فاطمة عطفة هزاع أبوالريش (أبوظبي)
أطلق معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، أمس «الثلاثاء»، فعاليات مهرجان «هاي أبوظبي» بمنارة السعديات الذي تنظمه وزارة التسامح، بالتعاون مع مهرجان هاي للآداب والفنون، يرافقه معالي صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، ومعالي أحمد جمعة الزعابي، وزير شؤون المجلس الأعلى للاتحاد، ومعالي ميثاء الشامسي، وزيرة دولة، ومعالي الدكتور زكي نسيبة، وزير دولة، ومعالي الدكتور مغير الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، وبيتر فلورنس، مدير مهرجان هاي، وكريستينا فوينتس لاروش، المدير الدولي لمهرجان هاي، ومعالي محمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة محمد بن راشد، وعفراء الصابري، المدير العام بمكتب وزير التسامح، إلى جانب العديد من المتحدثين البارزين والمشاركين ضمن فعاليات المهرجان، وتستمر فعاليات المهرجان على مدى أربعة أيام من التاسعة صباحاً وحتى العاشرة مساء، من خلال ثلاثة برامج رئيسة، يتعلق أولها بالمدارس، والثاني بالجامعات، والثالث لفئات المجتمع كافة.
منصّة تعزز اللغة العربية
وعبر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان عقب الافتتاح عن أمله بأن يكون مهرجان هاي أبوظبي منصة مهمة يشارك بها الجميع بالدراسة والنقاش حول قضايا التنمية الثقافية والفكرية والفنية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، كما أنه فرصة لتعزيز مكانة اللغة العربية على المستوى العالمي من خلال المشاركة الواسعة للمبدعين الإماراتيين والعرب في أنشطته التي تتعلق بالأدب والشعر العربي، وأدب الأطفال والفنون المرتبطة به، وكذلك حول قضايا التنمية البشرية، وقضايا الشباب والمرأة والأسرة، مؤكداً أن المهرجان يعتمد في ذلك كله على أسلوب فريد في التنظيم، بحيث تستمر الأنشطة خلال اليوم كله، وبشكل متوازٍ يكفل للمتابعين الحصول على حقهم في المعرفة واللقاء مع المبدعين والمشاركين.
وأكد معاليه أنه على ثقة تامة بأن «هاي أبوظبي» بكل ما يحتويه من ثراء فكري وثقافي وفني سوف يخرج بالعديد من الفوائد والإنجازات المهمة التي تهدف إلى تحقيق التطور في الثقافة والآداب والفنون العربية، بما يسهم في إثراء الحياة للجميع، داعياً فئات المجتمع كافة إلى حضور فعاليات المهرجان والاستمتاع بما يقدمه من تجارب فريدة، مضيفاً أنه على ثقة تامة بأن المهرجان سوف يكون ناجحاً في تحقيق أهدافه المرجوة، وفي تأكيد مكانة أبوظبي الثقافية والفنية في العالم، وفي الإسهام في تطوير الواقع الثقافي العربي نحو الأفضل.
حوار.. فتفاهم.. فنجاح
وعن أهمية مهرجان «هاي أبوظبي» كحدث عالمي على أرض الإمارات، أوضح معالي الشيخ نهيان بن مبارك، أن وجود قنوات للحوار والتفاهم والعمل المشترك مع جميع البشر ضروري تماماً، لكي تكون الإمارات، دولة ناجحة، تنعم بالأمن والاستقرار والرخاء، وتحقق التنمية والتقدم في الميادين كافة، بل وكذلك دولة تناصر قضايا الحق والعدل والسلام في كل مكان، مؤكداً أن الانفتاح على العالم هو أحد أهم ملامح الرؤية الحكيمة لمسيرة الدولة، وقيادتها الرشيدة، ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، الذين يؤكدون لنا دائماً أن التسامح والتفاهم والتعايش بين الجميع هو الطريق إلى مجتمع ناجح وإلى عالم يسوده السلام والرخاء.
وفي جلسة الافتتاح، أكدت كريستينا فونتس لاروش المدير الدولي للمهرجان قائلة: «أنا هنا مع أسرتي في أبوظبي منذ أكثر من 16 سنة، وأنا سعيدة جداً بانطلاقة هذا المهرجان العالمي المتميز بالتنوع الثقافي الواسع، وقد عودتنا أبوظبي على احتضان مثل هذه الفضاءات الكبيرة التي تنظم حوارات مع مجتمعات متقدمة». بينما شبه بيتر فلورنس، المدير العام للمهرجان، «هاي أبوظبي» بنهر يتدفق بين مملكتين في الغرب والشرق، مشيراً إلى المملكة المتحدة والإمارات. وتابع قائلاً: «أقف بينكم في مدينة رائعة جداً انبثقت من بين الرمال، إنها أبوظبي العاصمة الحافلة بالمتعة والجمال بما فيها من مجتمع متميز بالتنوع والحضارات التي يقصدها الناس من كل بلدان العالم ليعيشوا هنا في مكان واحد. وهذا المؤتمر يؤكد أن التسامح هبة رائعة نتحدث بها جميعاً، وهكذا تنسج أبوظبي بالتسامح ثقافة وحضارة، وتبني أساس التثاقف الحضاري بين الشعوب».
برنامج اليوم
تبدأ الفعاليات بحوار بين ليديا ويلسون وكارلو بيزاتي حول تاريخ الكلمة، ثم يلتقي رواد المهرجان الروائية العالمية تميمة أنام في حوار مع ميغيل سيغوكو وكتاب «حوارات دكا»، أما المبدعة كاميليا بن زعل التي يشار إليها بالبنان في مجال تصميم الحدائق، فتتحدث حول أهم تصميماتها ومدرستها في هذا الاتجاه من خلال «الجنة المكتسبة»، فيما تتحدث الكاتبة أهداف سويف في حوار مع بيتر فلورنس حول القضية الفلسطينية من خلال «تلك ليست الحدود». أما المفكر والكاتب والدبلوماسي شاشي ثارور فيلتقي برواد المهرجان في حوار مفتوح حول الأدب والحب والجمال، وتتعرض بيتاني هيوز لمدى وجود الآلهة «فينوس وأفروديت: تاريخ الآلهة»، فيما يعرض مهرجان بي بي سي عربي للأفلام فيلم «جراح العراق الخفية» رؤية من العمق لأبعاد القضية، إنسانياً وسياسياً واجتماعياً.
المرّ والخيّون.. والتسامح
شهد المسرح الدائري في مهرجان «هاي أبوظبي» ازدحاماً من الجمهور الذي جاء لحضور جلسة ملهمة جمعت الأديب محمد المر، والكاتب رشيد الخيّون، طرحا خلالها أفكاراً ونقاشاتٍ عفوية حملت الرؤى والرؤية، والتجارب الحياتية المليئة بالذكريات.
وتناول الضيفان تحت عنوان «حياة مع الأدب» الجوانب التي صنعت علاقتهما بالتسامح.وأشار محمد المر إلى أهم ثلاث مراحل في ما يخص التسامح، الأولى قراءة الكتب، والثانية الحياة في أميركا التي جعلته منفتحاً على الثقافات الغربية والفكرية، وأكسبته معرفة بكيفية بناء العلاقات الفكرية على قاعدة احترام الآخر وفكره. أما المرحلة الأخيرة، بعد عودته إلى الدولة ليجمع ثلاثة أشياء: إيمان بالتراث الإماراتي الأصيل، ومعرفة بالثقافة العربية، واطلاع واسع على الآداب العالمية.
أما رشيد الخيون، فقال إن التسامح يبدأ من الذات ليكون حاضراً في الحياة، وأن العبارات والشعارات والكتابات لا تضفي شيئاً إلى مفهوم التسامح، بقدر ما تجعله جسداً بلا روح. مؤكداً: علينا أن نفرغ ذواتنا ونكون أنقياء من الداخل، كي نستطيع العيش بحب ووئام.
ولفت الخيّون إلى القصائد التاريخية التي لا زلنا نرددها ونحفظها لما حملته من صدق وحب، وجاءت من القلب إلى القلب، مثلها مثل التسامح يجب أن يكون مبنياً على التصالح مع النفس، حتى يكون قادراً على التعايش واحترام الآخر، لأن التسامح لا يأتي من الخارج، بل يبدأ من الداخل.
تجربة فريدة
يحمل مهرجان «هاي أبوظبي» شعار: تخيّل العالم، وهو ما تحاول ترجمته جملة من الفعاليات الثقافية والفنية المتميزة، بمشاركة نخبة من مثقفي العالم؛ التقوا للاحتفاء بالتسامح، والتعايش والحوار على قاعدة التعارف والتعاون، وإطلاق العنان للخيال ليشكِّل العالم على نحو أفضل.
تصور المستقبل
قال بيتر فلورنس، مدير مهرجان هاي: «انطلاق فعاليات مهرجان هاي في أبوظبي لأول مرة مناسبة استثنائية تبعث على الفخر والسعادة»، ووصف المهرجان بأنه «تجربة فريدة من نوعها نلتقي خلالها بأبرز العقول الأدبية والشعرية والفكرية، للتعرف على قصصهم ومشاركاتهم الملهمة، ما يمكّننا من تصوّر ما سيؤول إليه العالم مستقبلاً».
قلب طفل
قال الكاتب البريطاني آندي استانتن، إنه فخور بالمشاركة في هاي أبوظبي واللقاء بهذا العدد من أطفال الإمارات الذين يعادل التواصل معهم متعة الكتابة للطفل، وأنه لم يجد أي عناء في التواصل معهم، بل وجد كثيراً من الجمال والخيال الذي يتمتعون به.
وأكد أنه يحمل قلب طفل يستطيع بسهولة اكتشاف الجمال، وهو ما وجده في أبوظبي.
ازدحام على طريق الحرير
حظيت جلسة حول كتاب «طريق الحرير الجديد: حاضر ومستقبل العالم» لبيتر فرانكوبان، بمتابعة واهتمام واسعين من رواد المهرجان، نظراً لأهمية الموضوع والانعكاسات الاقتصادية والسياسية، ومن ثم المجتمعية التي يمكن أن تحدث لكثير من الدول حول العالم، في حال تحول طريق الحرير إلى واقع.