تتراوح قيمة توزيعات الأرباح النقدية المتوقعة للشركات المساهمة العامة المدرجة بأسواق المال المحلية، بين 10 و11 مليار درهم، وذلك عن أرباح العام الماضي 2010 وفقاً لتوقعات محللين ومختصين في القطاع المالي بالدولة. وأكد هؤلاء أهمية ضخ سيولة مالية أسواق المال المحلية من خلال التوزيعات النقدية التي تعتبر الخيار الأنسب في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها أسواق المال. ويأتي ذلك فيما يؤكد المحللون أن أسواق الأسهم هي الأخرى بحاجة ماسة إلى السيولة، خصوصا أن التوزيعات النقدية تعتبر الخيار الأنسب في الظروف الراهنة وليس توزيعات أسهم المنحة التي من شأنها أن تزيد من عرض الأسهم في الأسواق وبالتالي ارتفاع الضغوط على الأسعار وفقا لما قاله هيثم عرابي الرئيس التنفيذي لشركة جلفمينا للاستثمارات البديلة. واتفق معه محمد علي ياسين رئيس قسم الاستثمار في شركة كاب إم للاستثمار والذي رأى أن الشركات المحلية التي تواجه التزامات مالية قصيرة الأجل يتعين عليها سدادها العام الجاري، وكذلك الشركات التي أصدرت أو تعتزم إصدار سندات دين لن يكون بمقدورها توزيع اي أرباح على المساهمين كما في حالة كافة الشركات العقارية باستثناء شركة اعمار. وأضاف ياسين أن ضغوط السيولة ستفرض نفسها على مجالس إدارات الشركات تجاه خيارين هما عدم توزيع أرباح أو خفض نسبتها مقارنة بالعامين الماضيين بسبب صعوبة الحصول على تمويل من البنوك لتوسيع أعمالها. لكن في المقابل، بحسب ياسين ستحافظ شركات قيادية على توزيعات أرباحها كما في السنوات السابقة مثل مؤسسة اتصالات التي اعتادت منذ سنوات على سياسة توزيع أرباح سنوية ثابتة تجمع بين النقدي وأسهم المنحة وإن كانت هناك توقعات في حال تم التوصل إلى اتفاق حول صفقة زين الكويتية أن تتأثر توزيعات أرباحها. وتقل التوزيعات المتوقعة عن العام الماضي بما يتراوح بين 10 و15% عن التوزيعات النقدية للعام 2009 التي بلغت نحو 12,27 مليار درهم و14 مليار درهم عن العام 2008. وأقرت «اتصالات» أرباحا نقدية عن النصف الأول من العام 2010 بنسبة 25% من القيمة الإسمية بما يعادل 1,976 مليار درهم، وعن العام 2009 وزعت اتصالات 60% نقدا و20% أسهم منحة. ووفقا لدراسة أجرتها مها كنز المحللة المالية في شركة الفجر للأوراق المالية عن توزيعات الأرباح المتوقعة للشركات في قطاعات الخدمات والصناعة والفنادق عن العام 2010 اعتمادا على نتائج الأشهر التسعة الأولى من العام فإن شركات محددة مثل اتصالات وطاقة وشركة سوق دبي المالي والعربية للطيران سيكون بإمكانها اجراء توزيعات نقدية قريبة من توزيعات العام 2009. وخلصت الدراسة إلى أن 5 شركات من بين 34 شركة أجريت عليها الدراسة في القطاعات الثلاثة ستجد صعوبة في اقرار توزيعات نقدية، بل قد تلجأ بعضها إلى خفض قيمة التوزيعات النقدية. وأضافت مها “هناك العديد من الشركات التي من المتوقع اقرارها توزيعات نقدية تفوق 5%”، متوقعة تراجع حجم توزيعات الأرباح النقدية عن العام 2010 مقارنة بتوزيعات 2009 بسبب حاجة الشركات للسيولة، غير أنها قالت “الأسواق أيضا في حاجة إلى السيولة أكثر من أسهم المنحة ذلك أن أسعار الأسهم تتداول حاليا عند مستويات متدنية وليس هناك حاجة لمزيد من عرض الأسهم في حين تكمن الحاجة اكثر في توافر السيولة لدى المستثمرين كي يقوموا بإعادة الشراء”. وأوضحت أن توافر السيولة لدى الشركة هو العامل الأساسي الذي يحدد مدى قدرتها على اقرار توزيعات أرباح نقدية من عدمه، وفي حال كانت هناك سيولة فائضة لدى الشركة يمكنها في هذه الحالة توزيع أرباح، لكن قد يكون لدى الشركة فائض سيولة وفي المقابل أمامها التزامات مالية يتعين سدادها أو تمويلها، وعندها قد يصبح قرار الاحتفاظ بالسيولة وعدم توزيع أرباح أو اقرار توزيعات ضئيلة أمرا واردا. واتفقت كنز مع محمد علي ياسين في أن الشركات القيادية تتمتع بموقف مالي جيد وهو ما يؤهلها لإقرار توزيعات أرباح إما اكبر من توزيعات العام 2009 أو على الأقل مماثلة لها لدى بعض الشركات. وبدأت الشركات في الاعلان عن نتائجها المالية، وأعطى قرار مجلس ادارة شركة العين الأهلية للتأمين توزيع أرباح نقدية 50% والتي تقل عن توزيعات عام 2009 والبالغة 75%، مؤشرا على أن توزيعات غالبية الشركات ستسجل تراجعا. وقال هيثم عرابي “باستثناء شركات العقارات التي لا يتوقع أن توزع أرباحا بسبب صعوبة مواقفها المالية فإنه من المتوقع أن تكون توزيعات كافة الشركات موازية لتوزيعات العام 2009 ولن تكون هناك مفاجآت تذكر”، مضيفا أن العديد من الشركات خصوصا البنوك قد تلجأ إلى المزج بين التوزيعات النقدية وأسهم المنحة، وإن كانت الأسواق بحاجة أكثر للنقد. وأضاف محمد علي ياسين أن التوزيعات ستختلف من قطاع إلى آخر ومن شركة إلى أخرى داخل القطاع ذاته، ففي قطاع البنوك حيث يتوافر النقد والأرباح المدورة والملاءة المالية العالية يمكن أن توزع البنوك أرباحا نقدية بنسب جيدة. واضاف ان ذلك لا ينطبق على الشركات في قطاع الخدمات حيث تعاني من تراجع النقد لديها وعليها التزامات مالية يتعين سدادها وهو ما يجعل من الصعب توزيع ارباح وإذا فعلت ستكون توزيعات رمزية وليست حقيقية، لأن هذه الشركات في حاجة إلى النمو وليس لديها القدرة على الاقتراض”. وأوضح أن قطاع العقارات لن يشهد توزيعات أرباح تذكر فغالبية الشركات منيت بخسائر في الأشهر التسعة من العام الماضي ولا يتوقع أن يتغير حالها في الربع الأخير من العام، وهو ما يجعل توقعات أن توزع أرباحا أمر بالغ الصعوبة. وفيما يتعلق بقطاع التأمين قال “شركات التأمين ذات رؤوس أموال صغيرة وتمتلك نقدا كبيرا ما يمكنها من تفضيل توزيع النقد أكثر عن توزيع اسهم المنحة”. ويتوقع ياسين أن توزع بنوك أبوظبي أرباحا جيدة على المساهمين في ضوء أدائها المالي الجيد للأشهر التسعة من العام، مضيفا: “أرباح بنك ابوظبي الوطني أفضل من العام 2009 وكذلك الحال بالنسبة لمصرف أبوظبي الاسلامي، وبالتالي يتوقع أن تكون توزيعاتهما على نفس المقياس من قوة النتائج المالية في حين يتوقع أن يحافظ بنك الاتحاد الوطني على توزيعات قريبة من العام الماضي”. ووزع بنك أبوظبي الوطني عن العام 2009 أرباحا نقدية بنسبة 10% وأسهم منحة بذات النسبة، فيما وزع مصرف أبوظبي الاسلامي 20% أسهم منحة وبنك الاتحاد الوطني أسهم منحة بنسبة 10%. واضاف: وقد يقوم بنك الخليج الأول إن قرر مجلس ادارته توزيع الأسهم التي قام بإعادة شرائها كأسهم منحة، في حين سيكون من الصعب توقع توزيعات قوية لبنك ابوظبي التجاري بسبب المخصصات التي قام باتخاذها. ووزع بنك الخليج الأول أرباحا نقدية للعام 2009 بنسبة 50%، في حين بلغت التوزيعات النقدية لبنك أبوظبي التجاري 10%. وبلغت قيمة توزيعات الأرباح النقدية لقطاع البنوك في الدولة عن العام 2009، نحو 3,87 مليار درهم في حين بلغت جاءت توزيعات قطاع الخدمات أعلى بقيمة 5,97 مليار درهم تليها توزيعات قطاع الصناعة بقيمة 1,73 مليار درهم واقل التوزيعات جاءت من قطاع التأمين بنحو 698 مليون درهم.