قال عبدالله بن محمد المايدي البدواوي أحد أعيان منطقة حتا في دبي إن الواحد منهم كان يسافر على ظهور الإبل حتى دبي ويعود في ثمانية أيام ذهابا وعودة، لأن الرجال يذهبون سيرا على الأقدام والإبل تكون محملة بالبضائع. وأوضح أن الحال اليوم قد تغير حيث اهتمت دولة الإمارات كثيراً ووضعت الخطط الاستراتيجية لدفع عجلة التنمية وأنشأت شبكات للطرق بالإضافة إلى محاربة التصحر والتلوث البيئي وتعزيز الاهتمام بقضايا البيئة والمحافظة عليها، لذلك شهدت الدولة تميزاً مبكراً في الحفاظ على البيئة والحياة الفطرية، حيث أقرت منذ بداياتها برامج بيئية واسعة النطاق تماشت مع الخصائص الفريدة والمتنوعة للدولة.وأكد أن تلك الجهود تكللت بالنجاح بفضل رعاية وتوجيهات مؤسس اتحاد دولة الإمارات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وأخيه المغعفور له بإذن الله تعالى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراه، وتوجيهاتهما، وسياستهما الحكيمة رحمهما الله التي ركزت على تحقيق التنمية المستدامة في إطار توازن بين خطط التنمية والموارد الطبيعية، وفي ظل نهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله. قال عبدالله بن محمد المايدي البدواوي إن تنمية القطاع الزراعي نال الكثير من اهتمام القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، لدوره بالغ الأهمية في تحقيق الاكتفاء الذاتي وسد جزء كبير من الاحتياجات من الغذاء، مشيراً إلى زيادة الاهتمام بالمساحات الخضراء وأثرها الواضح في مكافحة التصحر وحماية البيئة بالدولة. وفي جلسة مع عبدالله البدواوي، برفقة ابن عمه ورفيق دربه خميس بن حمد البدواوي، وحمد بن سلطان المايدي البدواوي وسعيد بن عبدالله المايدي البدواوي، وكان الجميع يتشاركون تبادل المعلومات حول تاريخ المنطقة وسكانها، أكدوا خلالها أن لمنطقة حتا تاريخاً موغلاً في القدم. أخبرنا عبدالله إن الاتحاد جعلهم قوماً يشعرون وكأنهم في حرقة حرارة الشمس ثم أصبحوا في برودة الظل، حيث يعد الاتحاد الفيء والخير والواحة الوارفة، وهو يؤكد أن ذلك ليس فقط رأيه أو رأي أسرته وإنما هو واقع الحال، وأخبرنا أنه كبر في حتا مع من كانوا قد ولدوا قبله ومع أصدقائه وبني عمومته، في عهد كان التعب فيه كبيرا من اجل أن يعيش الرجل مع أسرته عيشة كريمة، وقد كانت في المنطقة إمكانيات زراعية جيدة، إلا أن وسائل الانتقال للتسويق كانت شديدة الصعوبة، حيث كان الرجل يسافر على ظهور الإبل حتى دبي في ثمانية أيام ذهابا وعودة، لأن الرجال يذهبون سيرا على الأقدام والإبل تكون محملة بالبضائع. أدوية وأفلاج وأكمل عبدالله بن محمد المايدي البدواوي حديثه بأن منطقة حتا من أعرق مناطق دبي لأنها جبلية وتضم أودية وأفلاجا وشريعة للمياه، تضخ مياها عذبة للمزارع في فترة لا يعلم عمرها إلا أصحاب البحوث الأثرية والمؤرخون، وحضارتها القديمة لا شك بأنها مؤرخة وموثقة لدى حكومة دبي، وفي حتا أبراج أثرية كانت تستخدم للحراسة ولمنع وصد أي غزو أو اعتداء، وهما برج حارة الجبل وبرج حارة القرط، وتسمى المنطقة الحجرين بسبب الجبلين الكبيرين المحيطين بها’ وفي المنطقة حصنان أثريان، ومساكن تستخدم أثناء الصيف . وعاش اهالي حتا على زراعة الذرة والشعير، وكان البعض ينتج التمر ليتم بيعه للسكان في حتا، وبالنسبة للحرف اليدوية اشتهر أهل المنطقة باستغلال سعف النخيل، حيث كان الرجال والنساء أيضا ينتجون مختلف احتياجاتهم من الأدوات للحياة اليومية من السعف، كما اشتهر بعضهم بتربية الأغنام والمواشي للاستفادة من المنتجات المصنوعة من الألبان، مثل البن والسمن والإقط والكامي واللبن الرائب كما يستفاد من أصواف الغنم، لكن كل تلك الصور لم تكن تتم بشكل مريح كما أصبحت عليه بعد قيام الاتحاد، لأن كل الصناعات والمنتجات والزراعة كانت تنجز يدويا دون آلات كهربائية أو الكترونية، ولذلك كانت حياة الأهالي شاقة من تلك النواحي، ولكن كانت تتصف بالهدوء وراحة البال وخاصة أن المنطقة تنام بعد أداء صلاة العشاء بقليل في الزمن الماضي. الزمن القديم يقول عبدالله إن المنطقة تعتبر بعيدة وخاصة في الزمن القديم، ولذلك كان من الصعب أن تصل لها الخدمات بسهولة، ولذلك كان الرجال يعملون من الفجر حتى إذا جاء المغرب أصبحت المنطقة مظلمة، ولذلك يبقون لفترة قصيرة بعد صلاة العشاء ثم ينام الجميع، وفي فجر جديد يطل يوم محمل بالكثير من العمل. عمل رجال كثيرون ومن بينهم عبدالله وخميس في شرطة دبي وغادروا حتا للعمل في المدينة، وكانت المسيرة يوما كاملا بالسيارة للوصول إلى قرب نايف أو الفهيدي، وربما أدى ذلك في مرحلة ماقبل الاتحاد لشيء من الانتعاش الاقتصادي، حيث أصبحت الوظائف توفر دخلا ثابتا، كان آنذاك في حدود280درهما بالنسبة لعمل عبدالله في الشرطة عند نهاية الستينيات، وقد أخبرنا أن الرجال كانوا يبقون مدة شهرين بعيدا عن حتا وعائلاتهم. بعد عام ترك العمل في الشرطة حين قدمت لهم فرص عمل في مكان آخر وكان الراتب مغريا حيث بلغ اول راتب 300درهم، لأن السلع كانت رخيصة جدا، ولم تشهد البلاد جشع بعض التجار الذين يزيدون أسعار السلع كلما سمعوا عن زيادة في الرواتب، وقد وجد بعضهم أن راتب التقاعد ربما يكفيه عن مشقة العمل ولذلك تقاعد بعضهم. وقد وصف عبدالله مرحلة الاتحاد بأنها مرحلة تحتاج لشكر وحمد، لأن النعمة تحتاج إلى أن يحمد الإنسان رب العالمين على مافضل رزقه، وفضله به على كثير من الأمم في الأمان والخير، وقد أدت الطفرة النفطية بالدولة إلى أن تبلغ في وقت قصير ما لم تبلغه دول أخرى متقدمة في عمرها الزمني مقارنة بالامارات، ولذلك ربما يجد الإنسان المواطن نفسه يلهج بالدعاء في أن تبقى الدولة في خير ونعمة وأن يحافظ كل إنسان حتى المقيم على الخير والأمان الذي ربما لا يجده في مكان آخر. بيوت من سعف ويعود خميس بن حمد البدواوي للحديث مرة أخرى قائلا إن منازلهم كانت حتى بداية الاتحاد مجرد بيوت من سعف أو بعض الطابوق، ولكن عم الخير المنطقة ولم تبق حتا مثل ماكانت عليه، لأن حكومة دبي في ظل الاتحاد كانت لها بصمة كبيرة على المنطقة، وقد أخذت بيد اهل المنطقة ونظرت لمتطلباتهم، خاصة إن عبدالله بن محمد البدواوي يعتبر أحد المسؤولين عن حتا امام حكومة دبي، ولذلك كان هناك تكاتف من أجل كل التطورات التي حدثت في المنطقة. وقال حمد بن سلطان إن شباب حتا يمثلون حلم آبائهم وحلم الدولة، وهم يقفون يداً بيد مع الأهل للحفاظ على مكتسبات الاتحاد، ويوجد في حتا عشرة آلاف نسمة، لأن اهل حتا يحبون بناء حتا بأنفسهم أكثر من إشراك الغير في بنائها، والمنطقة جزء من الوطن وثمرة حضارة عريقة وتاريخ مسطر بالوفاء، مشيراً إلى أن الحكومة لم تنس هذا الجزء المهم وقد حظيت المنطقة بزيارة في رمضان الماضي، لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وقد وجه سموه بأن تضخ الحياة في أفلاج حتا وفي الشريعة الأثرية القديمة، لأنها عرق الحياة الذي يغذي مزارع حتا، حيث كانت المياه قد جفت نتيجة عدم وفرة المياه. النمط التراثي أما سعيد بن عبدالله المايدي البدواوي فأخبرنا أن المساكن التي أعدت للمواطنين في حتا وهي ذات طابعين أحدهما تراثي، تعد من أروع المساكن في المنطقة، فهي مصممة على النمط التراثي وبأحدث التصاميم الهندسية وذات طابقين، كما أصبح في حتا جهات عدة توفر فرصا للعمل، منها مدرستان وهيئة خيرية ومستشفى ومركز للإسعاف ومصارف، لكن عدد المواطنين الذين يخرجون للعمل خارج نطاق حتا أكبر من حجم فرص العمل، لكن رغم ذلك فإن أهالي المنطقة يعتبرون أنفسهم في رخاء وراحة، لأن الاتحاد لم يترك لهم فرصة للشكوى أو التذمر. وتدخل خميس قائلا إن قيادة الدولة عملت على تسخير خير الدولة لأبنائها ولبنائها، ولذلك من شهامة المواطن أن يرد الإحسان بالإحسان لوطنه، ومن أهم طرق رد الإحسان أن يعمل بكل جهد للحفاظ على الحصاد الذي تم جنيه من بعد زرع 40 عاما، وان يبدأ كل مواطن بحراثة أراضي جديدة لوضع بذور الإخلاص والانتماء، وذلك عن طريق العمل والتفاني في أماكن العمل. المحافظة على الهوية الوطنية أكدت الجلسة أن أهم ما يمكن عمله بالنسبة للمرحلة القادمة من اليوم، هو الاحتفال بتقديم أقصى ما يمكن أن يقدم لأجل الأمن والأمان، ومن أجل المحافظة على الهوية الوطنية، وأن الاتحاد هو تاج الفخر الذي ينظر له العالم، لذلك من المهم أن يحافظ صاحب التاج على موقع التاج ويحرص عليه عاليا. وقالوا إن أهل حتا يتوقعون مرحلة جديدة من النمو والازدهار في الدولة وفي مناطقها، وبالنسبة لهم الحفاظ على الترابط وعلى أمن المنطقة والزراعة من أولوياتهم، إلى جانب الحفاظ على الزراعة خاصة بعد عودة المياه إلى مجاريها في الأفلاج، حيث يؤمن خميس وعبدالله والرجال إن المال لو اعطي للمنطقة سينفد ولكن الماء الذي عاد للأفلاج باق، وتلك نظرة بعيدة المدى للحكومة ، وتعد جزءا من استراتيجية الدولة في مجال الاستدامة.