يقف الناس أمام مسرح الكولوسيوم في صفوف طويلة في انتظار الدخول· ورغم الوقوف لفترات طويلة تحت الشمس الحارقة يبدو أنه لا يوجد خيار أمام الزائرين سوى الانتظار لساعة أو أكثر كي يتمكنوا من دخول المسرح المدرج الأثري· وعلى بعد بضعة أمتار يقف شابان إيطاليان يرتديان ملابس المصارعين الرومان ليلتقط لهما أحد السائحين المتحمسين صورة· وبالتأكيد لا ينبغي على أي زائر لروما أن يفوته هذا المنظر· وبينما ينضم هذا المراسل للصف الطويل على مضض يقرر شاب إنجليزي جمع السائحين متحدثي اللغة الإنجليزية الآملين في الدخول إلى الكولوسيوم ألا يضيع باقي اليوم ويعهد بهم إلى مرشد إيطالي· ومن بين أولئك السائحين القلائل زوجان من بيرمينجهام ورجل من أوريجون وعدد قليل من الاستراليين ورجل طاعن في السن يرتدي قبعة بيسبول مكتوب عليها ''ايرلندا'' وقليل من الألمان الذين لم يجدوا مرشدا يتحدث الألمانية· ويتعهد لهم المرشد بإجراء جولة تستمر 45 دقيقة حول بقايا المدرج الذي كان في يوم ما ساحة ''للمعارك المميتة بين المصارعين وكذلك مصارعة الحيوانات المفترسة'' حسبما ورد في الدليل السياحي· ولكن قبل أن يتح لأي أحد فرصة التفكير في كيفية زيارة المكان بالكامل في هذه الفترة القصيرة يقودهم المرشد لتسلق الدرجات شديدة الانحدار والتجول في مختلف أماكن الزيارة· وأصبح الكولوسيوم الذي بدأ إنشاؤه بأمر من الإمبراطور فيسباسيان عام 72 ميلادية واحدا من أكبر المسارح المدرجة بروما حيث يتسع لنحو 500 ألف متفرج· ويذكر المرشد السائحين بعد أن يتقاضى منهم عشرة يورو قبل الجولة أن الدخول مجانا للجميع· وقديما كان يسمح للمتفرجين الرجال أن يجلسوا على الدرجات لمشاهدة الألعاب المميتة بينما كانت تقف المتفرجات في الشرفات الواقعة أعلى المبنى لمشاهدة المصارعين حاملي السيوف وهم يقتلون بعضهم البعض· وعادة ما يكون هؤلاء المصارعون عبيدا أو سجناء أو مجرمين مدانين· ونادرا للغاية ما يكونون محترفين· لكن مصير الخاسر كان يتحدد بحركة إصبع من الإمبراطور فإذا رفع إبهامه إلى الأعلى ضمن الخاسر حياته وإذا أنزله إلى الأسفل قتل· وأحيانا ما كان المصارع يتظاهر بأنه مات حتى إذا ما سحبت الجثث خارج حلبة المصارعة يقفز فارا بحياته· ويوضح المرشد ''لكنهم لم يحبوا الغش''· ولذا لجأ الرومان المحكمون وهم رجال يرتدون زيا رومانيا أسود اللون وأقنعة تتلخص مهمتهم في ضرب ولكم المصارع المهزوم للتأكد من أنه مات فعلا· فإذا اكتشفوا أنه لم يمت يجهزون عليه بالمطرقة· ولا تقل المصارعة بين الحيوانات شراسة عنها بين البشر· وكانت الأفيال تصارع الثيران أو زوجين من الأسود يشتبكان مع بعضهما البعض· ويقف الأطفال حول حلبة المصارعة يضربون الحيوانات بالسياط ليجعلونها أكثر عدوانية وشراسة· وقال المرشد بعد أن ملأ التشكك نظرات بعض السائحين ''إنها مشابهة للغاية لمصارعة الثيران اليوم في أسبانيا''· ويمكن للزائرين اليوم أن ينظروا من الشرفات أعلى المدرج إلى الغرف الواقعة تحت الأرض والممرات التي كانت توجد بها الحيوانات· وكانت تستخدم بكرات من الحبال لإخراج تلك الحيوانات من الغرف الواقعة تحت الأرض إلى حلبة المصارعة· وكشفت أعمال الحفر عن بقايا غرف أسفل الأرضية المدمرة لحلبة المصارعة· لكن ليس هذا هو المكان الوحيد الذي تنقصه بعض قوالب الطوب· لكن قبل أن يفكر أي من السائحين إذا كان المبنى آمنا ويمكن التجول به كانت الجولة انتهت· وبينما كانت المجموعة لا تزال بحاجة لالتقاط أنفاسها من الحرارة والتجول والمعلومات انطلق المرشد في جولة أخرى مع مجموعة أخرى لمدة 45 دقيقة·