حروب على الملح تحاول وقف زحف الصوديوم
(أبوظبي) – أطلقت مدينة نيويورك المبادرة الوطنية للتقليل من الملح. وهذه المبادرة عبارة عن شراكة وطنية موسعة تشترك فيها المنظمات الصحية وأقطاب الصناعات الغذائية وأصحاب المطاعم والمدن والولايات في أنحاء متفرقة من أميركا، وتستهدف التقليل من مستويات الملح في الأغذية الشائع استهلاكها. ووضع مطلقو هذه المبادرة أهدافاً محددة لكل الأغذية والمواد الاستهلاكية التي يستخدم فيها الصوديوم بدءاً من الأغذية المعلبة ووجبات المطاعم. وقد وقع على هذه المبادرة إلى الآن 39 مدينة و22 من كبريات شركات الصناعة الغذائية وسلسلات مطاعم وأسواق ومراكز تجارية كبرى، وتعهدوا من خلالها بالتقليل من استخدام الصوديوم.
يأتي هذا بعد أن أكدت الإحصاءات الأخيرة أن مقدار ما يستهلكه أفراد المجتمعات المعاصرة أصبح يفوق بكثير ما كانت عليه أحوالها في السابق، كما أن الأمراض الناتجة عن الإفراط في استخدام الصوديوم في مختلف الأطعمة والوجبات وصلت نسباً غير مسبوقة. هذا الوضع حدا بالسلطات الصحية لبعض الدول إلى دق ناقوس الخطر من الوضعيات الصحية التي آلت إليها شعوبها. ففي الولايات المتحدة فقط، يصل معدل ما يستهلكه الفرد الأميركي من الصوديوم يومياً 3,400 ميليجرام، أي أكثر بنسبة 50? من الكمية القصوى التي توصي بها السلطات الصحية. وهذه الإحصاءات المروعة دفعت نيويورك في العام الماضي ومدناً أخرى بعدها إلى إعلان الحرب على الملح.
بدائل طبيعية
ويقول الباحثون إن إدراك الإنسان لطعم الملح وتذوقه مر عبر مراحل مختلفة، كانت كل مرحلة منها تتيح فرص تطوير مكونات طبيعية بديلة كفيلة بتعويض الصوديوم ومساعدة الإنسان من ثم على تفضيل استهلاك أطعمة وأغذية أقل ملوحةً.
وقد انضمت وسائل الإعلام الطبية إلى حملة الحرب على الملح، وبذل بعض أعضائها جهوداً محمودة من قبيل مبادرة “تعديل مستويات الملح” وبرامج “أوقفوا زحف الملح” التي تسعى إلى ابتكار طرق جديدة لترويض ذائقة الإنسان الأميركي على استهلاك أطعمة لا تحتوي إلا على القليل جداً من الملح.
وبطلب من مجلس الكونجرس، أصدرت مراكز مراقبة الأمراض والوقاية تقريرها المُزلزل الذي أوصت فيه إلى “تغيير اللوائح التنظيمية الخاصة باستهلاك المواد الغذائية وضرورة تبني مقاربة جديدة بهدف منع انتشار ارتفاع الضغط ومراقبته”.
وتحدث هذا التقرير عن العلاقة السببية القائمة بين الملح وارتفاع ضغط الدم والإصابة بالجلطات والسكتات القلبية. كما أوضح أن شخصاً من كل ثلاثة أميركيين يعانون من ارتفاع ضغط الدم الذي يُعد أحد الأسباب المؤدية إلى الوفاة.
استراتيجيات جديدة
من جهته، أعلن معهد الطب عن “استراتيجيات جديدة لتقليل استهلاك الصوديوم في الولايات المتحدة”. وأكد التقرير على الحاجة الماسة إلى تبني معايير جديدة لمساعدة أرباب شركات الصناعات الغذائية وأصحاب المطاعم على التقليل من استخدام الصوديوم حتى يتسنى استهداف جميع مصادر السلسلة الغذائية. وأوصى أيضاً إلى وضع هدف تقليل استخدام الصوديوم في الأغذية المعلبة بشكل تدريجي وغير ملحوظ، وذلك حتى يستطيع المستهلكون التكيف مع المستويات المنخفضة الجديدة من الصوديوم بمرور الوقت.
واعتبر التقرير أن الهدف هو نقل معدل الاستهلاك اليومي من الصوديوم من 3,400 ميليجرام إلى 1,500 ميليجرام كل يوم.
ويعتبر المراقبون هذه المبادرات والبرامج خطوات جيدة على الطريق الصحيح في الإطار العام لحملة الحرب على الملح، غير أنهم يشيرون إلى أن هذه الجهود لا يمكن أن تتكلل بنجاح إلا إذا انضم أفراد المجتمع الأميركي قاطبةً إلى هذه المبادرات.