حاضر في كل الفعاليات، يرافقه الأطفال أينما حل وارتحل، لباسه يجذب الأنظار، ألوان وهدايا تخطف الأبصار، فمن منا لم يره أو حتى لم يسمع عنه، بالتأكيد أنكم قد عرفتموه، إنه شخصية «دبدوب» المحبوبة عند الصغار والكبار. لكل مجتمع، وعبر مختلف بقاع العالم، ميزة تفرِّده عن بقية المجتمعات، هذه الخصوصية هي التي يطلق عليها مصطلح الهوية، أمَّ المكافئ الآدمي الذي يجسد الرمزية الوطنية فيختلف باختلاف المجال والتخصص، فقد يكون قائداً محنكا في السياسة، أو كاتباً مبدعاً في الأدب والثقافة، أو بطلاً للأطفال يتقمص شخصية كرتونية تلازمه مدى الدهر، إنَّه «دبدوب» الإماراتي الذي كشف لنا عن قناعه، ليظهر جاسم عبيد الزعابي خلفه، وابتسامته العريضة تعكس مدى حبه وتعلقه بالأطفال. انطلاقة دبدوب «الإماراتي» هو جاسم عبيد الزعابي، ممثل ومقدم ومعد ومخرج ومحاضر، تعددت مهنه وأعماله، لكنه ظل متشبثاً بشخصية «دبدوب» التي يعشقها الأطفال ويتبعونها أينما سارت، وعن بداياته يخبرنا جاسم: «لقد تقمصت شخصية دبدوب لأول مرة عام 1975، حيث كان يرافقني صديقي البحريني محمد ياسين في تقديم برامج للأطفال آنذاك، وكما يعلم الجميع فشخصية دبدوب أصلها ياباني، عرفت بلون زيها البني الموحد، ولكن بعد اختلاطي مع الأطفال أكثر، حاولت أن أطورها وأضفي عليها نوعاً من التغيير الإيجابي، وذلك عن طريق مزج البني بألوان أخرى زاهية يحبها الأطفال، ويجتذبون إليها أكثر، كالأزرق والأصفر، لينشر زي دبدوب وحركاته وألعابه البهجة والسرور في نفوس الأطفال، وقد وُفِّقتُ بحمد الله في ذلك». دروس ومحاضرات توعوية عمل جاسم عبيد في تلفزيون أبوظبي منذ 1975إلى غاية 1990، قدم خلال هذه السنوات برامج أطفال كثيرة، إضافة إلى تقديمه دروساً توعوية في كل مدارس الدولة تقريباً، ليعتمدَ فيما بعد كمحاضر رسمي في كل المناسبات والاحتفالات المقامة في إمارات الدولة كافة. يقول جاسم: «صراحة، أود أن أشكر منطقة أبوظبي التعليمية التي اعتمدتني محاضراً في مدارس أبوظبي والمنطقة التعليمية في العين، وأصبحت أحاضر في المناسبات وغير المناسبات، وتشمل الدروس والمحاضرات التوعوية جميع الفئات العمرية، حيث أخصص الأعمال الصغيرة من الروضة إلى غاية الثالث إعدادي، كتلك المتعلقة بالنظافة، والمحافظة على الأسنان، الوقاية من الأمراض، كيفية عبور الشارع، أما صفوف الثانوية، فنعمل على إرشادهم في الحملات التوعوية، كأسبوع المخدرات، خطر التدخين، وحوادث المرور، وغيرها من الأمور التي يتعرض لها الطفل ويواجهها في مختلف مراحله العمرية». شهادات وأوسمة تجاوز عددها 5 آلاف، حاز جاسم عبيد الزعابي خلال مسيرته المهنية التي تجاوزت 35 عاماً، عدة أوسمة وجوائز، وشهادات تقدير تعدى عددها الـ 5 آلاف وهو يقول عنها :»إنَّ منحي هذه الشهادات والأوسمة هو من بين أكثر الأشياء التي تدفعني إلى العطاء والاستمرار أكثر، ولعل حب الناس لي، سواء أكانوا صغاراً أم كباراً، أكبر حافز لي وأحلى هدية». وعن مشاركاته في مختلف المناسبات الوطنية، وحتى غير الرسمية، فهي لا تعد ولا تحصى، حيث شارك «دبدوب» في معظم المهرجانات المقامة عبر مختلف مناطق الإمارات العربية المتحدة، كالمهرجان المائي الذي أقيم بالمرفأ، ومهرجان الظفرة الذي يقام سنوياً بالمنطقة الغربية، ومجمل الاحتفالات الخاصة بالأعياد الدينية والوطنية. دبدوب المخرج! عن عمله كمعد ومخرج للبرامج التلفزيونية، يقول جاسم عبيد: «عندي ما يعادل 500 عمل تلفزيوني على الهواء، حيث كنت أستلذ بالإخراج المباشر وأفضله عن البرامج المسجلة، موجهاً شكري لقناة أبوظبي التي منحتني فرصة تقديم برامج خاصة بالأطفال، أعتبرها من أجمل التجارب التي مرت بحياتي كلها». وعن أهداف تلك البرامج، ينوه جاسم قائلاً: «أحاول دائماً في برامجي أن أوجه رسالة توعوية وإرشادية للأطفال، كما أحرص على أن أوجههم وأدفعهم لغرس مبادئ الفضيلة، كحب الوطن وخدمته، الأمانة، الصدق، والمحافظة على التراث والهوية الوطنية». الطفل تخصصي عن تعامله مع الطفل، خاصة أننا نعرف بأنَّه مزاجي، ومن الصعب جداً إرضاؤه، يخبرنا «دبدوب»: «أعتبر نفسي محظوظاً لأنني قضيت فترة طويلة مع الطفل، وقد سألني السؤال نفسه أحد الدكاترة، وكان قد أحضر طفلاً إلى استوديو قناة أبوظبي، حتى يعرض للمشاهدين أنواع أمراض المفاصل التي قد يتعرض لها الصغار، فأخبرني أنَّه بالرغم من كونه طفلاً واحداً، إلا أنَّه لم يستطع التعامل معه، فأجبته وأنا أضحك: أنا أحضر لبرامجي ما لا يقل عن 40 طفلاً، أمَّا عن حسن تعاملي معهم فيرجع إلى عاملين أساسيين، أولاً بالممارسة، وثانياً بحكم أنني أب متعود على وجود الأطفال إلى جانبي، كما أنَّ دراستي كانت تخصص أطفال، في سوريا عن طريق الجامعة العربية، وقد حضرت دورتين في الدوحة، عن الإعداد والتقديم تخصص أطفال كذلك». عمله بالشرطة المجتمعية يعمل جاسم عبيد جاسم الزعابي، ضمن فريق عمل متكامل من خلال الشرطة المجتمعية التابعة للقيادة العامة لشرطة أبوظبي، وعن تداخل عمل الشرطي و»دبدوب» يقول جاسم: «إن عملي بالشرطة المجتمعية ساعدني كثيراً في تنشيط دبدوب أكثر، حيث تتماشي المهمتان مع بعضهما بعضاً، من خلال الزيارات التوعوية التي تقوم بها الشرطة المجتمعية مع أفراد المجتمع، ولعل آخر مشاركة لي، كانت من خلال مهرجان الظفرة الذي أقيم منذ أسابيع قليلة في مدينة زايد بالمنطقة الغربية، حيث كنت أقدم الرسالة اليومية عن السوق الشعبي برفقة زميلي الفنان علي التميمي، وقد أعدت إدارة الشرطة المجتمعية ميزانية جيدة، تمثلت جوائز المسابقات التراثية والثقافية في سبائك الذهب، إضافة إلى تقمصي لشخصية دبدوب في الركن الخاص بمؤسسة التنمية الأسرية. نصائح للآباء والأساتذة في ختام لقائنا مع شخصية «دبدوب» المحبوبة، أصر جاسم عبيد أن يوجه بعض النصائح إلى الآباء والأساتذة وكل من له علاقة مباشرة مع الطفل، قائلاً: «من خلال خبرتي الطويلة مع الأطفال، استطعت أن أخلص إلى اعتماد سياسة خاصة بالطفل، أو بالأحرى مفتاح التعامل معه: لا تصرخ في وجهه، أعطه دائماً الكلام الطيب، حببه بالهدايا، لا تكذب عليه أبداً، لابد لك أن تتحلى بالصدقية، إذا وعدته بهدية فعليك أن تفي بالوعد، وإلا فستفقد ثقة طفلك بك وستحبط من عزيمته مما سيأتي بالسلب على تحصيله الدراسي، كن متساهلاً مرناً ومتشدداً بحدود معينة، حفزه عن طريق استخدام العبارات المشجعة، كأن تقول له «أنت ولد ذكي، أنت شاطر، ابني تلميذ نجيب..، وهكذا سيحبك أكثر وسيصبح ابنك صديقاً لك».