قامت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بتجهيز مخزن فني مُتعدد الأغراض وفق أرقى وأحدث المعايير الدولية المُعتمدة وخاصة من قبل منظمة اليونسكو، يُغطي مساحة 770 مترا ً مربعا ً. ويستوعب هذا المخزن الذي يشغل الطابق الأرضي المُخصّص لتخزين الوثائق في مبنى الأرشيف الوطني بأبوظبي، مجموعة واسعة من المقتنيات مثل اللوحات الفنية والرسومات على الورق والقماش والمخطوطات والأعمال الفوتوغرافية والمنحوتات والنماذج التراثية. وقد تمّ تجهيزه بمحطة لرقمنة المخطوطات والأعمال الأرشيفية والفوتوغرافية. كما سيوفر هذا الفضاء ظروف تخزين آمنة لمختلف المحفوظات على اختلاف أحجامها وأشكالها ووسائطها، وهذا لا يخص المجموعات الفنية والأرشيفية التي توجد في عهدة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث حاليا ً فقط، بل إنه سوف يسري على المقتنيات المُستضافة في المستقبل. وفي بيان صحفي صادر عن الهيئة أكد محمد خلف المزروعي مستشار الثقافة والتراث في ديوان سمو ولي عهد أبوظبي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، أنّ الغاية من هذه المُبادرات التي تواصل الهيئة إطلاقها هو تعزيز جهود صون المقتنيات الفنية والتراثية والثقافية، وذلك عبر تحديد حجم تلك الموارد وتقييم دلالاتها وأهميتها للتراث الوطني والإنساني عموما، ووضع الاستراتيجيات اللازمة لتأمين وقايتها وحفظها وضمان إدارتها السليمة، لتبقى مخزوناً مُصانا ً للأجيال القادمة. من جهته أوضح الدكتور سامي المصري نائب مدير عام الهيئة للفنون والثقافة والتراث مدير إدارة التخطيط الاستراتيجي، أنّه تم تزويد هذه المنشأة بأجهزة متطورة للتحكم في درجة الحرارة الداخلية تضمن الحد الأدنى من التقلبات الحرارية والرطوبة، بالإضافة إلى نظام فعال لعزل الغبار، مشيرا إلى أن ذلك أمر بالغ الأهمية في منطقة مثل منطقة الخليج العربي حيث يمكن أن تصل درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية فيما قد يبلغ معدل الرطوبة إلى ما فوق 75%. وسيتم كذلك توفير حلول تخزين تضمن مستويات ثابتة من البرودة المعتدلة والبرودة العالية، وإتاحة إمكانية التحكم بمعدلات الرطوبة من أجل تحسين ظروف حفظ الأعمال الفوتوغرافية والأشرطة السمعية البصرية المُمغنطة التي تقتنيها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. كما سيتم استخدام تقنيات خاصة للتعبئة لخلق بيئة داخلية مثالية تسمح بوجود كمية محدودة من الهواء خلال عمليتي التخزين والإحماء. وهذا الإجراء بمثابة حماية إضافية للمقتنيات والمحفوظات في حال وقوع عطب في نظام الحماية العام. وفي نفس الوقت، فإن ظروف التخزين التي يوفرها استقرار درجات البرودة المعتدلة والبرودة العالية ستساعد على إبطاء عملية تدهور وتحلل المواد وبالتالي إتاحة الوقت الكافي لوضع خطط الرقمنة وتنفيذها. والتزاماً ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فقد تم تركيب أحدث أنظمة إخماد الحريق باستخدام غاز (FM-200) وهو غاز صديق للبيئة وبديل مستدام لنظام الهالون الذي ثبت أنه يحدث أضراراً بطبقة الأوزون. كما تم اقتناء رفوف تخزين مدمجة مغطاة بمسحوق مادة ”إبوكسي البولييتسر“ لضمان بيئة آمنة للمحفوظات وزيادة طاقة المخزن الاستيعابية في نفس الوقت، مع تجنب المشاكل المرتبطة بالتسرّبات الغازية. وسيتيح وجود محطة الرقمنة بالقرب من مكان حفظ المجموعات الأرشيفية الإبقاء على الأعمال الفنية تحت نفس ظروف التخزين خلال عملية التحويل الرقمي لها، وكذا تسهيل الوصول للمحفوظات والحد من مستويات الغبار في بيئة العمل. وسيعقب مشروع التخزين هذا مشروع إعداد قوائم جرد، بالإضافة إلى إنشاء نظام جديد لإدارة محفوظات الهيئة من أجل ضبطها وتعزيزها. يُذكر أنّ هيئة أبوظبي للثقافة والتراث قد أنشأت كذلك مُختبرا لصون الأوراق والكتب التاريخية، ويعمل في المختبر عدد من الخبراء والمتخصصين الذين يقومون بتنفيذ عمليات المحافظة والترميم للأوراق والكتب التاريخية، لا سيما المخطوطات الإسلامية وغيرها من المجموعات الورقية القيّمة، فضلا عن تطوير أساليب تخزين وعرض المخطوطات والصور الفوتوغرافية والمواد الأرشيفية الموجودة بالهيئة. وأوضحت أخصائية ترميم المخطوطات في الهيئة أنّ المعالجة الجيدة للكتاب هي تلك التي تضمن المحافظة على الكم الكبير من المعلومات الكامن في مواد الكتابة ووسائل التغليف، بدلاً من مُجرّد استبدال الغلاف بغلاف آخر، وبالتالي، يكون الهدف من مختبر المحافظة على الأوراق والكتب التاريخية ليس مجرد تنفيذ عمليات الترميم والتجديد للكتب والأوراق الهشة ذات القيمة التاريخية الكبيرة فحسب، بل إن هذا المختبر يمثل فرصة كبيرة لإجراء الأبحاث العلمية والتكنولوجية على مواد الكتابة والطباعة، ووسائل التغليف المستخدمة في الكتب الإسلامية، وذلك باستخدام عدد من التقنيات مثل الإضاءة الساقطة، الإضاءة المُحاذية والإضاءة النافذة، والأشعة فوق البنفسجية بالإضافة إلى ميكروسكوب مجسم يمكن تعديله للقيام بوظائف الكاميرا الرقمية.