اغتيال وردة
كانت آخر من خرج من القاعة بعد اجتماع دام أكثر من ساعة. أخذت حقيبتها والخمول استوطن جسدها مع ابتسامة خفيفة رسمتها على وجهها: اجتماعاتنا كثيرة، أكثر من أعمالنا.
لفت نظرها منظر وردة حمراء مهملة ملقاة على الأرض كادت تسحقها بكعب حذائها انحنت.. تلقتها.. شغلتها الوردة.
ـ مسكينة أنت أهملتني هنا بعد أن امتصوا عبيرك، كنت قبل لحظات مفتاح فرح حبيبين التقيا، أو أميرة في استقبال كبار المسؤولين، دائماً تكونين عنوان فرحة، ولكن بعد انتهاء المناسبة، هكذا يلقونك. حققتي الغرض وانتهت مهمتك، لن تكوني بعيداً عني أبداً، فأنا أشبهك تماماً، ويمكن حظك أحسن مني فأنت تقطفين مرة واحدة، يأخذون روحك مرة واحدة، أما أنا فأحترق يومياً وأذوب كالشمعة ببطء، أمشي في ممرات ضيقة تخنق أنفاسي، أحلم بالرومانسية، أعيش قصص الخيال عبر عبير أوراقك، واليوم أنظر إليك، ذبلت أطرافك ها أنا أداعبك وأردد في حنين مشتاق يا ورد من يشترك؟ هناك الكثير يدفعون ويتسابقون لشرائك ولكن من يحافظ عليك؟ كنت لحظة نزوة عابرة تسرب عبيرك، لا تصلحين الآن. مرات أجدك في يد عروس ستزف، يا ترى هل ستلقي بك بعيداً، أو تضمك بحنان لأنك أسعدت ليلة عمرها؟
ضاقت بي الدنيا أريد أن ألقي همومي في البحر. جدال طويل، تأزمت بداخلي، وجدتك كي أذرف دمعي في بقايا عبيرك، كنت منزوية، لا أصرخ، أهز رأسي دائماً بالموافقة، اليوم أيقظتي غيبتي، وأنا أجدك هكذا.. كنت أخفي كلام عيني وكأنني أنا المرأة الوحيدة التي سجلت في دنيا الشقاء.
صديقتي سارة كنت أبوح لها وأخبرها لأنها تحفظ سري، وهي تنصت إليّ كلما ضقت، أكلمها ستخرجنا معاً إلى البحر.. لا تمانع.. أجدها أيضاً تشتكي وتهمس للبحر. إنها تسمعني أكثر مما تشتكي.. ترسل همومها مع دفقات الموج ليأخذها بعيداً في ذهول.
لم اختر يوماً أن أكون هكذا. من أول ليلة ذبح القطة أمامي فأسكنني الرعب، تمسكت بالخوف حتى خارج أسوار البيت، كنت أظني طفلة أتقبل الأوامر.. اليوم عرفت أنني ناضجة ولا بد أن أختار حياتي.. أحسست بالغثيان وأنا أذكر تفاصيل حياتي.
سامحك الله يا سارة لماذا كنت فقط تسجلي اعترافاتي ولم تخبريني أنني كبرت؟
اغتالوك يا وردتي كما أغتيلت حقول جسدي.