لم يتمكن الأطباء إلى الآن من إيجاد علاج لمرض الزهايمر، وأقصى ما يستطيعون القيام به في الوقت الراهن هو إبطاء تقدم المرض وتفاقمه. لكن لا يخفى على أحد أن اكتشاف المرض في مراحله الأولى أو أعراض احتمال الإصابة به قبل حتى أن يظهر تُساعد بشكل كبير في تقليل شروره وتحجيم مضاعفاته على صحة المرء. وللتنبؤ بمدى قابلية الشخص للإصابة بالزهايمر، يستخدم الأطباء عادةً اختبارات التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس سماكة أجزاء خاصة من الدماغ. وقد كشفت دراسة جديدة نُشرت نتائجها في مجلة علم الأعصاب أن «إشارة أيه دي» يمكن أن تحدد الأشخاص الذين تكون الوظائف الطبيعية لأدمغتهم أكثر عُرضةً للتراجع من حيث الأداء في المستقبل المنظور. واستخدم الباحثون قاعدة بيانات مبادرة المسح العصبي لمرض الزهايمر التي تُعد عُصارة بحوث عدة مصممة لقياس الواسمات الحيوية ونتائج الاختبارات التي يمكن استعمالها لقياس تطور الزهايمر في مراحله المبكرة. وتمكن الباحثون من تشخيص الزهايمر في 159 شخصاً يبلغ معدل أعمارهم 75,5 سنةً ممن تعمل وظائفهم الإدراكية بشكل طبيعي وممن أظهرت فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي أن وظائف أدمغتهم تعمل بشكل جيد. وتم خلال هذه الفحوص قياس سماكة المادة الرمادية على قشرة المخ في تسعة مواضع، ثم حساب معدل القيم المسجلة للوصول إلى رقم تقريبي موحد ذي دلالة أوضح. وكان هذا المعدل هو «إشارة أيه دي» أو «إشارة أدسيج» كما يُفضل البعض الاصطلاح عليها. ويستخدم الباحثون هذه الإشارة عادةً لتوزيع مرضاهم إلى ثلاث فئات تشمل أولئك الذين ترتفع مخاطر عُرضتهم لمرض الزهايمر، وأولئك الذين تتساوى مخاطر إصابتهم مع احتمالات عدم إصابتهم، علاوةً على أولئك الذين تُسجل مخاطر إصابتهم أدنى مستوياتها. وبعد مرور ثلاث سنوات، أُخضع 125 من المشاركين في الدراسة إلى فحوص اختبارية لتقييم أداء وظائف أدمغتهم. فسجلت الفحوص عُرضة غالبيتهم لمخاطر الإصابة بالزهايمر بمعدل يفوق بثلاث مرات معدل إصابة المسنين الذين ظهرت لديهم علامات تراجع أداء الوظائف الإدراكية مقارنةً مع المجموعة التي صُنف أفرادها بتعرضهم المتوسط للإصابة بالمرض. وبصيغة أخرى، وجد الباحثون أن 3 من كل 14 مشاركاً (21%) من الذين ظهرت لديهم إشارات «أدسيج» كانوا معرضين بدرجة عالية لتراجع وظائفهم الإدراكية بالمقارنة مع وجود 6 من كل 90 مشاركاً آخرين (7%) أشارت إشارات «أدسيج» لديهم إلى تعرضهم المعتدل للإصابة بالمرض. ولم يظهر لدى أي واحد من مجموعة تتكون من 21 مسناً ممن أظهرت إشارات «أدسيج» لديهم انخفاض مخاطر تعرضهم للإصابة بالمرض تراجعَ وظائفهم الإدراكية خلال السنوات الثلاث الماضية من حياتهم. وأفاد الباحثون أن إشارات «أدسيج» التي سجلتها فحوصهم كانت دقيقةً للغاية. إذ سجلوا أن قشرة مخ الأشخاص المعرضين بشكل كبير للإصابة بالزهايمر كانت أقل سماكةً من الأشخاص المعرضين بشكل معتدل للإصابة بالمرض بنسبة 1,5 ميليمتر فقط. وخلال هذه الدراسة، حذر الباحثون من كون الواسمات الحيوية تحتاج إلى اختبار لدى عدد أكبر من الأشخاص الذين تُتابع حالاتهم لفترات أطول. لكنهم عبروا في الوقت نفسه عن تفاؤلهم من أنهم يشعرون أنهم ماضون على الطريق الصحيح. وتجدر الإشارة إلى أن 84 من المتطوعين للمشاركة في هذه الدراسة وافقوا على أخذ عينات من سائل النخاع الشوكي لديهم، وأن 60% من بين الأشخاص الذين يُصنفون ضمن الفئة الأكثر عرضةً للإصابة بالزهايمر حسب إشارات «أدسيج» كانت مستويات صفيحة «الأميلويد بيتا» لديهم متناسبة مع مخاطر إصابتهم بالزهايمر. وبالمقابل، لم تتعد نسبة الأشخاص الذين تعتبر مخاطر إصابتهم بالمرض معتدلةً نسبة 36%، في حين كانت تشير مستويات هذه الصفيحة لدى 19% من الأشخاص المعرضين بقوة للإصابة إلى وجود مرض الزهايمر. واعتبر المراقبون نتائج هذه الدراسة مشجعةً على مستوى التنبؤ المبكر بالمرض من أجل تقليل مضاعفاته واستفحاله وسرعة تفاقمه لدى المسنين، مشيرين إلى أن القيام بما قد يحول دون الإصابة به يبقى السبيل الأمثل لعلاجه. ودعا بعضهم في هذا السياق إلى استهلاك الفينول الطبيعي الموجود في التوت وبعض الفواكه نظراً لفوائده بخصوص استدامة جودة أداء وظائف الدماغ، إضافةً إلى ممارسات أخرى سبق للعلماء أن دعوا إلى اتباعها في مرحلة الشيخوخة، لكنهم ختموا بتعليق طريف مفاده «أخيراً، اكتشف أطباؤنا أهمية أصحاب الرؤوس «الثخينة»!» عن «لوس أنجلوس تايمز»