يوسف العربي (دبي)

يتساءل الكثير من حملة وثائق التأمين عن سبب التفاوت بين أسعار وثائق التأمين على المركبات من شخص إلى آخر، والتي تتفاوت بنسبة 50%، من دون أن يتوقعوا أن وظيفة المؤمن له والمسافة بين مكان سكنه ومقر عمله تؤثر بشكل مباشر على تحديد السعر النهائي للوثيقة.
وأكد خبراء ومسؤولو تأمين لـ«الاتحاد» أن آليات تسعير وثائق التأمين «الشامل» باتت تعتمد على العديد من العناصر الفنية (غير المعلنة)، تحدد السعر النهائي الذي يحصل عليه كل عميل.
وكشفوا عن أهم 5 عناصر فنية للتسعير، تختلف قيمة الوثيقة بسببها من شخص إلى آخر حتى داخل شركة التأمين نفسها، موضحين أنها تشمل السجل المروري للسائق، وخبرة القيادة، ووظيفة المؤمن له، والمسافة بين العمل والسكن، ومكان الحصول على أول رخصة قيادة.
وذكر مسؤولون أن هذه العناصر الفنية المعتمدة لتسعير وثائق التأمين موجودة في جميع شركات التأمين الوطنية والأجنبية العاملة في الدولة، إلا أنها تتباين من شركة إلى أخرى وفق حسابات الخبير الاكتواري والرؤية الاكتتابية لمجلس إدارة كل شركة.

حساب المخاطر
قال فريد لطفي، أمين عام جمعية الإمارات للتأمين: إن صناعة التأمين تقوم في الأساس على عمليات معقدة لحساب المخاطر المتوقعة، ومن ثم لا يمكن أن تقدم شركات التأمين على توفير التغطية التأمينية من دون اعتماد خط توجيهي يحميها من التعرض لخسائر مالية من خلال زيادة التعويضات المدفوعة عن الأقساط المكتتبة في أي قطاع.
وأكد لطفي على حق الشركات في الاستناد إلى أي عنصر فني يتعلق بالسائق المؤمن له والسيارة المؤمنة، بشرطين أساسيين أولهما ألا تشتمل هذه العناصر على أي مكونات تميزية تتعلق بجنسية المؤمن له على سبيل المثال، وأن تأتي الأسعار النهائية للوثيقة ضمن التعرفة التي أقرتها هيئة التأمين.
ويضيف أن العناصر الفنية التي تعتمدها الشركات والتي تتعلق بالسائق والمركبة عادة ما لا تكون معلنة بشكل مباشر للعملاء وحملة الوثائق، لاعتبارات تنافسية ولكونها نتاجاً لتحليل فني لبيانات الاكتتابات السابقة.
وأضاف أن وجود عدد كبير من العناصر الفنية للتسعير والمتعلقة ببيانات المؤمن له والمركبة أمر يحسب لشركة التأمين ولا يؤخذ عليها، حيث إن غياب آليات التسعير التي تستند إلى أسس فنية عملية ستفتقد شركة التأمين للرؤية الاكتتابية، ومن ثم ستكون أكثر عرضة للخسائر.
وأشار لطفي إلى أهم 5 عناصر فنية تعتمد عليها غالبية شركات التأمين لتسعير الوثيقة، وفي مقدمتها سجل الحوادث المرورية للسائق، بحيث يرتفع سعر الوثيقة للسائقين الذين تسببوا في حوادث مرورية سابقة خلال السنوات الخمس السابقة لإصدار الوثيقة، فيما تنخفض هذه الأسعار كلما زاد عدد السنوات التي لم يتسبب فيها السائق بأية تعويضات تكبدتها شركات التأمين.
ولفت لطفي إلى أن عامل الخبرة في قيادة السيارات من بين العناصر الفنية التي تعتمدها الشركات لتسعير الوثائق؛ حيث تقل الحوادث المرورية كلما زادت سنوات خبرة السائق في قيادة السيارات، لتصبح بذلك سنة الحصول على رخصة القيادة عاملاً حاسماً.
وتحدث عن اعتماد عناصر أخرى متعلقة بالسيارة نفسها؛ إذ يمكن أن تفضل شركات تأمين توفير التغطية التأمينية للسيارات ذات منشأ معين على سبيل المثال، فيما تعزف عن سيارات أخرى نظراً لتوافر قطع غيار النوع الأول، فضلاً عن شرط إصلاح الوكالة الذي عادة ما يرفع سعر التأمين بنسبة 25% تقريباً.
وأضاف أن الخبراء الاكتواريين يضيفون عناصر تسعير أخرى أكثر خصوصية مثل وظيفة السائق، والمسافة بين مكان سكنه ومقر عمله، حيث إن الشخص الذي يقيم في إحدى إمارات الدولة ويعمل في إمارة أخرى سيقطع بطبيعة الحال مسافة أكبر من الذي يقطن ويعمل في الإمارة نفسها، لذلك تزيد الشركات من سعر الوثيقة كلما زادت المسافة بين مقر العمل والسكن.

الخبير الاكتواري
وقال جهاد فيتروني، الرئيس التنفيذي لشركة دبي الإسلامية للتأمين وإعادة التأمين «أمان»، إن العناصر الفنية المعتمدة لتسعير وثائق التأمين موجودة في جميع شركات التأمين الوطنية والأجنبية العاملة في الدولة، إلا أنها غير معلنة بشكل مباشر، وتتباين من شركة إلى أخرى وفق حسابات الخبير الاكتواري والرؤية الاكتتابية لمجلس إدارة كل شركة.
وأوضح فيتروني، أن الخبير الاكتواري هو الشخص المسؤول بالتضامن مع مجلس الإدارة عن وضع آليات تسعير الوثائق بما فيها وثائق السيارات بنوعيها الفقد والتلف، والمسؤولية المدنية «الشامل» والمسؤولية المدنية «ضد الغير»، اعتماداً على عديد من العناصر والمعطيات؛ بما يسهم في تحسين ربحية القطاع وضمان زيادة الأقساط عن التعويضات المدفوعة.
وأضاف أن الخبير الاكتواري يتولى بدوره دراسة وتحليل جميع الاكتتابات السابقة بشركة التأمين، والتعويضات المدفوعة ليتم تحديد الأسعار الفنية المناسبة لوثائق التأمين، فضلاً عن رفع التقرير إلى مجلس إدارة شركة التأمين، مع إرسال نسخة منه إلى هيئة التأمين، لرصد مدى التزام كل شركة بتطبيق الأسعار الفنية المقررة.
وألزم مجلس إدارة هيئة التأمين منذ سنوات جميع شركات التأمين الوطنية والأجنبية، العاملة في الدولة، بتعيين «خبير اكتواري» لتسعير وثائق الممتلكات والتأمينات العامة الأخرى، بما فيها وثائق السيارات لتحسن مستوى الأسعار، والقضاء على الممارسات التنافسية الضارة.
ووفقاً لفيتروني، فإن أغلب الشركات تعتمد على عناصر فنية للتسعير تتعلق بالسيارة والسائق، لتشمل جودة السجل المروري ومدى خلوه من الحوادث، وخبرة القيادة، ونوع السيارة، ومكان الحصول على أول رخصة قيادة، وطبيعة وظيفة المؤمن له والمسافة بين مكان السكن والعمل.

تطور آليات التسعير
ويقول محمود حسون، المدير العام التنفيذي لشركة «فيرست» لوساطة التأمين، إنه مع التطور الكبير لصناعة التأمين في الإمارات، وبعد إقرار هيئة التأمين لمنظومة متكاملة من التشريعات التي تضمن تشجيع الممارسات الفنية السليمة والقضاء على العمليات الضارة انتقلت آليات التسعير في الشركات المصدرة لوثائق التأمين على السيارات لتصبح أكثر حرفية باعتمادها على طيف واسع من العناصر الفنية.
ويضيف: «من خلال تعامل شركته مع شركات التأمين العاملة في الإمارات يمكن التأكيد أن لكل شركة من الشركات المصدرة للوثائق منظومتها الخاصة التي تضم العديد من عناصر التسعير، وذلك وفق الرؤية الاكتتابية لكل منها».
وأشار حسون إلى أن العناصر الفنية للتسعير تتضمن وظيفة المؤمن له؛ حيث أثبتت خلاصات تحليل بيانات الاكتتابات السابقة أن الأطباء على سبيل المثال هم الأقل تسبباً في الحوادث، ومن ثم تتقلص معهم المخاطر المتوقعة للتغطية، على عكس وظائف أخرى تتطلب الكثير من التنقل.
وتلتزم شركات التأمين بتطبيق تعرفة الأسعار المبينة على جميع وثائق تأمين المركبات مع منح المكتتب مكافأة عند خلو سجله المروي من أي حادث خلال العام الذي سبق الاكتتاب بالوثيقة الجديدة.
وتشمل هذه التعرفة أسعار وثائق التأمين من المسؤولية المدنية الحدين الأدنى والأعلى الواجب الالتزام بحدودهما، مع منح شركات التأمين حرية التنافس بتقديم الأسعار وفقاً لخبرة الشركة مع العميل أو أي أسباب فنية أو اكتوارية، وبما لا يؤدي إلى تعريض مركزها المالي للخطر أو إلى ضياع حقوق المؤمن لهم. أما فيما يخص تعرفة أسعار وثائق التأمين من الفقد والتلف والمسؤولية المدنية حدد النظام حداً أعلى، فيما قرر أقل قسط يمكن قبول التأمين عليه.