زيارة زايد إلى قدفع حدث تاريخي محفور في القلوب
تشهد منطقة قدفع تطوراً عمرانياً واجتماعياً كبيراً منذ قدوم الاتحاد في وقت كان شأنها شأن جميع المناطق في إمارة الفجيرة تعيش على خيرات البحر والمزارع وصيد اللؤلؤ بين الفينة والأخرى في ظل ظروف معيشية ومناخية بالغة القسوة. وتقع قدفع على شارع الفجيرة- خورفكان بجوار منطقة مربح وتبعد عن مدينة الفجيرة قرابة 12 كيلو متراً وعدد سكانها يتجاوز 3 آلاف نسمة تقريباً ويقول المواطن حمدان عبدالله بن راشد اليماحي ( 94 عاماً ) نعم تغيرت الحياة في قدفع تغيرا كبيرا بما يشبه الانقلاب في نمط الحياة من القديمة إلى الحديثة وبما يمكن وصفه بالحياة العصرية.
قال حمدان عبد الله بن راشد اليماحي: كان فضل دولة الاتحاد على المنطقة يتحدث عن نفسه في مناطق عديدة مثل التعليم والصحة والكهرباء والماء مما خلق نوعاً من الاستقرار الأسري من خلال الوظائف التي توفرت والأعمال التي أتيحت للكثير من أبناء قدفع والفجيرة هكذا بدأ اليماحي حديثه مع الاتحاد:
بيوت من الحصى
وأضاف: كنا في فترة ما قبل الاتحاد نعيش في بيوت من الحصى والطين وكانت تلك البيوت متقدمة بعض الشيء عن المناطق الأخرى التي كانت تستخدم النخيل في إقامة العرائش للسكن، وكانت صناعة البيوت من الحصى والطين أمرا غير متاح لكثير من المناطق حينذاك وكان بمثابة التقدم في فن العمارة في ذلك الوقت الذي كان الجميع يعانون من نقص الإمكانيات .
وكان أهالي قدفع يصنعون بيوتهم من حصى الجبل ويضعون الجص فوقه بحسب مقدرة الفرد واستطاعته الشخصية.
وأشار إلى أن أهالي دبي كانوا يستخدمون حصى البحر حيث كان معظمهم أهل بحر وتجارة وان كان حصى الجبل أكثر قوة ومتانة واستمرارا حيث يعد مقاوما للبيئة الرطبة ذات الحرارة الملتهبة، بعكس اليوم الذي ازدهرت فيه الحياة ازدهارا كبيرا مع قدوم الاتحاد وميلاد الدولة حيث ظهرت وانتشرت في كافة ربوع قدفع القصور والبيوت والفلل الفخمة التي لا توحي بأي حال من الأحوال بحياة الرعيل الأول الذي عانى وقاسى الكثير من أجل مواصلة الحياة الكريمة. ولفت حمدان اليماحي إلى أن المشكلة التي استجدت الآن للأسف الشديد وربما لم تكن موجودة بشكل قوي مثلما هي الآن مشكلة انشغال المجتمع الصغير والكبير فقد انشغل مجتمع الأسرة الصغيرة عن بعضه البعض ولم يعد هناك التقارب الحميم الذي كانت عليه الأسرة قبل عشرات السنين ، كما اختفى بين أهالي المنطقة الواحدة وربما بين أفراد المجتمع ككل. أصبحنا نركض خلف المال فقط ولا اعتبار لأي شيء آخر.
كنا قبل الاتحاد نساعد بعضنا بعضا في الأرض وفي البيت دون تعاطي أي أجرة مقابل هذا الجهد وكانت هناك روح الفريق.
نظام المقايضة
وقال اليماحي انتشر نظام المقايضة داخل المجتمع المحلي قبل الاتحاد ولم نذكر ان اختلف أحد أو احتد على الآخر بسبب هذا النظام.
فكان أهل البحر يصطادون الأسماك ويقايضون بها أهل البر بالعسل والحليب والزبدة والخضراوات الأخرى لم تكن النقود معروفة لنا بشكل كبير وبالتالي لم نكن نتعامل بها.
وبعد قدوم الاتحاد بدأنا نرى النقود تتدفق إلينا من كل حدب وصوب، فقد وفرت لنا دولة الاتحاد الوظائف الحكومية التي ضمت المتعلمين في كافة المهن ، وانتشرت محال السوبر ماركت والبقالات وغيرها وتراجع نظام المقايضة القديم إلى الأبد وحل محله نظام اقتصادي حديث ومتطور مكن المواطنين من دفع قيمة بضائعهم التي تسوقوها بالدرهم الإماراتي الذي كان غائبا عن المشهد في قدفع والفجيرة بشكل عام.
وتابع اليماحي كانت قدفع مشهورة في وقت ما بزراعة التمر وتربية النحل للعسل وكانت تصدرهما مع السمن البلدي إلى باقي المناطق والإمارات الأخرى وكنا نستخدم في ذلك الجمال لنقطع الطريق إلى الشارقة أو دبي أو الذيد لبيع منتجات قدفع.
افتتاح محطة الكهرباء
وتطرق حمدان عبد الله بن راشد اليماحي إلى الزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه إلى الفجيرة ومن ثم إلى قدفع عام 1974 لوضع حجر الأساس لأول محطة كهرباء ومياه في المنطقة حيث كنا في بداية الاتحاد وكانت قدفع والمناطق المجاورة بدون كهرباء وقام الشيخ زايد بإعطاء الأمر بوضع بلدة قدفع على رأس قائمة المناطق المنتفعة من المحطة بعد افتتاحها وتزويدها بالكهرباء والمياه وقد كان تحولا محوريا في حياة المنطقة لا يمكن تجاهله أو المرور عليه سريعا لان الكهرباء ساعدت كثيرا على تطور الحياة لكونها تدخل في كل شيء.
ومع دخول الكهرباء والمياه إلى قدفع شاهدت وعاصرت بأم عيني تغيرات كبيرة طرأت على المنطقة وأهلها حيث تحولت تدريجيا حياة المزارعين الذين شقوا من أجل توفير قوت يوم بيوم لأسرهم من حياة المشقة إلى حياة الراحة الموفورة بالصحة وراحة البال.
وأكد قائلا لازالت قدفع ومربح والمناطق المجاورة تذكر زيارة زايد الخير إليها منذ مطلع السبعينيات وكأنه يوما تأبى ذاكرتنا أن تنساه على مر السنين والأيام وكأنه قد كان بالأمس القريب.
زراعة القطن
وأشار حمدان اليماحي قائلا كانت بلدة قدفع في يوم من الأيام تشتهر بزراعة القطن في وقت كانت عيون المياه تتفجر فيها وتنساب في جداول عذبة لا تمسها ملوحة ولا يشوبها شائب.
وكانت قدفع معروفة بين بلدات الفجيرة ومراكز تجارة القطن بزراعتها هذا المحصول في السنوات البعيدة قبل الاتحاد ومن هنا جاءت تسمية قدفع حيث كان الأب يدعو أبناءه في الصباح ويحثهم على القيام مبكرا لجني محصول القطن قائلا قدفعة قدفعة قدفعة أي أن لوزة القطن قد نضجت وتفتحت بشكل كامل وقد حان وقت قطافها من هنا جاءت تسمية قدفع أي زهرة القطن التي نضجت.
وتابع حمدان عبد الله اليماحي كانت بلدة قدفع قد أطلق عيها مسمى البصرة في أيام الشيخ حمد بن عبد الله الشرقي وتعود تلك التسمية إلى مدينة البصرة نظرا لكون قدفع مشهورة بزراعة النخيل والتمر مثل مدينة البصرة العراقية إلا أنه مع مرور الأيام والسنين فقدت قدفع شهرتها الطاغية في إنتاج التمر والعسل والقطن كما أبصرها الجيل الحالي بلدة تغيب عنها الكثير من المزارع التي ضربها الجفاف وأودى بحياة آبارها العتيقة.
وتأسست بلدة قدفع في الفجيرة ضمن بلدات قليلة جدا عرفت بشكلها الرسمي ومن أولى البلدات الفجيرة القديمة ثم البثنة وسكمكم وقدفع والبدية ثم دبا البيعة وتوالت بعد ذلك تأسيس القرى. وقال يعيش سكان قدفع الآن في بيوت حديثة أقامها لهم المغفور لهما الشيخ زايد والشيخ راشد طيب الله ثراهما ومن ثم بيوت أخرى أكثر تطورا وحداثة أقامها لهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وعدد تلك البيوت الحديثة يتجاوز 450 بيتا تقريبا بينما كنا في الماضي نعيش في بيوت قديمة جدا لا تتعدى 50 بيتا بالكاد.
كما يوجد في قدفع مركز شرطة وبنك ومركز صحي لعلاج أهل قدفع كما توجد العديد من المدارس في مربح لخدمة أبناء المنطقتين.
واختتم حمدان عبد الله بن راشد اليماحي حديثه بقوله بارك الله في الاتحاد ودولة الاتحاد وجعلها دوما لصالح المواطنين ومنح صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله المقدرة على المضي قدما في الحفاظ على المرتبة المتقدمة التي تحققت في ظل حكمه الحكيم والشجاع.
المصدر: الفجيرة