دبي (الاتحاد)

يعد الاستثمار الزراعي في الخارج أحد الأركان المهمة لدعم منظومة الأمن الغذائي وتعزيز استراتيجية الدولة لتحقيق التنوع الاقتصادي، حيث تم تشكيل لجنة الأمن الغذائي عام 2008، لتتولى الإشراف على تطوير استراتيجية الأمن الغذائي في إمارة أبوظبي، وبعد قرابة العامين، تم إنشاء مركز الأمن الغذائي من أجل تعزيز الأمن الغذائي الوطني وتحليل تطورات الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية من خلال تحقيق رؤية الدولة نحو تمكين جميع أفراد المجتمع من الحصول على غذاء صحي آمن في كافة الظروف والأوقات.
وخلال 5 سنوات، تطورت مراحل استثمار الأمن الغذائي في دولة الإمارات، حيث تم التحول من الاستثمار الزراعي ليشمل أيضاً الصناعات الغذائية، ففي عام 2011 تم تكوين شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص المعني بالقطاع الزراعي، وتم تفعيل خطط الطوارئ والأزمات ومراحل التنمية المستدامة لهذا القطاع من أجل توفير كافة متطلبات السوق المحلي من السلع الغذائية الاستراتيجية، وفي عام 2012 تم بناء مخزون استراتيجي من السلع الغذائية الاستراتيجية، وبما يضمن توافر السلع الغذائية في كافة الظروف والأوقات.

التنوع الاقتصادي
ويعتبر تعزيز التنوع الاقتصادي في الدولة واحداً من الأهداف الاستراتيجية لمنظومة الأمن الغذائي، حيث سيضمن رفع كفاءة القطاعات المساندة والتي تشمل القطاع الزراعي كمحور استراتيجي حيوي، وتكمن أهمية هذا القطاع في رؤية مركز الأمن الغذائي حول تنمية المنتج المحلي ليصل إلى 40% من السلع الغذائية، ولكن هذا الأمر يشكل تحدياً حقيقياً، إذ يقدر حجم استيراد السلع الغذائية من الخارج بنحو 90%، ولذا، أصبح الأمن الغذائي من أهم الأولويات الوطنية في الدولة، مما جعلها وعلى مدار العشر سنوات الماضية تعمل على حشد الجهود وتكوين الشراكات ليس فقط على مستوى دول المنطقة، بل أيضاً في معظم دول العالم. ويعد استثمار الشركات المحلية بالزراعة خارج دولة الإمارات مسألة في غاية الأهمية، لما يعود بالنفع على هذه الشركات، وفي الوقت ذاته يسهم في دعم استراتيجية الأمن الغذائي بالدولة، حيث شهدت الدولة مؤخراً تجارب ناجحة لاستثمارات العديد من الشركات بمجال الزراعة داخل وخارج الدولة، ما يشجع العديد من الشركات على العمل بالقطاع، وضخ المزيد من الاستثمارات الجديدة، إذ تمتلك الإمارات شركات زراعية عملاقة تعمل في أكثر من 60 دولة في قارات العالم الست ومنها قارة أميركا اللاتينية، ولديها مساحات شاسعة مزروعة في عدد من الدول، خاصة السودان ومصر وصربيا وناميبيا وإيرلندا وجنوب أفريقيا وإسبانيا، فضلاً عن توافر صوامع كبيرة لتخزين المواد الغذائية في أبوظبي ومختلف إمارات الدولة.

تجارب ناجحة
ومن هذه التجارب الناجحة شركة الظاهرة في أبوظبي وشركة جنان للاستثمار، حيث أكد حمدان الدرعي، رئيس العمليات في شركة الظاهرة سعي الشركة دائماً للمشاركة الفعالة في إيجاد الحلول المناسبة لدعم منظومة الأمن الغذائي ليس فقط لدولة الإمارات وإنما للدول الشقيقة أيضاً، عن طريق العمل الدؤوب مع شركائها الاستراتيجيين، وذلك لتوفير أجود أنواع السلع الأساسية وأرخصها في الأسعار.
وأوضح أن الظاهرة ساهمت بمشاركتها حكومة دولة الإمارات في تنفيذ رؤية الأمن الغذائي على مستوى الدولة، وتهدف تلك الرؤية إلى الحفاظ على الموارد المائية وضمان الاكتفاء الذاتي واستدامة توريد السلع الأساسية، وكجزء من تنفيذ البرنامج، عملت الشركة على إنشاء محفظة استثمارات مميزة تشمل السلع الضرورية المتاحة للاستيراد من المشاريع الاستثمارية الزراعية الأجنبية التابعة للشركة إلى الإمارات، كما كونت احتياطياً استراتيجياً للحالات الطارئة داخل الدولة وفي مجموعة متنوعة بدول المنشأ، مع تنفيذ مبدأ تدوير المخزون على نحو مستمر.
وتابع الدرعي: «تؤمن الظاهرة بأنها مسؤولة تجاه المستهلكين النهائيين عن توفير السلع والمحاصيل الغذائية الأساسية بسهولة وبتكلفة ميسرة وتسهم الاستثمارات التي أقامتها الظاهرة في مختلف المناطق الجغرافية في تأمين الغذاء على المدى الطويل وتحقيق الاستدامة الزراعية في الدول المعنية، ويتحقق ذلك عن طريق تكريس جزء من إنتاجها الزراعي للاستهلاك المحلي والارتقاء بالبنية الأساسية المحلية والتي تعد عنصراً أساسياً في تطوير القطاع الزراعي في البلاد، أما بخصوص مخزون الغذاء: فيوجد في مصنع الرز في كيزاد 40 صومعة سعة الواحدة منها 750 طناً، أما في صوامع الاتحاد في موانئ الفجيرة فيوجد 300 ألف طن من الحبوب».
وذكر أن الشركة اعتمدت على استراتيجية فعالة للاستثمار الأجنبي تجلت في سلسلة من عمليات الاستحواذ والشراكة مع منتجي الأغذية والأعلاف حول العالم، وتمتلك وتدير الشركة قاعدة كبيرة من الأصول على النحو التالي: أراض زراعية تمتد على مساحة 400 ألف فدان، في نحو 20 دولة حول العالم، وأكثر من 5 آلاف موظف، وتخدم منتجات الظاهرة نحو 45 سوقاً تجارياً بين محلي وعالمي، وتملك 1.200 جهاز محوري للري، و450 شاحنة وآلية للنقل وللتوزيع داخل الدولة بالشراكة مع اجيليتي العالمية، و15 مصنعاً لكبس الأعلاف بإنتاجية تصل إلى 3 ملايين طن سنوياً، و3 مصانع لضرب الأرز بإنتاجية تصل إلى 500 ألف طن سنوياً، ومصنعين لطحن الدقيق بإنتاجية تصل إلى 500 ألف طن سنوياً، و20 صومعة للحبوب في ميناء الفجيرة بسعة تخزينية تصل إلى 300 ألف طن، وقدرة تدوير 2 مليون طن من الحبوب سنوياً، و40 صومعة لتخزين الرز بسعة 750 طناً في كيزاد، بقدرة إنتاجية تصل إلى 120 ألف طن سنوياً، ومورد أساسي للألبان داخل الدولة، حيث تمتلك الشركة خارج وداخل الدولة 20 ألف بقرة لإنتاج الحليب ومشتقاته، وقدرة الإنتاج تصل إلى 43 ألف لتر سنوياً من الحليب العادي والعضوي «داخل الدولة»، وبيوت زجاجية ممتدة على مساحة 10 فدادين بتقنية جديدة ووحيدة في المنطقة لإنتاج الطماطم، تقدر الإنتاجية بـ3 آلاف طن سنوياً.

تشجيع المستثمرين الزراعيين
وأكد حمدان الدرعي عدم قدرة المنتجات الزراعية المحلية على تلبية احتياجات السوق المحلي بالكامل، حيث يتعين على الجهات الاتحادية المعنية في القطاع الزراعي تشجيع المستثمرين الزراعين داخل الدولة باستحداث أفضل النظم والتطبيقات التكنولوجية بالقطاع الزراعي لترشيد المياه وزيادة الإنتاجية، ودعم الشركات الوطنية المستثمرة خارج الدولة بالتوقيع على بروتوكولات زراعية تضمن تدفق السلع الزراعية للدولة، وإعفاء الشركات الزراعية من الرسوم والتعريفات الجمركية المفاجئة، وتوفير آليه تمويل طويلة الأمد وبفوائد منخفضة أو منح أسوة بنموذج الاتحاد الأوروبي لدعم المزارعين، وتشجيع المستثمرين بعقود أساسية سواء مع الحكومة أو القطاع الخاص، لافتاً إلى أهداف الشركة ترتكز على تحقيق الأمن الغذائي للدولة، وتوزيع منتجاتها المتنوعة وعالية الجودة «الرز البسمتي» بأسعار معقولة للمستهلكين وبشكل مستمر.

سر النجاح
وقال محمد الفلاسي، رئيس مجموعة الاستثمارات والأعمال بشركة جنان للاستثمار، إن سر النجاح الكبير الذي تحققه الشركة والشركات الإماراتية الأخرى يعود إلى دور حكومة دولة الإمارات وحكومة إمارة أبوظبي في تقديم كافة التسهيلات وسبل الدعم للمستثمرين الإماراتيين العاملين في قطاعات الزراعة والغذاء خارج الدولة، مشيراً إلى أن شركة جنان عقدت شراكة استراتيجية مع حكومة أبوظبي يتم بمقتضاها توريد المحاصيل التي يتم إنتاجها في مزارعها خارج الدولة، مؤكداً أن الحكومة تدعم بشكل مستمر الشركات وتدفعها لتطوير فرص استثمارية آمنة.
وأضاف أن منتجات الشركة من الأعلاف التي تنتج خارج الدولة يتم تسويقها في الأسواق المحلية عن طريق جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية الذي يقدمها بأسعار مدعومة للمربين المحليين، وهو ما يسهم بشكل فعال في تعزيز الأمن الغذائي للدولة، حيث إن الأعلاف هي المصدر الرئيس لتغذية الماشية التي توفر في نهاية المطاف للمستهلك الإماراتي احتياجاته من اللحوم والألبان ومشتقاتها، مؤكداً أن الشركة قد قامت بالاستثمار في عدة دول منها مصر والسودان والولايات المتحدة وإسبانيا، وذلك عن طريق عدد من الشركات التابعة لها وهناك خطط للتوسع في الاستثمار في كل من مصر والسودان عبر تطوير مشروعات ضخمة في مجال الثروة الحيوانية وقد بدأ مشروع الثروة الحيوانية في السودان في الإنتاج حيث يمكن للمشروع في المرحلة الحالية تسمين وتصدير ما يزيد عن 20.000 رأس من العجول شهرياً إلى الأسواق المستهدفة في مصر ودول التعاون الخليجي.
وكذلك فإن الشركة تقوم حالياً بتطوير مشروع ضخم، بمشاركة المزارعين في أبوظبي، يهدف إنتاج دجاج خال من الهرمونات والمضادات الحيوية تتم تربيته في مراع مفتوحة ضمن بيئة نقية بما يضمن توفير لحوم الدواجن الصحية والطازجة عالية الجودة للمستهلكين.
وأكد الفلاسي أن قيمة استثمارات الشركة وصلت إلى نحو مليار درهم، وتقوم الشركة بتصدير منتجاتها الزراعية إلى عدة دول على رأسها دولة الإمارات، وكذلك يتم تصدير المنتجات إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية، موضحاً أن الشركة قد حصدت العديد من الفوائد من استثماراتها في الخارج، وذلك نتيجة لتطبيق التكنولوجيا الحديثة في مشروعاتها.