أمين الدوبلي (أبوظبي)

يبقى الشيخ عيسى بن راشد أحد أقطاب الكرة الخليجية والعربية، وأحد أبرز منظريها الموجودين على الساحة بآرائه القوية وأفكاره المفعمة بخبرة السنين.. والمتعمقة برؤية رياضي يعشق الأدب، له الكثير من دواوين الشعر، وله باع طويل في الإدارة الرياضية من خلال توليه العديد من المناصب الدولية.. هو أحد مؤسسي ومنظري بطولات الخليج منذ نشأتها، وأحد أضلاع الشخصيات التاريخية في الكرة الخليجية والكرة الآسيوية أيضاً.
هو الآن فاكهة بطولة آسيا، التي انطلقت من الإمارات مساء أمس الأول، يستقبل الوفود من كبار الشخصيات يومياً في فندق إقامته، ويستعيد معهم الذكريات والأمجاد والمواقف الطريفة، ويتعمق مع من يريد البحث في أعماق التجربة الخليجية مع كرة القدم، ويبدي آراءه النارية في كل شيء بحساب أحياناً وبلا أي تحفظ في أحيان أخرى، لأنه يعشق المصداقية في كل الأوقات.. التقيناه وطرحنا على مائدته كل التساؤلات، التي تغطي الساحة الكروية في آسيا والخليج والعالم، وأخذنا في جولة في أفكاره وآرائه، نعرضها في الحوار التالي.

في البداية تحدث الشيخ عيسى بن راشد عن مباراة الافتتاح التي جمعت الإمارات والبحرين، وقال: فريق البحرين معظمه من صغار السن، ولم نكن متفائلين بدرجة كبيرة بأن نحقق نتيجة إيجابية في لقاء الافتتاح، لكن الشباب بمعنوياتهم وروحهم العالية وإخلاصهم قدموا مستوى جيداً، لكن الحكم ظلمنا في ضربة الجزاء التي احتسبت للإمارات، لأن الحكام الدوليين المعروفين لا يحتسبون ركلة الجزاء إلا إذا كانت واضحة 100%، وفي حالة لاعبنا فإنها ليست «هاند بول»، لكنها «بول هاند» والحكام يعرفون ذلك جيداً، لأن الكرة هي التي ذهبت ليد المدافع، وكان على الحكم ألا يحتسبها.. والحكم شقيقنا من الأردن، والإمارات بلدنا الثاني، ونحمد الله على الأداء والنتيجة.
وقال: نعم أنا راضٍ عن النتيجة وأعتقد أن منتخب البحرين ومنتخب الإمارات كلاهما سيتأهل للدور الثاني، ولكن بعد الدور الثاني لا أحد يعرف لأننا أقل مستوى من اليابان وكوريا وأستراليا وغيرهم.
وتحدث الشيخ عيسى عن رفع عدد المنتخبات المشاركة في البطولة إلى 24 منتخباً، وما إذا كان هذا القرار إيجابياً أو سلبياً، وقال: الـ24 منتخباً نصفها منتخبات قوية، والنصف الآخر ضعيف، والمباريات سوف تظهر الفارق، ولكن كرة القدم يمكن أن تفاجئنا وأن تظهر بعض المنتخبات، التي نظنها صغيرة وضعيفة لتحرج الأسماء المعروفة من القوى التقليدية، ومنتخبات آسيا بالذات غير ثابتة المستوى بما فيها أستراليا وكوريا والإمارات، التي كانت أقوى في الدورة الأخيرة بأستراليا.
وفي تقييمه لمنتخبنا الوطني، قال: منتخب الإمارات مثله مثل منتخب البحرين يعاني ندرة المواهب، لأن فكرة الفريق اختفت، والمساحات التي كانت واسعة بين البيوت يلعب فيها الأبطال قلت، وكل حارة كان فيها فريق، والآن الأندية تعتمد على اللاعبين القدامى في التدريب بغض النظر عن مستواه ودراساته كمدرب، والمشكلة الثانية أن مسيرة اللاعبين كانت متصلة فيبدأ من مرحلة البراعم ويمضي إلى الأشبال ثم الشباب ثم الفريق الأول، ولكن ما يحدث الآن أن اللاعب يصل إلى مرحلة الشباب، ثم تتوجه الأندية إلى الأجانب فيضيع اللاعب المواطن، وهذا لا يخدم المنتخب بالتأكيد، والبحرين تحديداً بلد ليس غنياً ومن يأتينا من الأجانب هم رديف الأجانب الذين يصلون إلى السعودية والإمارات والكويت، وأحياناً وكلاء اللاعبين يخدعون أنديتنا.
وعن استضافة الإمارات الحدث القاري الكبير في ظل مشاركة 24 منتخباً للمرة الأولى، قال: الإمارات تبدع دائماً عندما تستضيف أي حدث، وشهادتي مجروحة في الأشقاء بالإمارات دائماً، وبالنسبة لحفل الافتتاح كان مبهراً وبسيطاً، وأنا بشكل عام لا أحب المغالاة في الافتتاح، وبرغم أنه كان قصيراً، فإنه كان رائعاً، وأحيي من اختار أوبريت «زانها زايد».
وكشف عن توقعاته للمنتخبات، التي يمكن أن تتأهل للمربع الذهبي في البطولة الآسيوية، وقال: هناك 3 منتخبات ستصل إلى المربع الذهبي هي اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا هي مضمونة، أما المنتخب الرابع فأنا أتمنى أن يكون عربياً، والسعودية يمكن أن تكون الأقرب، لكن المباريات التجريبية أقلقتني على الأخضر لأنه ليس الفريق القوي الذي كنت أتوقعه، لأن جلب المحترفين والاعتماد عليهم في الهجوم تحديداً أضعف المنتخبات.
وطرح الشيخ عيسى رؤيته للمنافسة المحتدمة حالياً بين شرق وغرب آسيا في تطوير كرة القدم، وقال: شرق آسيا بشكل عام أسرع منا في التطور؛ لأنهم يتعاملون مع الأمور باحترافية ويستفيدون من التجربة الأوروبية أكثر منا، أما نحن فما زلنا لا نعتبر أن كرة القدم من الممكن أن تكون مستقبلاً لناشئ، وما زلنا نركز في المقام الأول على الدراسة. فأنا عندما ذهبت إلى كوريا الجنوبية تعجبت عندما علمت أن المنتخب الكوري يقيم معسكراً مدته 6 أشهر، رعاية رياضية وتعليمية وكروية كاملة في المعسكر نفسه، أما نحن فلا نستطيع فعل ذلك، حتى في الاحتراف الدولي لا نسمح لأبنائنا بالاحتراف في أوروبا. وفي ظني أن لاعب الكرة حالياً منجم ذهب لأسرته، ويمكن أن يجلب لأسرته أموالاً أكثر من ابنهم الطبيب الذي ينفقون عليه الكثير من الأموال، ومن هنا فقد دهشت في البحرين عندما وجدت سيدة أميركية تقول لي إنها تضع كل تركيزها مع ابنها في تدريبه على كرة السلة، حتى يكون أحد اللاعبين المهمين بها ويشتري لي منزلاً ويوفر لي المال الكافي للحياة في أميركا عندما يعود ويلتحق بأحد أنديتها.
وعن رأي إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي قال فيه إنه من الممكن أن يتم تنظيم كأس العالم 2022 بشكل مشترك بين دول خليجية عدة حال رفع عدد المنتخبات إلى 48 فريقاً، قال الشيخ عيسى بن راشد: حقيقة أنا أستغرب تصريحات إنفانتينو؛ لأنه كل فترة يخرج برأي، ورأيه هذا غير واقعي، لأن الظروف الحالية لن تسمح بدخول السعودية ولا الإمارات ولا البحرين في عملية التنظيم، في حين أن الكويت رفضت من الأصل عند طرح الفكرة، كما أنها لا تملك المرافق الجيدة.
وتحدث الشيخ عيسى بن راشد عن وجود أكثر من مرشح خليجي لرئاسة الاتحاد الآسيوي قال: المنافسة بين معالي اللواء محمد خلفان الرميثي، والشيخ سلمان بن إبراهيم لن تكون سهلة بأي حال من الأحوال، وأحدهما هو الذي سيحكم الاتحاد الآسيوي في المرحلة المقبلة، ولا أحد يستطيع أن يتوقع النتيجة الآن، لأن كلاً منهما يملك المؤهلات ويملك القوة والخبرة، أما أنا فمن الطبيعي أن أقف في صف الشيخ سلمان، ولو فاز الرميثي سوف أكون أول المهنئين وسوف يمثلنا خير تمثيل، وفي النهاية نحن محظوظون بعدم تقدم مرشح ثالث من شرق آسيا لأننا في هذه الحالة سوف ننقسم وتذهب الأمور للمرشح الآسيوي.
وقال الشيخ عيسى بن راشد في تقييمه لكأس العالم للأندية الأخيرة في أبوظبي: تابعتها ونجحت الإمارات في تنظيمها بشكل مميز، ونجح فريق العين في تشريفنا بحق بتأهله للنهائي، ولكن لا يجب أن نقارن أنفسنا بأندية أوروبا مثل الريال وبرشلونة وغيرها، لأنهم هناك يطبقون الاحتراف الحقيقي، أما نحن فيجب أن نعترف بأن اللاعب الخليجي والعربي بشكل عام «نصف محترف»، و«مزاجي»، كل يوم في حال إلا القليل منهم؛ لأنه لا أحد يتابع نومهم ولا طعامهم ولا تدريباتهم.