شرم الشيخ (الاتحاد)

تنعقد القمة العربية الأوروبية الأولى في مدينة السلام بشرم الشيخ اليوم وغداً، وسط تطلعات بتعزيز التعاون الثنائي بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، للعمل على تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، والتأكيد على أهمية الحوار بين المنطقتين لإيجاد أرضية لمعالجة العديد من القضايا ومواجهة التحديات المشتركة.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قد أكد خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن مؤخراً أن الجوار العربي الأوروبي تاريخي، وأن العالم العربي يعد الشريك الأول لأوروبا، ما يتطلب مزيداً من الحوار ليس فقط في الجانب الاقتصادي وإنما أيضاً في النواحي الأخرى، ووصف قمة شرم الشيخ بأنها خطوة مهمة لتطوير العلاقات بين الجانبين، لافتاً إلى أن الاستقرار والأمن في المنطقة العربية يتأثران بالاستقرار والأمن في أوروبا والعكس، كما أكد الحاجة إلى المزيد من الحوار والتنسيق بين الجانبين العربي والأوروبي، لإيجاد أرضية لمعالجة الموضوعات المختلفة، معتبراً أن قمة شرم الشيخ فرصة وخطوة أساسية ستعقبها خطوات أخرى.
في المقابل، أكد الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي الرئيس الروماني كلاوس يوهانس خلال مؤتمر ميونيخ، الأهمية التي تكتسبها القمة العربية الأوروبية الأولى في ظل الحاجة إلى تعاون أعمق وأكبر، واعتبر أن الوقت حان لعقد قمة يشارك فيها القادة الأوروبيون والعرب، معرباً عن تفاؤله بإمكانية حل المشاكل كافة بالعمل والحوار المشترك إزاء أزمات المنطقة والهجرة والتنمية الاقتصادية والتعاون الاقتصادي والأمني. وأوضح الاتحاد الأوروبي في بيان أنه سيتم خلال القمة التركيز على عدد من القضايا والتحديات المشتركة، ومن أهمها التعددية والتجارة والاستثمار والهجرة والأمن، بالإضافة إلى الوضع في المنطقة.
وإذ شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على وجود تعهدات مشتركة بالقيام بجهود إضافية لضمان تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومختلف المبادرات ذات الصلة، خاصة المبادرة العربية للسلام في الشرق الأوسط، قال مصدر دبلوماسي إن الجامعة العربية ستركز على جهود مكافحة الإرهاب، في ظل القلق المستمر من قدوم متطرفين إلى المنطقة من أوروبا، وأشار إلى أن من بين الموضوعات المحتملة الأخرى التي قد تتناولها القمة هو أن الانهيار العسكري لتنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، قد يدفع أعضاء التنظيم إلى الانتقام من خلال شن هجمات في أوروبا والشرق الأوسط.
من جهتها، أكدت الممثلة العليا للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية فيديريكا موغيريني توافق الجانبين حول 95 في المئة من مجمل القضايا المطروحة للنقاش، كما أشارت إلى تطابق موقفي الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية حول أبرز الأزمات الإقليمية الراهنة، منوهة بتطابق موقفي الجانبين حول إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، وتمسكهما بحل الدولتين في عملية السلام بالشرق الأوسط على أن تكون القدس عاصمة مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقالت إن الجامعة العربية هي الشريك الأقرب لأوروبا على المستوى الإقليمي والجغرافي والتاريخي والثقافي، وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يعقد اجتماعات قمة مع دول آسيا والاتحاد الأفريقي وأميركا اللاتينية والصين والولايات المتحدة، إلا أنه لم يعقد قط قمة مع العالم العربي، وأوضحت أن أي حدث يقع في العالم العربي يؤثر في الأوروبيين والعكس صحيح، مضيفة «يقع على عاتقنا مسؤولية توحيد القوى من أجل إيجاد حلول مشتركة للتحديات المشتركة»، مضيفة «أن الجانبين في نفس القارب».
وقال مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي إن اجتماع القمة العربية الأوروبية سيقف على مجموعة من القضايا والتحديات المشتركة مثل قضايا التعددية والتجارة والاستثمار والهجرة والأمن وأوضاع الشرق الأوسط، بما فيها ملفات فلسطين وسوريا واليمن وليبيا، ووصف حضور قادة 25 دولة من بين أعضاء الاتحاد الذي يتألف من 28 دولة بأنه إشارة واضحة إلى الأهمية الكبيرة والقيمة التي توليها أوروبا لهذه القمة، ورأى أن التعاون الوثيق بين الجانبين سوف يعزز النظام العالمي المرتكز على الأنظمة التعددية، مشدداً على أهمية إيجاد حلول سلمية لجميع أزمات المنطقة. وقال مصدر أوروبي آخر إن تعزيز التعاون والاتصالات بين أعضاء الاتحاد والجامعة العربية، يمكن أن يؤدي إلى تحسين مستوى الرفاهية والاستقرار في المنطقتين.
وتحدث مصدر أوروبي عن قضية الهجرة المعقدة في ظل تصويت دول مثل المجر والتشيك وبولندا ضد ميثاق حول الهجرة أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، يستهدف تعزيز التعاون الدولي من أجل «هجرة آمنة»، وقال المحلل في مركز كارنيجي-أوروبا للأبحاث مارك بيريني السفير السابق للاتحاد الأوروبي في تونس وليبيا، إن الرهان الرئيس لقمة شرم الشيخ هو إقامة حوار يكون له معنى بين الكيانين اللذين يواجه كل منهما تحدياته الخاصة، وأشار إلى أن هذا الاجتماع يأتي في وقت لا تزال فيه الدول العربية تمرّ بتداعيات الثورات التي اندلعت عام 2011، ووحدة الجامعة العربية ليست في أحسن حال، وأضاف أن الاتحاد الأوروبي من جانبه منقسم داخلياً حول بعض مبادئه الجوهرية.