تطلعات إماراتية واعدة.. وأرقام مذهلة من الصين والهند
تقدم هيرمان سبراوت رئيس الاتحاد الدولي للناشرين بالشكر والتقدير لمعالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، للجهود المميزة التي بذلتها الهيئة لاستضافة وإنجاح أعمال المؤتمر السابع للاتحاد الدولي للناشرين، والذي أقيم في العاصمة الإماراتية للمرّة الأولى في المنطقة العربية بمشاركة 270 مندوباً من 53 دولة.
وقال هيرمان إن دولة الإمارات العربية المتحدة هي الرائدة على مستوى المنطقة في مجال مكافحة القرصنة واحترام حقوق الملكية الفكرية.
واستناداً إلى اتحاد البرمجيات التجارية BSA، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة حققت أدنى معدل قرصنة في المنطقة في السنوات العشر الماضية، وهي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي سجلت حضورها على قائمة أبرز 20 دولة في العالم لأدنى معدلات القرصنة. فمع معدل 34 بالمئة، تتفوق دولة الإمارات على العديد من الدول الأوروبية المتقدمة، بما فيها أيرلندا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان، وتنافس أستراليا (31?) وهولندا (30?) والمملكة المتحدة (27?).
ومن جهته جدّد جمعة القبيسي مدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب التزام إمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة باتخاذ كل ما من شأنه تعزيز واحترام حقوق النشر وعقول المُبدعين وحماية الملكية الفكرية، والتصدّي لمختلف أشكال القرصنة.
وقالت الشيخة بدور القاسمي رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين: “لقد تعلمنا الكثير عن الآراء التي تطرقت لحقوق الملكية الفكرية، أشكركم باسم اتحاد الناشرين في الإمارات لهذا التنظيم الذي يعزز التواصل والتفاهم على أمل اللقاء في منتديات أخرى تناقش رؤانا”.
وأجمع المشاركون في المؤتمر، والذين يزيد عددهم عن 270 مشاركاً من 53 دولة، أن اختيار أبوظبي لاستضافة الاجتماع يعكس مَدى الثقة بالتزامِ إمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة بمعايير عالميةٍ للنشر ورعايةِ حُقوقِ المؤلّفِ وتقديرِ الكاتب، من خلال التصدّي للقرصنةِ الفكرية، وتعزيزِ احترام حقوق النشر، وتنميتها كأداةٍ لتحفيزِ المبدعينَ وناشريهم لتطويرِ المعرفة.
وتضمنت أجندة المؤتمر أوراق عمل ومحاضرات لذوي الاختصاص رافقتها ندوات عملية وتطبيقية تخصصية بالإضافة إلى جلسات مناقشة سياسات حقوق النشر والملكية الفكرية. أما الموضوعات التي طرحت للنقاش على جدول أعمال المؤتمر فشملت حقوق النشر في التشريع الإسلامي، النشر في عصر الإنترنت، التراخيص الجماعية، سوق النشر الإلكتروني والرقمي، التوجهات الدولية في مجال حقوق النشر، ومستقبل حقوق النشر في الأسواق الناشئة.
ومع انعقاد مؤتمر اتحاد الناشرين الدولي السابع لحقوق النشر في أبوظبي تحت شعار “نحو الارتقاء بحقوق النشر وخلق أسواق واعدة” على مدى يومين متتاليين رصد “الاتحاد الثقافي” ما جرى في الندوات الفكرية من طروحات ممتعة حقاً كونها مثلت مختلف دول العالم واصفة ما يجري فيها من صناعة وقرصنة والتحديات التي تواجه دور النشر والمؤلفين، مع افتراض أن هذه الندوات قدمت لنا بانوراما كبيرة وواسعة لأسواق كبرى كما هو في سوق الصين أو الهند، هذا بالإضافة إلى توصيف لاستراتيجية أبوظبي الثقافية وصناعة النشر وتنمية المجتمع التي قدمها زكي نسيبة نائب رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث مستشار وزارة شؤون الرئاسة ضمن محور أول جاء تحت عنوان “الثقافة، النشر، وحقوق النشر، إقامة صناعات ثقافية في الدول النامية” والذي اشترك فيه زو هونغ لي من شركة شاندا المحدودة للأدب الصينية وأورفاشي باتالها الناشرة من شركة زوبان الهندية للنشر، وقدمهما للجمهور رئيساً للجلسة إبراهيم المعلم المدير التنفيذي لدار الشروق نائب رئيس اتحاد الناشرين الدولي.
استراتيجية أبوظبي
استهل زكي نسيبة الجلسة النقاشية بمداخلته عن “الاستراتيجية الثقافية لأبوظبي” وقال: “إن احتضان أبوظبي للمؤتمر يعكس الاهتمام الخاص الذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة لهذا الموضوع، ورغبتها العميقة في أن تساهم مساهمة جدية في تطوير التصورات والممارسات التي من شأنها تحسين الوعي في مجال حقوق النشر، لاسيما أنها تسعى إلى أن تكون شريكاً فاعلاً ورائداً في صناعة النشر في المنطقة، ومركزاً متقدماً من مراكز هذه الصناعة لحكومة أبوظبي”.
وأضاف نسيبة: لقد انبثقت الرؤية الثقافية في إمارة أبوظبي من قناعة راسخة لدى القيادة السياسية في الدولة بأن متطلبات التنمية الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، ترتكز على ضرورة اعتماد التخطيط المتكامل لمجتمع المعرفة عن طريق وضع مستلزمات تطوير قطاعي التعليم والثقافة في الدولة كعنصرين متكاملين متزامنين يتبوآن معاً أعلى سلم أولويات التخطيط والاستثمار الحكومي، وذلك بهدف تأهيل وتحصين الجيل الجديد من مواطني ومواطنات الإمارات بالمهارات والكفاءات والمعرفة العلمية والذهنية اللازمة لمواجهة تحديات العصر.
الإرث الوطني
وتحدث نسيبة عن أهمية الإرث الوطني والذاكرة الشعبية التاريخية ثم استعرض أهم إنجازات هيئة أبوظبي للثقافة والتراث على مدى خمسة أعوام وبرامجها ومبادراتها ومشاريعها الثقافية الرائدة، كما تطرق إلى صناعة النشر باعتبارها جزءاً من البرامج والخطط الاستراتيجية التي تعمل الهيئة على وضعها وتطبيقها.
وأكد أن الهيئة أطلقت مشاريع ثقافية مهمة وأكملت إصدار ما يقرب من 600 كتاب بما فيها الكتب والموسوعات الصوتية والإلكترونية ثم مشروع “قلم” لطبع النتاجات الأدبية المحلية وترجمتها ومشروع “كلمة” لترجمة ونشر وتوزيع أهم الأعمال من المؤلفات الكلاسيكية والمعاصرة من اللغات الأجنبية إلى العربية، ومنشورات “أكاديمية الشعر”، بالإضافة إلى مشروع “كتاب” بالتعاون مع معرض فرانكفورت الدولي، وجهود الهيئة في احتضان جائزة أمير الشعراء وشاعر المليون في أبوظبي ودعمها لجائزة الماجدي بن ظاهر للأدب العربي في مونتريال بكندا، غير أن جائزتها الكبرى التي أطلقتها والتي اعتبرت من أهم المنجزات العربية هي جائزة الشيخ زايد للكتاب احتفاء بالمبدعين والمفكرين في مجالات المعرفة والفنون والثقافة العربية والإنسانية.
وأشار نسيبة إلى أن الإمارات تحظى بـ119 دار نشر حكومية وخاصة وبذلك تحولت إلى أهم مركز للنشر والتوزيع في المنطقة.
إحصاءات مذهلة
من جانبه تحدث زو هونغ لي عن الناشر الرقمي في الصين وأورد إحصاءات مذهلة أهمها أن الصين تملك 600 ناشر ويصدر فيها كل عام 300 ألف كتاب منها 150 ألف كتاب جديد والنصف الآخر من الكتب التي يُعاد طباعتها وتكلف صناعة النشر ما يقرب من 100 مليار دولار.
وأكد أن ما يقرب من 350 مليون شخص صيني يستخدم الإنترنت و700 مليون شخص يستخدم الهاتف النقال منهم 25% يستخدمونه قرائياً ووصلت مبيعات شركة واحدة هذا العام إلى 200 ألف جهاز.
وأشار هونغ لي إلى أن الصين لديها ما يقرب من 900 ألف مؤلف على الإنترنت ويصل إلى 90% منه في حقل الأدب وأن ما يظهر على الإنترنت يصل إلى 60 ألف صفحة يومياً ويقرأ عليه 300 إلى 400 ألف قارئ يومياً وبخاصة القصص والروايات.
ونوه إلى أن شركة شاندا الصينية للأدب تتفاوض لتوقيع العقود مع المؤلفين كي تحفظ حقوقهم، وتعقد مع القارئ صفقة بمبالغ بسيطة يدفعها وتقسم بين الدار والمؤلف.
العمل الصعب
أما أورفاشي باتاليا من الهند فتقدمت بورقة بعنوان “العمل الصعب للمتابعة” تحدثت فيها عن المعرفة الحرة والمعرفة التراكمية والملكية الجماعية والملكية الفردية وقالت: إن هناك 22 لغة في الهند يتحدث بها 450 مليون نسمة وأن النشر في اللغة الإنجليزية يصل من 25% إلى 30% في الهند وأن هناك مشكلة تتمثل في القرصنة التي نواجهها دعماً لحقوق الملكية الفكرية والنشر.
وتناولت إحدى جلسات المؤتمر موضوعاً مهماً تحت عنوان “هل يمكن للترخيص الجماعي حماية حقوق النشر” اشترك فيها جون ويلي رودولف رئيس لجنة التنمية في الاتحاد الدولي لمنظمات استنساخ الحقوق IFRRO والدكتور محمد حسام لطفي من مكتب شلقاني القانوني في مصر وكارول نيومان من وكالة ترخيص حقوق النشر بجمايكا والمسماة jam copy وأولاف ستوكمو الرئيس التنفيذي لـ IFRRO وقدمهم للجمهور رئيس الجلسة سوك ـ جي بايك رئيس اتحاد الناشرين الكوري نائب رئيس اتحاد الناشرين الدولي.
وطرح جون ويلي في ورقته تعريفاً عاماً للترخيص الجماعي وناقش أهميته في صناعة النشر وتاريخ بداياته التي بدأت من قبل جمعية دراما الفنية الفرنسية في عام 1977 التي انضم إليها المؤلفون والكتّاب بعد ذلك.
الحق والمصلحة
وتداخل الدكتور محمد حسام لطفي بعد ذلك وفصل بين مفهومين وهما الحق والمصلحة بافتراض أن توجد مصلحة ولا يوجد حق وأن القانون هو المشرع الوحيد للحق واعتبر أن بدايات الملكية الفكرية كانت قد بدأت مع تأسيس الفراعنة لحضارتهم في مصر القديمة، وهذا ما وجده في “كتاب الموتى” الفرعوني حيث يقول: “إن هذا الشخص لم يسرق ولم يزن ولم يقتبس أقوال غيره”.
وأكد لطفي أنه قد شكلت جمعية أهلية خليجية لحماية حقوق الملكية الفكرية ستشهر قريباً في عجمان.
الأمية المتفشية
ويبدو أن جلسة “حقوق النشر في الواقع، الترخيص الدولي لحقوق النشر” أكثر سخونة والتي اشترك فيها اندرو نورنبرغ المدير الإداري لاندرو نورنبرغ في المملكة المتحدة وبشار شبارو مدير الدار العربية للعلوم في لبنان وبرافين اناند من اتحاد الناشرين الهندي وسعيد الغانمي المترجم العراقي وترأس الجلسة الشاعر الإماراتي حبيب الصايغ رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، الأمين العام المساعد للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب.
واستهل نورنبرغ الجلسة النقاشية بالحديث عن تجربته في إطار النشر والتزامه بالاتفاقيات الدولية وأشار إلى حقوق النشر وكيفية التعاقد مع المؤلفين وأشار إلى أهمية التوزيع ومواجهة القرصنة واتخذ من روسيا وبولندا مجالين لتطبيق طروحاته.
وتطرق إلى أن المؤلفين العرب لا يحضون باهتمام غربي سابقاً، وربما تحسن وضع المؤلفين العرب الآن بسبب انعقاد المؤتمرات الغربية والشرقية وإقامة معارض الكتب العربية أو الغربية التي يشارك بها العرب.
أما بشار شبارو فقدم ورقة بعنوان “العلاقة بين حركتي النشر العربية والعالمية” استهلها بالحديث عن تجربته الأولى في النشر حين طبع 3000 نسخة من كتاب يخاطب 250 مليون عربي وتطرق إلى مشاكل الطباعة والقراءة والنشر في عالمنا العربي تاريخياً وحاضراً وإلى مشاكل الحقوق وأكد أن القرصنة لم تكن موجودة في الترجمة العربية وهي موجودة بين المطبوع من الكتاب العربي نفسه.
وتناول شبارو حقوق النشر في مصر وسوريا وطبيعة الرقابة المختلفة في الدول العربية وأشار إلى تراجع الطباعة فيها حيث كان المعدل الذهبي للطباعة 3000 نسخة أما اليوم ـ بحسب قوله ـ فيصل من 1000 - 2000 نسخة هذا إذا ما علمنا أن عدد سكان الوطن العربي يصل إلى 330 مليون نسمة فيه من الأميين 35% وأن العرب يحققون 1% من الإنتاج العالمي وأن استخدامهم للإنترنت يصل إلى 1.6% عالمياً.
جسر الترجمة
من جانبه تحدث برافين اناند عن الأضرار العقابية التي تطبق على النزاعات في الهند حيث صدر ما يقرب من 60 قانوناً حول المخالفين، كما تطرق إلى المنظور الهندي للترخيص والأحكام القانونية وقانون المنافسة ومصادر القرصنة.
أما سعيد الغانمي، فكان يشير في ورقته إلى إطار آخر صرح به منذ البدء وهو دور الترجمة في ربط ضفتين لغويتين أو ثقافيتين، وتتبع العلاقة بين المترجم والناشر والقارئ التي وصفها بالفردية، ونوه إلى أن المؤسسات الغربية لا تتعامل مع الأفراد بل تبحث دائماً عن تعاقد مع المؤسسات التي يمثلها الأفراد “وهنا المترجم”.
ووصف الغانمي الترجمة بالجسر الذي يربط ثقافتين وناقش ما يُقال عن الترجمة كونها عملاً سلبياً باعتبار المترجم غير مسؤول عن آراء الكتّاب.
وتحدث عن التعاقد الضمني بين المؤلف والمترجم غير المكتوب حيث تحضر أفكار المؤلف ولغة المترجم، ثم أشار إلى سؤال الهوية في الترجمة والى أي لغة ينتمي المترجم بل إلى أي ثقافة.