السيد حسن (الفجيرة)

عندما يشعر الإنسان بأن سبل الحياة أصبحت مستحيلة، يفكر في الهجرة إلى بلاد غريبة، قد يكون فيها فريسة للأفكار الأليمة، وحين تكون الهجرة بين الحدود هي الحل الأمثل للهروب من إشكاليات الحياة وضغوطها المتعددة، هنا فقط يكون الإنسان في أدنى نقاط ضعفه.. هكذا استلهم المخرج التونسي وليد الدغسني عرضه المسرحي «الحدود» عن نص «العائد من الرقة» والذي قدمه أمس الأول، في أولى عروض مهرجان الفجيرة الدولي للفنون على مسرح المونودراما بدبا الفجيرة.

فكر متطرف
يتناول العرض مساوئ الغربة وما ينتج عنها من تشرد وبؤس داخل الوطن وخارجه، وقد أتقن المخرج كتابة نصه، وإن كان بحاجة إلى إعادة نظر في الجوانب السردية التي جعلت من العرض سرداً أفقياً لقضية داعش الإرهابية، دون تقديم طرح جديد لتلك القضية، لا سيما وأنه عرض قضية شاب كان بحاجة إلى أن نتفهم معه نهايات ما يعانيه، في ظل عدم طرح الأسئلة وتركها مفتوحة للتخمينات والاستنتاجات.
العرض التونسي «الحدود» جسد بكل قوة مشكلة وقوع الشباب العرب وغيرهم تحت وطأة داعش بأفكارها التخريبية، ضمن لحظات قد يكونون فيها أكثر قرباً من هذا الفكر المتطرف، عبر نص سردي ومطول، تنقصه الدلالات القطعية.
وقد بذل الممثل منير العامري جهداً مكثفاً في أداء دوره، وإن خانه التوفيق في بعض السرديات المطولة، كما كان بحاجة إلى تجويد الفعل الحركي والأدائي للتخفيف من حدة السرد وتحكمه في العرض بشكل مطلق.
جاءت السينوغرافيا في العرض التونسي بسيطة للغاية، مجرد طاولة وكرسي على جانب من المسرح، وإضاءة خافتة في معظم مشاهد العرض، لم توظف توظيفاً جيداً، وبالرغم من كل الملاحظات والثغرات الفنية في العرض، فإنه كان عرضاً تعبوياً ومفيداً.

لا يحمل جديداً
وعقب العرض، عُقدت ندوة تطبيقية أدارتها أمل الدباس، بحضور مخرج وبطل العرض التونسي، حيث تساءل الناقد المسرحي يوسف الحمدان: هل نحن بحاجة إلى مثل هذا الطرح الذي لا يحمل جديداً والذي قُتل بحثاً، فكلنا يعرف داعش وأفكاره الضالة، ودور المسرح هو أن يأتي بجديد.
وقال المسرحي د. خليفة الهاجري: «هناك بعض الأجزاء لو تم حذفها من العرض لبقى العرض كما هو دون تأثير».
وقال د. حسين علي هارون: «النص الذي سمعته تكتمل فيه البنية الأساسية للمونودراما من ناحية السرد والبوح، لكن تنقصه النظرة العميقة».

«بوذا في العُلية»
قدمت الفنانة الليتوانية بروتي مار العرض الثاني في المهرجان بعنوان «بوذا في العُلية»، وهو نص إنساني يعرض لمشكلة إنسانية لا تخلو من ملامح سياسية، وملخصها أن عدداً من الفتيات اليابانيات ذهبن إلى أميركا للزواج من شباب، وفِي الميناء اكتشفن أن صور الشباب الذين اتفقن معهم غير الصور التي وصلت لهن، إلا أن الفتيات رضخن للأمر الواقع، وتزوجن منهم، إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية، وتمت معاملة اليابانيات بطرق غير إنسانية.