الدراجات الرملية تحول الرحلات من أوقات ممتعة إلى أحزان
تفضل الكثير من الأسر الإماراتية والمقيمة في الإمارات قضاء أوقاتهم خلال عطلات نهاية الأسبوع في أجواء الطبيعة البرية بعيدا عن صخب المدينة، والقيام برحلات في البرية لغرض النزهة وذلك لإيجاد متنفس وللترويح عن النفس، وذلك بعد اعتدال الجو وجمال الطبيعة، إلا أن الدراجات النارية “الرملية” حولت الكثير من تلك الرحلات من الترويح عن النفس إلى كآبة وأحزان بسبب الحوادث التي وقعت في تلك الرحلات.
الشباب يجدون من تلك الأجواء الفرصة المناسبة لممارسة مهاراتهم في القيادة والاستعراض، سواء كانت بالسيارات ذات الدفع الرباعي أو الدراجات الرملية أو الدراجات الشبيه بالسيارات، ويكون كل ذلك بالذات مع انطلاق فصل الشتاء، حيث تنتشر في المناطق الرملية حركة غير اعتيادية من راكبي الدراجات الرملية باختلاف أنواعها ومسمياتها لمزاولة تلك الهواية، وقد لا تخلو هذه الاستعراضات من المخاطر الجسيمة، إن لم يكن قائدها على دراية تامة بكيفية قيادة هذه المركبات، والإجراءات الواجب إتباعها قبل الشروع في استخدامها.
استعراضات طائشة
لكن عندما تتحول القيادة من الهواية والمتعة إلى حركات واستعراضات طائشة في الكثبان الرملية وتعريض حياة قائديها، وهم على الأغلب من صغار السن وشباب في مقتبل العمر، إلى الخطر، وتعريض حياة الآخرين إلى الخطر أيضاً، هنا يجب على الجميع الوقوف وقفة رجل واحد للحد من الأرواح والدماء التي تُهدر بالرمال.
فالدراجات الترفيهية (دراجات الدفع الرباعي الصحراوية ) أودت بحياة الكثير من الشباب، وإصابة الكثيرين منهم بعاهات أفقدتهم القدرة على الحركة، كما يجب التشديد على زيادة توعية الأهل بمخاطر هذه الدراجات، التي قد يؤدي حادث بسيط فيها إلى كسور بالغة، نظراً لوزن وحجم الدراجة.
وطبقاً لإحصاءات مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي بلغ عدد حوادث الدراجات النارية في الفترة ما بين 1 يناير إلى 30 سبتمبر 2012 65 حادثاً، حالتي وفاة و 10 إصابات بالغة، تشمل كسراً في الحوض والجمجمة والعمود الفقري.
وتنوعت أسباب حوادث الدراجات بسبب الإهمال وعدم الانتباه، والسرعة ودخول الطريق الرئيسي من دون التأكد من خلوه، التي أدت إلى تدهور ودهس وصدم وسقوط.
وبذلك تحرص المديرية على توعية الأفراد بضرورة الوعي التام بأساليب قيادة الدراجات والتأكد من صلاحيتها قبل الانطلاق بها، بالإضافة إلى عدم القيام بالحركات البهلوانية والاستعراضية، وتجنب قيادة المركبة لمسافات طويلة حتى لا ينفجر مبرد محرك المركبة “الراديتر” من شدة الحرارة، كما يجب تحديد المنطقة الرملية التي يتم فيها اللعب، لضمان عدم فقدان طريق العودة، وعدم القيادة في الليل وفي الأماكن المقطوعة لضمان عودة السائق سالماً.
ومن الأخطار التي قد تنجم عن سوء قيادة الدراجات النارية في المناطق البرية، فإن إصابات الدراجات النارية تزيد شدتها بمقدار (35) مرة عن الإصابات الناتجة عن حوادث السير.
وأن الذين لا يستعملون “الخوذة” الواقية معرضون لكسور في الرأس بنسبة (4) مرات عن من يرتدي هذه الخوذة، كما يؤدي سوء القيادة إلى التعرض للإعاقة في مرحلة مبكرة، وتسببها خسائر نفسية وبشرية واجتماعية.
ويقول سعيد الشرياني من مدينة العين الذي اعتاد الذهاب الى البر بشكل دوري نهاية كل اسبوع مع اصدقائه، ما ساعده على ملاحظة الكثير من الأمور هناك، ويذكر الشرياني أن هنالك الكثير من السياح الأجانب، بالإضافة إلى بعض المواطنين، لا تكون لديهم خلفية عن السيارة التي يجب أن يدخل بها البر، ويدخلون بسيارات غير مؤهلة لذلك مما يؤدي إلى تعثرها، وطالب الشرياني بضرورة توفير معلومات شاملة للأشخاص الذين لا يملكون المعلومات عن الرحلات البرية والمخاطر التي قد يتعرضون لها، وأن يتم تجهيز سياراتهم وعدتهم للرحلة، وأكد ضرورة التأكد من الهاتف المتحرك الذي دائما ما يكون الوسيلة الوحيدة للاستنجاد، إذا ما وجد أشخاص بالمنطقة.
وعن الحوادث التي تحدث بالبر، يذكر الشرياني حادثة حدثت أمام عينيه لشابين كانا مسرعين في البر ويقومان بالاستعراض، مما أدى إلى انقلاب السيارة بهم وفقد أحدهم وعيه، فقام بدوره بالاتصال على الشرطة والإسعاف لإنقاذهم، هذا الأمر جعل الشرياني يتساءل حول إذا لم يكن هناك أشخاص بالمنطقة وأصاب شخص ما حادث في البر، كيف يمكن إنقاذه؟
وعبر الشرياني عن اطمئنانه في الآونة الأخيرة لهذا الموسم لوجود دوريات الشرطة بشكل يومي في المناطق البرية، وذلك بسبب كثرة الحوادث واستهتار الشباب الذين يصلون إلى العائلات التي تفضل الجلوس بعيداً عنهم.
وأشاد الشرياني باهتمام البلدية بمستوى النظافة، وقيامها بدورها على أكمل وجه، وبشكل ممتاز، وأضاف أن في السنوات الأخيرة أصبح لدى مرتادي البر وعي بأهمية الحفاظ على البيئة.
أما شهاب محمد شاب في مقتبل العمر فقد سرقت حادثة الدراجة “ذات الدفع الرباعي الصحراوية” في البر فرحة الاحتفال بإحدى المناسبات من بيتهم، وذلك بعد أن نتج من عنفوان السرعة والاستعراض لديه، تعرضه لحادث في منطقة الورقاء في دبي، ونتج عنه دخوله في غيبوبة لمدة أسبوع كامل، استفاق بعدها ليكتشف أنه فقد عينه اليمنى، وإصابته بكسر أسفل الجمجمة الأمامية، وكسر في الفك العلوي والسفلي واستمرار نزيف الأنف لديه لمدة شهر كامل، مما اضطره لمواصلة علاجه في الخارج بعد أربعة أشهر من الحادثة.
ويقول شهاب :”هذه الحادثة أثرت فيّ كثيرا بعد أن كنت بين الحياة والموت، كما أنها أثرت بأصدقائي، الذين اضطرتهم الحادثة جميعاً إلى التخلي عن دراجاتهم واتعاظهم من الحادث”.
ويطالب شهاب الشباب أن ينتبهوا لأنفسهم من خطورة الاستعراض بالدراجات في المناطق البرية التي تعتبر خطرة من ناحية الارتطامات والاصطدام، وأضاف شهاب “نتمنى من الجهات تخصيص مناطق محددة للشباب وتكون تحت مراقبتهم، وتنظيم العملية بدلا من تركها مفتوحة”
ويقول سعود القبيسي- ولي أمر، اعتاد الذهاب إلى البر مع أبنائه الثلاثة، وبعد إصرارهم على امتلاك كل منهم دراجة، قام بشرائها لهم، ولكنه لا يسمح لهم بقيادة الدراجة إلا تحت مراقبته وإشرافه، من دون الذهاب بها بعيداً،
كما يحرص القبيسي على وجود عامل معه يساعده في رقابة أبنائه عند قيادتهم للدراجات.
وعبر القبيسي عن استيائه من بعض أولياء الأمور الذين يقومون بتأجير الدراجات لأبنائهم، مع عدم مراعاة حجم الدراجة، والتي لا تناسب أعمارهم، وتكون أقوى منهم، ولا يقدرون على التحكم بها. بالإضافة إلى عدم الإشراف عليهم من قبل ولي الأمر، والذي يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها، فيمكن أن يذهب الابن الى مسافات بعيدة أو تنقلب الدراجة به أو ينفد البنزين.
وأشاد القبيسي بدور الشرطة في منطقة بداير، والتي يوجد بها نقطة شرطة واسعاف وساعد، على مساعدة الناس سواء عن طريق السيارات التابعة لها أو الدراجات.
وينصح القبيسي جميع أولياء الأمور بالانتباه لأبسط الأمور عند قيادة الابن للدراجة، ويعتبر الموضوع بالنسبة للقبيسي إيجابياً وسلبياً، حيث تنبع الإيجابية من الناحية الترفيهية وممارسة الأبناء لهواية قيادة الدراجات. وتكون سلبية بأن يتم ترك الابن لوحده من دون مراقبة، الأمر الذي يؤدي إلى قيادته الدراجة بتهور أو أن يتوه في الرحلة البرية.
بطل الرماية
ويذكر سيف العرياني، بطل العالم للرماية، الحادثة التي أدت به ليكون مقعدا، فأثناء عودته من رحلة قنص شتوية في مدينة العين، تأثر إطار السيارة، وذلك لخروجهم بسرعة زائدة نوعا ما من البر إلى الشارع العام، وانقلبت بهم السيارة، وأسفر عن ذلك تهتك في النخاع الشوكي للعمود الفقري، حال من دون قدرته على المشي، الأمر الذي أدى إلى إصابته بالظهر، وتأثر عموده الفقري، وأصيب بشلل نسبة 80 ?.
ويناشد العرياني الشباب مرتادي البر بعدم السرعة لأن السرعة هي السبب في خلق المشكلات، وتؤدي الى عدم السيطرة على السيارة، وأنه يجب عليهم أخذ احتياطات الأمان عند خروجهم من المنطقة البرية، وتأكدهم من جاهزية السيارة وإطاراتها التي تتأثر غالبا بوجود ببقايا التخييم والأسلاك شائكة في البر.
ويتمنى العرياني من جميع الشباب الالتزام بالسرعة وعدم القيادة بتهور، معرضين بذلك حياتهم وحياة الآخرين للخطر الذي لا تحمد عواقبه.
أما محمد راشد يقول إنه شاب يفضل ذهاب الرحلات البرية مع الأهل أو الأصدقاء، فالرحلات البرية مع الأهل تكون مقيدة أكثر من الاصدقاء، ويفضل الذهاب للبر مع أصدقائه لما في الموضوع من مغامرة، وحب للاستعراض بالدراجات والسيارات، والدخول لمسافات بعيدة في البر.
ويعبر محمد راشد عن خوفه في بعض الأحيان من السرعة الزائدة في البر، بعد رؤيته لحادث انقلاب سيارة لشخص كان وحده في البر بسبب السرعة، كما عبر عن تخوفه من الذهاب الأشخاص لمفردهم إلى البر، في حالة حدوث أي حادثة له قد لا يعلم بها أحد.
أما بالنسبة للرحلات البرية مع الاسرة، يقول محمد راشد أنه دائما يحاول البحث عن مناطق بعيدة عن الشباب، كما انها بعيده عن استعراضات الشباب بالدراجات والسيارات.
ويطالب محمد راشد، الجهات المختصة بمراقبة محلات تأجير الدراجات، بتطبيق شروط السلامة وتأجير الدراجات مع الخوذة والملابس الخاصة بها، كما يطالب أولياء الأمور بمراقبة أبنائهم أثناء القيادة، والتي تكون متهورة غالباً.
أما سيف الشحي فأنه يرفض رفضا باتا فكرة الرحلات البرية من أجل الاستعراض بالدراجات والسيارات، واصفا الشباب الذين يذهبون للاستعراض، بأنهم “يلقون أنفسهم إلى التهلكة”، حيث إن معظمهم لا يملكون الوعي الكافي حول أمور السلامة، وأنهم يهملون اعتبارات الأمان والسلامة، ويقول إن من أبرز الأخطاء التي يقع فيها سائقو الدراجات النارية، عدم ارتداء الخوذة الواقية للرأس، والسترات الواقية للجسد.
وفي معظم الأحيان تكون طريقة قيادتهم للدراجة باستهتار وعدم التزام بأي من قواعد السلامة، معرضين بذلك حياتهم وحياة الآخرين للخطر.
مناشدة الأهالي
وناشد الأهالي بضرورة ضبط حركة الشباب في المناطق الصحراوية خلال رحلاتهم وممارستهم الدراجات الرملية، ووضع الضوابط التي تحد من الحوادث، من خلال التركيز على توفير عدد أكبر من الأماكن المخصصة لذلك بطريقة تستطيع فيها الجهات المعنية، السيطرة عليها، ومنع نشوب حوادث لهم، والتمييز بين المناطق التي يقصدونها بغرض التخييم والمناطق الأخرى التي تمارس فيها هذه الهوايات، كما طالب بضرورة إيجاد آليات لترخيص تلك الدراجات الرملية، بحيث إذا وقعت حوادث تستطيع إدارة المرور والدوريات الوصول إلى المستهترين والتمكن من معرفة الذي تسبب في ذلك الحادث.
شروط وواجبات تجاه قائدي المركبات الرملية
أبوظبي (الاتحاد)- أكد المقدم جمال سالم العامري، رئيس قسم العلاقات العامة في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي، حرص المديرية على مضاعفة جهودها لتعزيز السلامة لقائدي المركبات، وخصوصا الدراجات النارية في البر، والتمتع بفرحة العيد بعيدا عن الحوادث المرورية.
ذكر العامري أن دوريات المرور الشرطية تواصل جهودها على الطرق الداخلية والخارجية، وأنه يتم تنظيم عملية حركة السير والمرور في الطرقات الرئيسية من ناحية الإشارات وقواعد السير والمرور، فهنالك المجال التوجيهي، والذي يتم فيه النصح والإرشاد لمرتادي المناطق البرية وخصوصا سائقي الدراجات النارية، والذين يكثر نشاطهم في هذه المناطق في بداية فصل الشتاء واعتدال الجو، ففي هذا الجو تخرج الكثير من العائلات ومرتادي الدراجات النارية إلى هذه المناطق، ومن هنا لابد من الاشتراطات اللازمة لأخذ احتياطات الأمان بالنسبة للسلامة في حال وجود مثل هذه الأنشطة خارج “نهر الطريق”، والتي يجب التركيز عليها لأنها تعتبر خارج نطاق الشارع الرئيس.
وأكد العامري ضرورة التزام مرتادي البر من الذين يقودون المركبات والدراجات النارية “البانشي والرابتر” الاهتمام بلبس خوذة الرأس ولبس البدلة المخصصة لقيادة الدراجات، التي تختص بدرجات الأمان خصوصا “للأكواع والركب”، وأكد العامري عن توافر هذه المستلزمات في المحال التي تهتم بمثل هذه الوسائل، وبالتالي لا وجود لأي عذر من سائقي هذا النوع من المركبات.
وأكد العامري ضرورة التزام قائدي المركبات بالالتزام بالأماكن المسموح بقيادة الدراجات الرملية فيها، وعدم القيادة بالأماكن غير المسموح بها، والتي تكون قريبة من الأحياء السكنية والصناعية والشوارع الداخلية والرئيسية، والأماكن المعلن عنها بلوحات مرورية، المحميات الطبيعية.
وأضاف العامري ضرورة أخذ احتياطات الأمان من خلال السير في الكثبان الرملية ووضوح مجال الرؤية، من دون أن تؤدي ممارسة هذه الهواية إلى مصاعب يمكن أن تنجم عنها إصابات وحوادث، والتي بالفعل حصلت من قبل وأدت إلى الوفاة.
كما أكد العامري ضرورة وجود وعي من جانب مستخدم هذه المركبات من خلال الاستعراض بها، وركوب العراقيب والتسابق في البر.
وتقوم المديرية بدورها بتوزيع كتيبات على مرتادي البر، يتم توضيح أهم نقاط الأمن والسلامة، بالإضافة إلى أهم قواعد المرور والسير الواجب الالتزام بها من قبلهم.
ووجه العامري رسالته إلى مرتادي البر وخصوصا سائقي “البانشي والرابتر” بضرورة أخذ احتياطات الأمن والسلامة عند ممارسة هذه الهواية، وتجنب ممارستها في ساعات الليل المتأخرة، والتي تسبب الازعاج للأشخاص الموجودين بالقرب من هذه المناطق، ولانعدام مجال الرؤية في هذه المناطق التي يكون فيها الظلام حالك، وفي الوقت نفسه يلفها الضباب، واحتمالية مواجهة السائق لجرف رملي كبير إذا ما تعمق بالدخول إلى الصحراء. وأشار العامري إلى مقترح وضع لوحات تشير إلى عمق المنطقة التي من الممكن تجنب وقوع الحوادث فيها، وجميع ذلك لتوفير السلامة حتى تعم الفرحة الجميع، بعيدا عن مآسي الحوادث المرورية.
المصدر: أبوظبي