سعيد ياسين (القاهرة)

امتلك شارلي شابلن قدرات ومواهب فنية كبيرة، جعلته أحد أهم الشخصيات في تاريخ صناعة السينما، وهو يمثل النموذج الحقيقي للفنان الشامل، حيث جمع بين التمثيل والتأليف والإخراج والإنتاج والموسيقى والمونتاج، وحوّل مأساته الإنسانية وقصة شقائه في طفولته، إلى سعادة ونجاح هائل، ولا يمكن التأريخ للسينما العالمية دون التوقف طويلاً أمامه، وحمل العديد من الألقاب، منها «ملك السينما» و«الصعلوك الفيلسوف» و«أسطورة الأفلام الصامتة».
ولد شابلن في لندن في 16 أبريل 1889، لوالدين يعملان بقاعة موسيقى تقليدية وتعلم منهما الغناء، وفي الثالثة عشرة من عمره انضم لفرقة الراقصين «فتيان اللانكشاير الثمانية» بقيادة ويليام جاكسون، وفي 1912 انتقل إلى الولايات المتحدة.
وبدأ شابلن مسيرته الفنية من خلال فيلم «لقمة عيش»، وجسد شخصية «الصعلوك» بسرواله الواسع، وحذائه الكبير، وسترته الضيقة وقبعته وعصاه الشهيرة، وملامح وجهه الغريبة، وشاربه الأسود الذي يشبه فرشاة الأسنان، واشتهرت الشخصية كثيراً من خلاله، حيث قدمها في عشرات الأفلام التي عمد فيها إلى مناقشة القضايا الاجتماعية المختلفة ذات الطابع المأساوي ودمجها مع الكوميديا بطريقة عبقرية، وبدأها بفيلم «أطفال يتسابقون في فينيس» 1914، في فترة الأفلام الصامتة، ورفض أن يجعلها شخصية ناطقة عندما بدأت الأفلام الناطقة.
وابتعد شابلن عن شخصية «الصعلوك» بعد فيلم «العصور الحديثة» عام 1936، وكان للمسرح مكانة كبيرة في قلبه، خصوصاً وأنه اعتلى خشبته وهو في الخامسة من عمره، وهي الفترة التي عانى فيها من الفقر والحرمان، حيث كان يقدم كل ليلة اسكتشات ضاحكة ومواقف كوميدية، وهو ما ساعده لاحقاً في تأليف النكت.
وفاز شابلن بجائزتي أوسكار، الأولى في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، والثانية عام 1973، ولم يغيره المال ولم تغرِه النجومية والأضواء، وظل محتفظاً بكرامته معتزاً بشخصيته التي كانت يوماً تتسكع في الشوارع.