أفتى علماء الدين بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، مؤكدين أنه سنة حسنة، وأن الفتاوى التي تحرم الاحتفال بمثل هذه المناسبة العظيمة ليست صحيحة.ونبه علماء الدين إلى أهمية هذا الاحتفال والثواب الذي يحصل عليه الإنسان نظير فرحته بهذه الذكرى الشريفة، مدللين على رأيهم بما روي عن أبي لهب عم النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي يخفف عنه العذاب كل يوم اثنين لفرحته بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم. (القاهرة)- أكد الدكتور علي جمعة، مفتي مصر بطلان الفتاوى التي تحرم الاحتفال بذكرى المولد النبوي، مشيراً إلى أنها لا تستند إلى دليل شرعي والاحتفال بالمولد النبوي أو الاحتفاء بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم سُنة بدأها النبي صلى الله عليه وسلم حيث صام يوم«الاثنين» من كل أسبوع فلما سئل في ذلك قال:«ذاك يوم ولدت فيه»، وعلى ذلك سار المسلمون، كما أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات لأنه تعبير عن الفرح والحب له ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان وقد صح عنه أنه قال: “والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده”، والاحتفاء بمولده صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته لأنه سنة حسنة وأصل الأصول ودعامتها الأولى فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه فعرف الوجود بأسره باسمه ومبعثه وبمقامه وبمكانته فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين. سلفنا الصالح ويقول ان سلفنا الصالح قد درج منذ القرنين الرابع والخامس على الاحتفال بالمولد النبوي بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار في الرسول، كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزي وابن كثير والحافظ بن دوحي الأندلسي والحافظ بن حجر، والأصل الاجتماع لإظهار شعائر الاحتفال بالمولد النبوي مندوب وقربة لان ولادته أعظم النعم علينا والشريعة حثت على إظهار شكر النعم وهذا ما رجحه ابن الحاج في المدخل حيث قال: لان في هذا الشهر منَّ الله علينا بسيد الأولين والآخرين. ويرى استحباب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف موافقة للأمة والعلماء وأن يكون الاحتفال بالمولد النبوي بتلاوة القرآن والذكر وإطعام الطعام وألا تتطرق إليه مظاهر مذمومة كالرقص والطبل. وليس ذلك الاحتفال بكثير على النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة. وقال: يجب علينا استخلاص الدليل والمنهج والأسوة من مولده صلى الله عليه وسلم لحياتنا المعاصرة حيث كان ميلاده صلى الله عليه وسلم ثورة على ظلم الجاهلية وظلامها، وما أحوج الأمة خلال هذه المرحلة الدقيقة من عمرها الى أن تتأسى بذكرى مولد نبي الله صلى الله عليه وسلم، وبسيرته الكريمة وما أرساه من قيم العمل والوحدة والمثابرة والتصميم لتكون سببا رئيسا لشحذ وتقوية عزيمتنا في مواجهة تحديات الحاضر، وتدفع مسيرتنا لتحقيق آمال وطموحات الشعوب المسلمة في مستقبل أفضل. ودعا الدكتور علي جمعة الأمة الإسلامية كافة، إلى التمسك والتسلح بالوحدة والاتحاد والثقة في هذه المرحلة من تاريخ الأمة التي يتربص بها الأعداء وان نمضي على طريق هذه النهضة المنشودة من أجل استكمال أركان المجتمع الحديث والمتطور الذي يحقق مصالح وتطلعات جميع أبنائه في حاضرهم ومستقبلهم. سيرته العطرة ويؤيد الدكتور رأفت عثمان الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية ـ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ويقول: تهل علينا كل عام ذكرى ميلاد رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فنتذكر سيرته العطرة التي يجب نشرها في الناس وتعليمها لأولادنا وأسرنا وللناس جميعاً، وعندما تهل هذه الذكرى نتذكر فيها سماحة رسول الله، والاحتفال بهذه الذكرى العطرة ليس بدعة وإنما هو مطلوب لأن رسول الله احتفل بمولده ، وورد هذا في حديث صحيح فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم “لم تصوم الاثنين والخميس؟ فقال صلى الله عليه وسلم “أنا أصوم يوم الاثنين لأنه يوم ولدت فيه ويوم يعثت فيه، وأصوم يوم الخميس لأن الأعمال ترفع فيه الى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”. لذلك كان الرسول يحتفل بميلاده بالصيام، ونحن يجب أن نحتفل بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم لنتذكر سيرته العطرة ونبلغها للناس ونتذكر انه خاتم الأنبياء والمرسلين وان دعوته هي دعوة الرسل جميعا وهو سيد الخلق على الإطلاق مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: “أنا سيد ولد آدم ولا فخر” والذي أعطاه السيادة هو الله سبحانه وتعالى. ويشير الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق إلى أن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها اعتادوا الاحتفال بمولد الهدى والنور محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاهد لنشر مبادىء الإسلام وإرساء قواعده، وهذه الاحتفالات لا مانع منها شرعاً لأنها تذكر المسلمين في كافة أرجاء الدنيا بما كان عليه صاحب الذكرى من خلق قويم ونهج مستقيم وكيف كان مولده نوراً أضاء الدنيا وأخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان واليقين. المناسبة الكريمة وطالب الدكتور نصر فريد واصل باستثمار هذه المناسبة الكريمة لتوحيد الأمة ونبذ الفرقة عملا بقول الله تعالى “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا “ آل عمران آية 103، مشيرا إلى أنها أمر للمسلمين للتوحد والاصطفاف في عمل واحد، وإطفاء نار الفتنة ونبذ الخلاف ولذلك علينا أن نسعى جاهدين للقضاء على ذلك. ودعا مفكري وشباب الأمة الى أن يتأسوا برسول الله ويطبقوا ما طبق من الاجتماع والتآخي ونشر أخلاقه الكريمة وجمع المسلمين على كلمة التقوى، وأن نجاهد كل من يعتدي على الإسلام ومقدسات المسلمين بكل الطرق المشروعة سواء كانت دبلوماسية أو ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية فلا نيأس ولا نستسلم ونعتبر أن ما يحدث هو نوع من الابتلاء لقوة المؤمن وحرصه على الدفاع عن إيمانه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف”. كما طالب بالتصدي للأمية الدينية وشيوع حالة التدين المظهري التي سادت شباب الأمة وكانت أحد الأسباب التي أدت إلى استضعافنا وشعورنا بالضعف أمام أعدائنا، وأن نطبق الإسلام تطبيقا علميا في عباداتنا ومعاملاتنا وتطوير هذا الإيمان إلى الحياة العملية ليجمع بين حق العباد وحق الله تعالى فالله تعالى لم يفصل بين حقوقه تعالى وحقوق العباد بل جعل حقوق الله على الإنسان سببا تدريبيا عمليا من أجل أن ينجح في علاقته مع بني جنسه.