حسام عبدالنبي (دبي)

توقع خبر ماليون انتعاش القطاع غير النفطي بدولة الإمارات العام الجاري بفضل حزمة الحوافز الجاري تنفيذها في أبوظبي، وزيادة الإنفاق الحكومي على المشروعات التنموية وإكسبو 2020 دبي. وأكد هؤلاء لـ«الاتحاد» أن انتعاشة القطاع الخاص غير النفطي تدعم النمو الاقتصادي للإمارات في عام 2020، ما يجعل من الجهود المبذولة للتنويع الاقتصادي والابتكار التكنولوجي في دولة الإمارات المحدد الرئيس لتشكيل الفرص المستقبلية على المديين المتوسط والطويل.
وذكر الخبراء أن «إكسبو 2020 دبي» سيكون له تأثير ملموس على تحفيز النمو الاقتصادي عبر زيادة بنسبة تعادل 1.5% إلى الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، مشيرين إلى أن انخفاض أسعار الفائدة في البنوك يحفّز نمو الائتمان في القطاع الخاص ويساعد في تعزيز اقتصاد القطاع الخاص غير النفطي.
وأعلنت حكومة أبوظبي عام 2018 عن برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غدا 21» للأعوام 2019 إلى 2021 بميزانية 50 مليار درهم، والذي يعكس التزام أبوظبي تجاه المجتمع والاقتصاد والمعرفة.
وأظهرت نتائج برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غداً 21»، بعد عام على إطلاقه، تميزاً ونجاحاً كبيرين وتطورات إيجابية انعكست على مناحي الحياة في الإمارة، وأهمها قطاعات الاقتصاد والمعرفة والمجتمع، حيث يدفع البرنامج، مسيرة تنمية أبوظبي نحو آفاقٍ جديدة عبر الاستثمار في الأعمال والابتكار والمجتمع، وذلك بإطلاق أكثر من 50 مبادرة في 2019.

جهود حثيثة
وتفصيلاً أكد رائف لاوسون، المحاسب القانوني المعتمد، ونائب الرئيس لشؤون الأبحاث والسياسات في معهد المحاسبين الإداريين، أن نمو القطاع الخاص غير النفطي في دولة الإمارات يسهم في دعم النمو الاقتصادي في 2020، خاصة في ظل انعقاد «إكسبو دبي» أكتوبر المقبل والذي سيكون له تأثير ملموس على تحفيز النمو الاقتصادي، متوقعاً أن يسهم إكسبو 2020 في زيادة بنسبة تعادل 1.5% إلى الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات خلال مدة الحدث التي تمتد إلى 6 أشهر.
وشدد لاوسون، على أن الجهود المبذولة للتنويع الاقتصادي والابتكار التكنولوجي في دولة الإمارات تساعد على تشكيل الفرص المستقبلية على المدي المتوسط والطويل. وأشار إلى أن دولة الإمارات تبذل جهوداً حثيثة للتنويع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على النفط وذلك عبر تقوية وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
وأضاف أن التقديرات تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الإمارات حقق نمواً يتراوح بين 1.5% و2% خلال عام 2019 مدفوعةً بالنشاط غير النفطي. واختتم لاوسون، بالتأكيد أنه من شأن انخفاض أسعار الفائدة في البنوك أن يحفّز نمو الائتمان في القطاع الخاص ويساعد في تعزيز اقتصاد القطاع الخاص غير النفطي، لاسيما القطاع العقاري والذي يستفيد بشكل خاص من انخفاض تكاليف الاقتراض.

انتعاش الاستثمارات
ومن جانبه، توقع الدكتور محمد دمق، مدير أول، ورئيس قطاع تصنيف المؤسسات المالية في الشرق الأوسط وأفريقيا في وكالة إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية، أن تنتعش الاستثمارات في القطاع غير النفطي وأن تزيد الأنشطة المرتبطة بالسياحة العام الجاري، خاصة في ظل حزمة الحوافز التي أطلقتها حكومة أبوظبي، والاستثمارات المقررة لحكومة دبي استعداداً لمعرض إكسبو 2020.
وأضاف أن تقديرات الوكالة تشير إلى أن الاقتصاد الإماراتي يحقق نمواً في 2020 بوتيرة أعلى من العام السابق بفضل الإنفاق الحكومي الذي يدعم النشاط الاقتصادي.
وفيما يخص تأثر النمو الاقتصادي بتراجع أداء القطاع العقاري في العام الجديد، أجاب دمق، بأن التوترات الجيوسياسية العالمية تسببت بشكل رئيس في تراجع رغبة المستهلكين وتأجيل الاستثمارات المعتمدة على القروض المصرفية، ما أدى إلى المزيد من التراجع في أسعار العقارات.
وذكر أنه على الرغم من التراجع الذي حدث في أسعار العقارات، إلا أن مؤشرات جودة الأصول بقيت مستقرة، عازياً ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسة هي هيمنة المشترين نقداً على السوق العقاري، وارتباط أكبر الشركات العقارية بالحكومة مما يعني في النهاية بأن الحكومة من الممكن أن تتدخل في حال استمرار التصحيح، إلى جانب اتخاذ البنوك نهجاً متحفظاً نسبياً مع تطبيقها للمعيار التاسع من المعايير الدولية.

الإنفاق الحكومي
وأفاد موريس غرافيير، المسؤول الرئيس للاستثمار في مجموعة بنك الإمارات دبي الوطني، بأن الوضع المالي لدولة الإمارات يظل من ضمن الأقوى في المنطقة، لاسيما بعد أن أعلنت حكومة أبوظبي التزامها بزيادة الإنفاق خلال العامين القادمين ما سيدعم النمو في القطاعات غير النفطية، منوهاً بأن أسعار النفط الحالية توفر دعماً للإنفاق الحكومي والتدفقات المالية للقطاع الخاص الذي من شأنه أن يعزز نمو القطاع غير النفطي.
وأشار غرافيير، إلى أن حكومة دبي أعلنت أيضاً عن ميزانية مواتية جداً لعام 2020، بزيادة في الإنفاق بنسبة 17% عن العام السابق من أجل تحفيز الاقتصاد، لافتاً إلى أن الاستعدادات لمعرض إكسبو 2020 تستمر في دعم النمو على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة، في الوقت الذي يمثل فيه انخفاض أسعار الفائدة دفعة أخرى لزيادة الأعمال والاستهلاك في ظل انخفاض تكلفة الاقتراض.

سياسة تيسيرية
وبدوره، قال الدكتور سعادة شامي، كبير الاقتصاديين لمجموعة بنك الكويت الوطني، إن استمرار انتعاش القطاع غير النفطي يلعب دوراً رئيساً في تحسن النمو الاقتصادي الإماراتي حتى عام 2021، لافتاً إلى أن تقديرات البنك تشير إلى ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى نحو 3% في 2021.
وأكد شامي، أن السياسة النقدية التيسيرية، في ظل تراجع أسعار الفائدة على الصعيد العالمي وتحسن الأوضاع المالية العامة بالإضافة إلى المرونة والسرعة في اتخاذ القرارات والإصلاحات الداعمة للاستثمار، تسهم في استمرار انتعاش الأداء الاقتصادي.

توقعات متفائلة
ومن جانبها ذكرت مايا سنوسي، المستشارة الاقتصادية لمعهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز والخبيرة الاقتصادية للشرق الأوسط، أن اقتصاد الإمارات يتكيف بشكل جيد مع الانخفاض المطول في أسعار النفط منذ عام 2014، ومع اقتراب معرض إكسبو 2020، يشهد الاقتصاد الإماراتي انتعاشاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي، في حين تبدو آفاق الاستثمار إيجابية بشكل متزايد.
وتوقعت أن يعزز إكسبو 2020 دبي، نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي في الإمارات إلى حوالي 2.8%. وأوضحت سنوسي، أنه من المتوقع لإكسبو 2020 دبي، والمرتقب أن يجذب 25 مليون زائر (14 مليون من الخارج)، أن يسهم بنسبة تصل إلى 1.5% في إجمالي الناتج المحلي الكلي للإمارات في 2020.
وأكدت أن السلطات المعنية في الإمارات تدخلت لدعم النشاط غير النفطي، حيث بادرت أبوظبي ودبي بتنفيذ حزم مالية، في حين أن خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يليه مصرف الإمارات المركزي في ظل ربط عملته بالدولار، يجب أن يدعم نمو ائتمان القطاع الخاص، منبهة أنه وفقاً لمعهد المحاسبين القانونيين فقد بدأ التوسع في النشاط غير النفطي في خلق فرص عمل أقوى.

10% نمو قطاع البناء بالإمارات
أكد تقرير لشركة فنتشرز أونسايت أن الإنفاق على البنية التحتية يسهم في تعزيز الاقتصادات غير النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي، مرجحاً أن تؤدي الزيادة في الإنفاق على مشروعات البنية التحتية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 2.8% العام الجاري.
ويرى التقرير أن قطاع التشييد والبناء سيكون الأبرز في النمو غير النفطي المتوقع لدول مجلس التعاون الخليجي. وأوضح أن دول المنطقة تستثمر بشكل كبير في مشاريع البنية التحتية، ولذا يتوقع أن تشهد ازدهاراً سياحياً يسجل معدلات نمو ملحوظة في قطاع التشييد والبناء لاسيما مع خطط التنويع الاقتصادي التي تعتمدها المنطقة.
وتوقع أن يرتفع إجمالي عقود مقاولي الإنشاءات في دول مجلس التعاون الخليجي في قطاعات البناء والبنية التحتية والطاقة من 134 مليار دولار في عام 2019، إلى 139.9 مليار دولار في عام 2020، حيث تتربع الإمارات على عرش أفضل الأسواق من حيث الأداء في القطاع خلال العام، بنمو متوقع بين 6-10% في قطاع البناء بالإمارات في عام 2020.