صلاح ذو الفقار.. رفع شعار الالتزام في الحياة والفن
لعبت الصدفة البحتة دورها في تذكير الجمهور بمرور ثمانية عشر عاما على وفاة الفنان صلاح ذو الفقار، حيث عرضت بعض القنوات السينمائية فيلمين من أفلامه المهمة هما «أقوى من الحياة» الذي يعد من أجمل رومانسيات السينما المصرية، و«مراتي مدير عام» وهو من أفضل الافلام الكوميدية. ولم يكتف ذو الفقار بالتمثيل بل كون شركة إنتاج سينمائية قدمت عدداً من الافلام الناجحة.
تمتع الراحل صلاح ذو الفقار بقدر كبير من الجاذبية والوسامة والحضور والابتسامة الساحرة، إضافة الى نجومية الاداء التي جعلته واحداً من فتيان السينما الاوائل، كما كان نموذجاً نادراً للممثلين المثقفين المحترمين الذين عرفوا بالالتزام والدقة.
الابن الرابع
ولد ذو الفقار في 18 يناير 1926 بمدينة المحلة الكبرى «وسط دلتا مصر» لوالده أحمد مراد ذو الفقار الذي كان «اميرالاي» شرطة «بوليس» وهي تعادل حالياً رتبة «عميد»، وكان الابن الرابع بين ستة أشقاء هم محمود ذو الفقار المنتج والمؤلف والممثل والمخرج، وعز الدين ذو الفقار المنتج والمخرج والمؤلف أيضاً واللواء كمال ورجل الاعمال ممدوح والدكتور محمد، وعاش مع أسرته في حي مصر الجديدة قبل أن ينتقل مع العائلة إلى العباسية التي حصل من مدرستها على شهادته الثانوية والتحق بكلية طب الاسكندرية وبعد شهرين من بدء الدراسة مرض والده ثم توفي، فارتفعت نسبة غيابه عن الكلية وتم فصله منها فتقدم إلى كلية الشرطة واجتاز الاختبارات وتخرج فيها عام 1946 وتولى كثيرون من أبناء دفعته فيما بعد منصب وزير الداخلية ومنهم زكي بدر وأحمد رشدي والنبوي إسماعيل.
وعمل صلاح فور تخرجه في مديرية أمن شبين الكوم ثم انتقل للعمل بسجن مصر ثم مدرساً في الكلية، وكان ضابطاً صارماً تخرجت على يديه أجيال عديدة تولى معظمها مناصب قيادية في جهاز الشرطة.
هواية ثم احتراف
وكان في وقت فراغه يهوى حضور التصوير لبعض الأفلام مع شقيقيه وفي عام 1955 أسند اليه عز الدين دور بطولة في فيلم «عيون سهرانة»، وفي عام 1957 قدم استقالته وهو برتبة صاغ «رائد» وانتقل للعمل بالمجلس الأعلى للفنون والآداب لمدة عامين ثم تفرغ تماماً للسينما.
وخلال سنوات قليلة تمكن من مفردات العمل الفني وبدأ يمارس الفن كمحترف، فقدم عدة أفلام كوميدية واجتماعية وسياسية ووطنية منها «الأيدي الناعمة» أمام احمد مظهر ومريم فخر الدين و»غروب وشروق» أمام سعاد حسني ورشدي اباظة، و«الرجل الثاني» أمام رشدي اباظة وصباح وسامية جمال، و«رد قلبي» أمام احمد مظهر وشكري سرحان ومريم فخر الدين و«بين الأطلال» مع فاتن حمامة وعماد حمدي و«جميلة بوحريد» مع ماجدة و«القصر الملعون» مع مريم فخر الدين و«الناصر صلاح الدين» أمام أحمد مظهر وليلى فوزي واخراج يوسف شاهين و»كلهم اولادي» مع حسن يوسف و»الرباط المقدس» مع صباح و»ذكرى ليلة حب» مع نيللي.
السينما العالمية
وشعر خلال تلك الفترة بأن المخرجين يحصرونه في أدوار مكررة وتقليدية لا تشجعه على الإبداع والابتكار فقرر اعتزال التمثيل وسافر إلى الاسكندرية في شبه عزلة لمدة تسعة أشهر إلى أن عدل عن قراره بالاعتزال وعاد بأسلوب جديد وهو الإنتاج والتمثيل معاً ليثبت للجميع انه فنان شامل يمكنه تقديم مختلف الشخصيات.
وقدم فيلم «أغلى من حياتي» عام 1964 أمام شادية وحسين رياض وجاء دوره فيه قوياً ومعبراً وأثبت من خلاله أنه يملك موهبة كبيرة وهو ما تجلى في حصوله عنه على جائزة الدولة كأفضل ممثل وكان الفيلم فاتحة خير عليه في السينما العالمية حيث شارك في ثلاثة أفلام صورت مشاهدها في مصر، الأول «ابتسامة أبو الهول» مع نجوم من إيطاليا وألمانيا وأميركا وأعجب به المخرج وعرض عليه العودة معه إلى إيطاليا لكنه رفض وقرر الاستمرار في مصر وشارك بعده في الفيلم الانجليزي «الفرسان» والمكسيكي «نفرتيتي» وجسد فيه دور حور محب قائد القوات العسكرية في عهد إخناتون.
ثنائي مع شادية
وانهالت عليه بعد ذلك الأدوار التي أضفى عليها الكثير من ثقافته وموهبته وخفة دمه ومنها «امرأة من نار» و«ثلاث نساء» و«زوج في إجازة» و«المذنبون». وكون ثنائياً مع شادية عقب زواجه منها عام 1965 وحتى انفصالهما عام 1969 حيث قدما العديد من الافلام الرومانسية والكوميدية ومنها «مراتي مدير عام» و«عفريت مراتي» و«كرامة زوجتي» و«أقوى من الحياة» الى جانب المسلسل الاذاعي الشهير «صابرين».
ووقف على خشبة المسرح لأول مرة عام 1965 من خلال مسرحية «رصاصة في القلب» ثم «روبابيكيا»، ولكنه ابتعد عن المسرح تماماً أثناء عرض مسرحية «زوجة واحدة تكفي» عام 1975 وفي نفس العام أنتج واحداً من افضل افلام السينما المصرية «أريد حلاً» لفاتن حمامة ورشدي أباظة وأمينة رزق.
الدراما التلفزيونية
وحافظ على تواجده السينمائي مع الأجيال التالية له بعدما تقدم به العمر وشارك في افلام «وداعاً بونابرت» و«لهيب الانتقام» و«الوحل» و»الطاووس» و«ولاد الايه» و«الحقونا» و»لصوص خمس نجوم» و«الطريق الى ايلات» و«الإرهابي» مع عادل إمام، وتوفي قبل أن يكمل آخر مشاهده فيه.
وركز نشاطه على الدراما التلفزيونية في فترة الثمانينيات واوائل التسعينيات من القرن الماضي وتعامل مع هذه المرحلة وشارك في بطولة العديد من المسلسلات منها «أفواه وأرانب» أمام عفاف شعيب عام 1978، و»بلا خطيئة» و«رحلة عذاب» و«زهور وأشواك» و«مفتش المباحث» و«رأفت الهجان» و«الثعلب» أمام نور الشريف وجسد فيه شخصية المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع المصري الراحل و»عائلة شلش» أمام ليلى طاهر. وشغل منصب وكيل نقابة المهن التمثيلية عام 1986 وواجهته الكثير من المشكلات المتعلقة بالنقابة وأخذت الكثير من وقته.
أربع نساء
وتزوج صلاح ذو الفقار أربع مرات، الأولى عام 1947 من «نفيسة هانم بهجت» وكانت من رائدات العمل الاجتماعي وهي أم أبنائه أحمد ومنى، والثانية من الفنانة زهرة العلا ولكنهما انفصلا بعد عام ونصف العام، والثالثة شادية، والرابعة من السيدة «بهيجة» واستمر زواجهما 18 عاما حتى وفاته في 22 ديسمبر 1993 عن عمر يناهز 67 عاماً.
المصدر: القاهرة