سكون وهدوء حنون يخيم على المكان.. إضاءة ناعمة أبقت على بعض ملامح الغرفة.. وبزاويتها تركن روح هادئة مسترخية مغمضة العينين يقظة القلب.. نبضات القلب تتناغم مع تلك الأنفاس الدافئة. معركة مشاكسة مع أجفان العين لتبقيها مغمضة حتى يحين وقت إشراقها مع بزوغ يوم جديد.. لكنها خسرت المعركة وفتحت عينيها لتجول بناظرها إلى فراغ الغرفة.. تنهيدة معاتب لتلك العيون وذاك السلطان الذي لم يحل على جفونها حتى يجبرها على النوم.. أخذت تفكر وتفكر. اخترق هذا الصمت أنين ألم وشعور ندم على هذه الدموع، فإن الدموع لن تعيد أجساداً رحلت أو تزيل غبار التراب عن هذه الأوجه! أنين يحمل معه أسئلة كثيرة لا إجابة لها سوى أنهم رحلوا قبل أن يودعوها أو يلقوا نظرة أخيرة عليها لعلها تخفف عنها وطأة هذا الرحيل؟! تستنكر ما جرى ولا تعرف من أين يجب أن تقف أو تبدأ أفكارها، أمن لحظة جلوسها على كرسي الأفراح؟ أم لحظة نزولها إلى قسم الأموات لتلقي نظرة وداعية على محياه! وكيف تودعه؟ زوجاً أم حبيباً أم شخصاً كان لا بد لها أن تبدأ معه الحياة؟! دموع ودموع وأنين حارق لذاكرتها فهي تريد أن تخفي ما تراه في أفقها الغائب عن نظر الآخرين ولكنه موجود أمامها.. لم تجعلها هذه السنين الأربع تنسى ذاك الوجه وبحة صوته ولمعان عينيه.. وعتابه وغضبه ونصائحه ومشاغباته.. وقتها لم يعجبها هذا المزيج ولكن بعد ذهابه تمنت كل هذا المزيج وتلك الإضافات الجديدة بشخصيته.. ولكنه رحل بكل ما فيه لم يبق سوى تلك العلب الفارغة والعطور التي انتهى عبقها مع رحيله.. وبقيت هي وذاكرتها ودموعها وقلبها المسهد... * الفجيرة