شهد اقتصاد المملكة المتحدة أضعف نمو له في 6 سنوات خلال العام الماضي، حيث خفضت الشركات استثماراتها في مواجهة عدم اليقين المتزايد بشأن الطريقة التي ستغادر بها البلاد الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في 29 مارس، إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستحظى بريطانيا بفترة انتقالية تحافظ فيها على الوضع الراهن بينما يتم التفاوض على اتفاقية تجارية جديدة، أو ستتحول على الفور إلى نظام جديد للتعريفات الجمركية تفرضها منظمة التجارة العالمية.
وفي السيناريو الأخير، حذر بنك إنجلترا من وقوع ركود اقتصادي عقب الانفصال، وحتى إن كانت هناك فترة انتقالية، فمن المحتمل أن تستمر حالة عدم اليقين بشأن العلاقة المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، رغم استمرار محادثات التجارة، ما قد يعيق النمو إلى عام 2020.
وقال مكتب الإحصاء الوطني مؤخراً، إن الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة، وهو أوسع مقياس للسلع والخدمات، ارتفع بنسبة 1.4% في عام 2018 مقارنة بعام 2017، في أضعف زيادة منذ عام 2012.
وتباطأ الاقتصاد البريطاني بشكل أكثر حدة قرب نهاية 2018، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة سنوية بلغت 0.7% في الأشهر الثلاثة حتى ديسمبر، منخفضاً من 2.5% في الربع الثالث، وفي ديسمبر وحده، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4% عن نوفمبر.
وكان انخفاض الاستثمارات مسؤولاً بشكل كبير عن التباطؤ في عام 2018، التي تراجعت بنسبة 0.9% عن العام السابق. وكان هذا أكبر انخفاض منذ عام 2009، عندما وقع اقتصاد المملكة المتحدة في الركود العالمي الذي صاحب أزمة مالية عالمية كبيرة.
وتعثرت شركات صناعة السيارات بسبب عدم وضوح القواعد التجارية في المستقبل، لأنها تحتاج إلى استيراد أجزاء من جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن بيع بعض المنتجات النهائية للعملاء في الاتحاد.
وقال مايك هاوز، الرئيس التنفيذي لجمعية صانعي السيارات والتجار: «إن الارتياب في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد ألحق بالفعل أضراراً هائلة بالإنتاج والاستثمار والوظائف».
وتقدر مؤسسة السيد هاوز أن الاستثمار الأجنبي في صناعة السيارات البريطانية قد انخفض إلى النصف في عام 2018 ليصل إلى 588.6 مليون جنيه إسترليني (761.8 مليار دولار).
وكان صانعو السياسة في المملكة المتحدة يأملون في تعزيز النمو من خلال ارتفاع الصادرات، ما يعكس ضعف الجنيه الإسترليني أمام العملات الأخرى منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. غير أن العجز الكلي للبلد في تجارته في السلع والخدمات اتسع في عام 2018 بمبلغ 8.4 مليار جنيه إسترليني.
وكانت بعض الشركات تستعد لاحتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أكثر من أي وقت مضى منذ تصويت 2016. وقد حذت حذوها العديد من قيادات الشركات الأخرى في الأشهر الأخيرة، خاصة منذ أن أصبح واضحاً أن اتفاق الانسحاب الذي تفاوضت عليه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي سيواجه صعوبات في الحصول على دعم من مجلس العموم البريطاني.
ووجد مسح أجراه بنك إنجلترا لأكثر من 200 شركة أُجري في الفترة ما بين منتصف ديسمبر وأواخر يناير، أن نصفهم قد نفذوا خطط طوارئ. وبينما تختلف تلك الخطط، فإن بعضها يتضمن تخزين المواد الخام والمدخلات الأخرى للحماية من الانقطاعات في الواردات.
رغم ذلك، قال المكتب الإحصاء الوطني إن تخزين البضائع لا يبدو أنه منتشر كما أشارت بعض الدراسات الاستقصائية، وكان له تأثير ضئيل على النمو خلال الأشهر الأخيرة من عام 2018. في الواقع، كان الناتج الصناعي أقل بنسبة 0.7 % في ديسمبر مقارنة بنوفمبر، و 2.1% على الشهر نفسه من العام الماضي.
ويضيف التباطؤ في المملكة المتحدة إلى الرياح المعاكسة التي تواجه الاقتصاد العالمي ويتماشى مع التطورات في أماكن أخرى في أوروبا. كما تباطأت الاقتصادات الألمانية والفرنسية في عام 2018، حيث نمت كل منها بنسبة 1.5% فقط. وفي تقرير صدر مؤخراً، حذر الاتحاد الأوروبي من أن مغادرة المملكة المتحدة لمرحلة انتقالية في مارس يمكن أن تؤدي إلى إبطاء النمو في الاقتصادات التي تتركها وراءها.
بقلم: بول هانون