أحمد النجار (دبي)

قد يباغتك النعاس في مكان عام، فلا تملك إلا أن تتثاءب في محاولة استفاقة قبل أن يغشى النوم عينيك، وتطبق أجفانك، ومن هنا جاءت فكرة كبسولات النوم التي توفر إمكانية الحصول على غفوة أثناء الانتظار الطويل في صالات بعض المطارات مثلاً، ولكن أن تجدها في دبي مول، فذلك يندرج تحت ابتكار نمط ضيافة راقٍ، ومستوى رفاهية غير مسبوق.

في أكبر مركز تسوق في العالم استُحدثت منصة عصرية خاصة ترفع لافتة «كبائن للاسترخاء»، وتحديداً بالقرب من المدخل الرئيس، لتصبح وجهة جذب لزوار متعبين، وموظفين منهكين، فهي توفر لهم فرصة نيل قيلولة صحية من ساعة إلى ثلاث ساعات، في واحدة من 10 كبسولات فخمة ومعزولة الصوت، بأسعار تبدأ من 25 درهماً، متوافرة على مدار اليوم، يقصدها زوار ينشدون استقطاع بعض الوقت للراحة من برنامجهم الترفيهي.
وفي تجربة لاختبار مستوى الراحة في إحدى تلك الكبسولات، زُرت منصة الاسترخاء، بعد أن حجزت إحداها لمدة 90 دقيقة، عبر موقع إلكتروني متخصص في حجوزات الفنادق، وبعد القيام بجولة طويلة بين أروقة المول، مروراً بأكثر من 500 متجر من أصل 1200 محل، بدأت أشعر بالتعب والنعاس، وكان استكشاف دبي مول زعبيل الموصول بالمول نفسه، فكرة جيدة لمضاعفة الإرهاق، فقطعت الجسر المؤدي إليه، وطفت بين 50 محلاً ومطعماً هناك، توزعت فوق مساحة 40 ألف متر مربع.
وعندها كنت مستعداً لخوض التجربة بعد أن أعياني التعب، ووصلت إلى المكان، وبعد أن أكدت الحجز، دخلت إلى مخدعي الصغير المغطى بجلد أسود فاخر، والمزود بسدادة ناعمة للأذن، مع إمكانية سحب غطاء السقف لحجب الرؤية، وعلى الجانب الأيسر من الكبسولة توجد مقابس كهربائية لشحن الهواتف المتنقلة، يحظر فيها تناول الطعام والشراب، أو التدخين.
والحقيقة أنني لم أكن أتوقع أن أغط بالنوم، إلا أنه سرعان ما غلبني، لأنعم بالهدوء المختلط بعتمة محببة داخل مساحة تحقق رفاهية الحركة، وبعد نحو ساعة استفقت وقد تملكني شعور جميل بالنشاط، ساعدني على استكمال رحلة الاستكشاف والتسوق.
إلى ذلك، قالت بريثيفي بي كي، مساعدة مسؤول خدمة العملاء في صالة الاسترخاء، إن المنصة تم افتتاحها قبل ثلاث سنوات لتقديم خدمة سياحية وفرصة ترفيهية لزوار المكان، معتبرة أن تواجدهم في أكبر مركز تسوق بالعالم يسهم في الترويج للفكرة، ويخدم الزوار والمتسوقين، فضلاً عن أنه ثمرة تعاون بين دبي مول وإدارة الشركة المزودة للخدمة. وأضافت أن الكبسولات الموجودة حديثة، ومجهزة بأدوات ترفيهية، وتتحول إلى سرير متحرك بفضل التقنيات الأتوماتيكية التي تتحكم بارتفاعه، ما يلبي رغبة المستخدم، لمنحه نوماً صحياً مريحاً. وأكدت أن الكبائن تخضع للتنظيف والتعقيم بشكل دوري، ووفق أعلى المستويات.
وعن دوافع استخدام هذه الكبائن، قالت بريثيفي إنها متعددة، فلكل واحد من الباحثين عن غفوة مستقطعة قصته، موضحة أن هناك كثيراً من الزوار والسياح والأشخاص المتسوقين ينشدون الراحة التزاماً بتوصيات أطبائهم، وهناك أشخاص يأتون على متن رحلات «ترانزيت» إلى المطار، ثم يسمح لهم بالمجيء للتسوق في دبي مول، ولهذا فإنهم يحتاجون إلى الاسترخاء قبيل مواعيد إقلاع طائراتهم.
وعن تجربته، قال إبراهيم قشاش إنه استخدم كبينة النوم بناء على نصيحة مديرته، موضحاً أنه سعيد بالتجربة لأنها وفرت له مكاناً ملائماً لأخذ قسط من الراحة، وفي الوقت نفسه لن يكون مضطراً لمغادرة مقر عمله، والعودة متجنباً التأخُّر عن موعد الدوام. وأضاف أن موقع المنصة مناسب جداً، مؤكداً أنه سيكرر التجربة، نظراً لسهولة الوصول إليها وتكلفتها المعقولة، وحاجته اليومية إليها. وتابع: «بسبب الأحوال الجوية وتعاظم حاجتي لقسط من الراحة، اضطررت للنوم مدة ساعة، وأعتقد أنها كافية، فقد شعرت بارتياح كبير بعدها»، مشيراً إلى أنه تمكن من التقلب في الكبسولة وكأنه في سريره الخاص.

ليس ترفاً
أكد اختصاصي أمراض النوم الدكتور هادي جرداق أن النوم داخل كبائن في مركز تسوق ليس ترفاً أو فرصة لاستكشاف هذه التجربة والاستمتاع بها، بل هو حاجة ملحة قد تكلف من يغالب نعاسه بالمنبهات الكثير، مشيراً إلى أن تجاهل إشعارات الجسم بوجود إنذار عصبي يؤثر على صحة الجسم وسلامة الإدراك، وقد يؤدي إلى اعتلال وظائفه الحيوية، معتبراً أن الحل المثالي هو أخذ غفوة ولو لبضع دقائق، للحصول على مفعول يضاهي أفضل المنبهات.