أبوظبي (الاتحاد)

نظَّم مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات، مساء أمس الأول في مقره بالبطين، محاضرة بعنوان «أدب الاختلاف وصور التسامح عند علماء الإمارات قبل الاتحاد»، قدَّمها ثاني بن عبد الله المهيري الباحث في مؤسسة طابا للبحوث والاستشارات في أبوظبي، مؤكداً أن التسامح أصل في الدين الإسلامي.
وتناول المهيري في بداية حديثه، البرنامج الوطني للتسامح، الذي اعتمده مجلس الوزراء في العام 2016 من أجل ترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية وقبول الآخر، ونبذ التمييز والكراهية والتعصب فكراً وتعليماً وسلوكاً، حيث عدد المهيري المرتكزات الرئيسية للبرنامج وهي: الإسلام، والدستور الإماراتي، وإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، والأخلاق الإماراتية، والمواثيق الدولية، والآثار والتاريخ، والفطرة الإنسانية، والقيم المشتركة.
وتطرق المهيري إلى تعريفات التسامح في بيان الأمم المتحدة، وهي أن «التسامح هو الاحترام وتقبل وتقدير التنوع الغني لثقافات العالم وطرق التعبير المختلفة»، وأنه «التناغم في الاختلاف، وليس واجباً أخلاقياً بل هو التزام سياسي وقانوني»، بالإضافة إلى كونه «قيمة تجعل السلام ممكناً، وتساهم في تبديل ثقافة الحرب بثقافة السلام».
كما تناول المهيري التسامح في المذاهب الأربعة، بالتركيز على المذهب المالكي، موضحاً القواعد الشرعية التي يستند إليها، مبيناً اختلاف الأقوال داخل المذهب الواحد ومراعاة الخلاف، مورداً قول العلامة بن بيه: «علينا أن نحب الاختلاف ونفهمه كما نفهم الاختلاف والتناغم في الطبيعة». وخلص المهيري إلى أن الاختلاف يؤدي إلى اتساع الصدر، وفقاً لقول العلماء.
وتناول المهيري في محاضرته التسامح بين المذاهب الأربعة، وبين الفرق الإسلامية، مورداً شواهد عدة ووثائق تظهر مقدار التسامح الذي وسم العلاقات بين مختلف الفرق والمذاهب في الإمارات سواء من العلماء أو من المجتمع.
كما مثّل بعدد من الوقائع والوثائق وكتابات الرحالة للتسامح مع غير المسلمين في العقود والجنايات، وتطرق للعلاقات مع مجتمع الهنود في دبي ودلما، ومع المسيحيين من الرحالة الذين وفدوا إلى الإمارات في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
وتحدث المهيري عن دور علماء الدين اليوم، وأبرز أدوار الإمارات في تعزيز التسامح عبر إسهاماتها في منتدى تعزيز السلم، وإعلان مراكش، وقافلة السلام، وإحياء حلف الفضول، مؤكداً أن ما أراد الوصول إليه من محاضرته هو تبيان أن التسامح أصل في الدين الإسلامي.
وتحدثت فاطمة المنصوري مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث، مبينة أن المحاضرة هي الأولى من نوعها ضمن نشاط المركز في عام التسامح، الذي وصفته بأنه من أعظم المبادرات الإنسانية على مستوى العالم، لاسيما في الوضع الحالي الذي يعاني فيه العالم من التطرف والإرهاب.