الدولار الأميركي في الآونة الأخيرة بالرغم من أنه ربما يغري الكويت للتعجيل برفع قيمة عملتها للمرة الثانية هذا العام في إجراء متوقع على نطاق واسع لاحتواء التضخم الناجم عن ارتفاع أسعار الواردات· ولا تعد تكاليف الواردات محركاً كبيراً للتضخم في بلدان الخليج الأخرى المنتجة للنفط، حيث أسعار صرف العملات ثابتة، كما أن تراجع الدولار قرب أدنى مستوياته مقابل اليورو لم يكن بالدرجة الكافية لجعل البنوك المركزية تخاطر بصدقيتها في سياسة العملة· وخالفت الكويت جاراتها في الخليج أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم، وألغت ربط عملتها الدينار بالدولار في مايو لاحتواء تأثير تكاليف الواردات على التضخم· وتحافظ بلدان الخليج العربية الأخرى على ربط عملتها بالدولار منذ الثمانينيات، غير أن الضغوط من أجل تغيير تلك السياسة تصاعدت مع ضعف عملاتها بالرغم من الفائض الهائل في حساباتها الجارية ومعدلات النمو التي تتجاوز العشرة في المائة·
لكن في ظل التأثير المحدود لتراجع الدولار هذا الأسبوع على اقتصاداتها، ومع عدم استمرار الخسائر الحادة تحجم بلدان الخليج عن اتخاذ إجراءات رداً على ما قد تعتبره تقلبات قصيرة المدى· وقال ستيف برايس الرئيس الإقليمي لقسم البحوث في بنك ستاندرد تشارترد: ''يريدون التروي قبل أي قرار من هذا القبيل·'' وأضاف: ''مع تحرك الدولار في نطاق من خمسة إلى عشرة في المائة يستبعد أن يغيروا سياستهم، إنهم ينظرون إلى الأمر على مستوى هيكلي''، وبينما يجاهد أغلب محافظي البنوك المركزية في الخليج تفاقم ضغوط الواردات من أوروبا أو اليابان خلال موجات ضعف الدولار، إلا أن الجانب الأكبر من مشكلة التضخم يرجع إلى عوامل محلية· وتشير تقديرات ستاندرد تشارترد إلى أن حوالي 34 في المائة من واردات الكويت ودولة الإمارات تأتي من الاتحاد الأوروبي وأفضى ذلك إلى زيادة التضخم مع تراجع الدولار إلى مستوى قياسي مقابل اليورو في أبريل· وقفز التضخم في قطر إلى 15 في المائة خلال السنة المالية المنتهية في مارس· وألقت كل من قطر والإمارات حيث بلغ التضخم 9,3 في المائة في 2006 باللوم في التضخم على الإيجارات، حيث تشكل العمالة الوافدة ضغطاً على سوق الإسكان· وقال سايمون وليامز الخبير ببنك اتش·اس·بي·سي ''تراجع الدولار سيثير قلق البنوك المركزية غير أنه لن يثير الذعر لديها·· إنهم يدركون أن نمو الطلب المحلي هو السبب الرئيسي للتضخم وليس ضعف العملة''، كما أن تراجع الدولار ليس سلبياً برمته، حيث يساعد المنطقة على تطوير صادراتها غير النفطية مما يساهم في تنويع الموارد الاقتصادية· وقال وليامز: ''صادرات السلع غير النفطية تمثل الجانب الأكبر من صادرات دولة الإمارات وجزءاً مهماً في استراتيجيتها للنمو·· سترغب دولة الإمارات في أن يكون الدرهم أقوى، لكن تلك القطاعات تستفيد من ضعف العملة''، كما أن معركة الكويت مع المضاربين قبل رفع قيمة عملتها قد تثني البنوك المركزية الأخرى عن اقتفاء أثرها· وكان محافظ المصرف المركزي معالي سلطان ناصر السويدي قال الشهر الماضي: ''إن ربط الدرهم الإماراتي بالدولار، وهو ما لم يتغير منذ عقد يمثل عامل استقرار للاقتصاد''، وقال وليامز: ''مستوى الاهتمام الذي تحظى به العملات الخليجية الآن متواضع للغاية، لكن ذلك قد يتغير إذا تقرر رفع قيمتها مرة·· ستستنتج السوق انها إذا تغيرت مرة فستكون هناك تعديلات أخرى''· وكان السويدي أثار احتمال رفع قمة العملات الخليجية للمرة الأولى في يناير بعدما تجاوز اليورو 1,30 دولار·
وزادت التكهنات بشأن رفع قيمة العملة مع تراجع الدولار في أبريل إلى مستوى قياسي· وفي حين لم ينزل الدولار بعد عن مستواه في أبريل لايزال من المرجح أن تشعر البنوك المركزية في الخليج أن العملة الأميركية عند مستويات مقبولة· وقالت كارولين جرادي الخبيرة ببنك دويتشه في لندن: ''بلغنا هذا المستوى من قبل ومن ثم فهو ليس جديداً عليهم·· لا أعتقد أنهم سيفزعون من يومين، لكن إذا تراجع الدولار أكثر مما نتوقع فقد يتغير الأمر برمته، فيما يتعلق بالتعجيل بأي عملية لرفع قيمة العملة''·
المصدر: دبي