استأنفت قوات سوريا الديموقراطية، اليوم الجمعة، عملية إجلاء المدنيين المحاصرين داخل الجيب الأخير لتنظيم داعش الإرهابي في شرق سوريا، في خطوة من شأن استكمالها أن تحدد ساعة الصفر لحسم المعركة سواء عبر استسلام الإرهابيين أو اقتحام الجيب عليهم.
وهذه هي الدفعة الثانية التي يتم إجلاؤها من بلدة "الباغوز"، بعد خروج ثلاثة آلاف شخص أول أمس الأربعاء، وفق ما أحصت قوات سوريا الديموقراطية، مشيرة إلى أن الخارجين من جنسيات مختلفة وبينهم عراقيون ومن دول الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبيون.
وقرب بلدة "الباغوز" حيث بات التنظيم محاصراً في مساحة تقدر بنصف كيلومتر مربع، أفاد فريق صحفي عن خروج نحو ثلاثين شاحنة، اليوم الجمعة، تقلّ خصوصاً نساءاً يلبسن الأسود وأطفالاً من مختلف الأعمار، بالإضافة إلى عدد أقل من الرجال غطوا وجوههم بكوفيات.
وقال مدير المركز الإعلامي في قوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي، اليوم الجمعة، "سنحاول اليوم بشكل أو بآخر إجلاء من تبقى من المدنيين، نتوقع خروج أعداد كبيرة (..)، ونأمل غالباً أن ننتهي من هذه العملية اليوم أو غداً" السبت.
وأضاف "ننتظر إجلاء آخر المدنيين لاتخاذ قرار الاقتحام".
ولا تتوفّر لدى هذه القوات راهناً أي تقديرات لعدد المدنيين أو المقاتلين الذين يتحصن عدد كبير منهم في أنفاق وأقبية تحت الأرض.
وأفاد المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديموقراطية في دير الزور عدنان عفرين، اليوم الجمعة، أنه بعد "خروج المدنيين، يتبيّن لنا عدد عناصر داعش المتبقين في الداخل وماذا يريدون أن يفعلوا".
وتابع "لا نعرف موقفهم حتى الآن. ولكن إذا لم يستسلموا، فنهايتهم بالطبع الحرب"، مضيفاً "بمجرد أن تنتهي عملية خروج المدنيين، سيكون أمامهم: الحرب أو الاستسلام".
وأوقفت قوات سوريا الديموقراطية منذ أسبوع هجومها ضد الإرهابيين بعد تضييق الخناق حولهم، لإفساح المجال أمام المدنيين بالخروج، بعدما فاق عددهم توقعاتها.
وقال بالي إن عملية إحصاء الذين خرجوا، الأربعاء مستمرة، وإن "العدد يقارب ثلاثة آلاف وغالبيتهم أجانب من جنسيات مختلفة"، لافتاً إلى أن "الغالبية من الجنسية العراقية وجنسيات دول الاتحاد السوفياتي السابق بالإضافة إلى أوروبيين"، من دون تحديد عددهم وعدد المشتبه بانتمائهم للتنظيم المتشدد الذين تمّ توقيفهم.
ولم يُسمح للصحافيين في اليومين الماضيين بالاقتراب من المدنيين أو التحدث إليهم في منطقة الفرز التي نقلوا إليها قرب الباغوز.
وقال ديفيد يوبنك، مؤسس مجموعة "فري بورما راينجرز" التي تضم متطوعين غالبيتهم أميركيون يقدمون المساعدات الطبية، إن هناك "العديد من الفرنسيات" بالإضافة إلى نساء من ألمانيا والنمسا وروسيا وسيدة من بريطانيا كنّ في عداد من خرجوا الأربعاء.
وأوضح أن النساء والأطفال وصلوا وهم يعانون من "جوع شديد".
ويعيش المحاصرون في جيب التنظيم الأخير في ظروف بائسة في ظل نقص الطعام والمياه والأدوية. ويصلون إلى مواقع قوات سوريا الديموقراطية في حالة يرثى لها.
ويتم نقل المدنيين إلى مخيمات شمالاً بعد التدقيق في هوياتهم وجمع معلومات أولية عنهم في منطقة فرز قرب الباغوز، فيما يجري توقيف المشتبه بانتمائهم للتنظيم.
ومن شأن حسم المعركة ضد الإرهابيين أن يسرّع تطبيق القرار الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ديسمبر الماضي وينص على سحب القوات الأميركية المقدرة بألفي جندي من شمال شرق سوريا.
وأعلن البيت الأبيض، أمس الخميس، أن الجيش الأميركي سيبقي "مجموعة صغيرة لحفظ السلام قوامها نحو مئتي جندي" في سوريا، آملاً أن يحفّز ذلك الحلفاء الأوروبيين على إرسال قوات للقيام بمهمة مماثلة.
وواجه وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان الأسبوع الماضي صعوبة في إقناع دول أوروبية حليفة لبلاده بالإبقاء على قواتها في سوريا بعد انسحاب الجنود الأميركيين.
ويخشى الأكراد أن يشكل انسحاب القوات الأميركية مقدمة لتركيا من أجل مهاجمة المناطق التي يسيطرون عليها.
وإلى جانب التباين الأميركي-الأوروبي إزاء وجود القوات في سوريا، قابلت دول أوروبية عدة بفتور دعوة وجهها إليها ترامب قبل أيام لاستعادة مواطنيها الإرهابيين المعتقلين لدى قوات سوريا الديموقراطية.
استئناف إجلاء مدنيين محاصرين في آخر جيب تتحصن به داعش تمهيداً لاقتحامه
المصدر: آ ف ب