علي عبد الرحمن (القاهرة)
ارتبط الجمال بالمرأة، وتعززت الفكرة بنشأة مسابقات ملكات الجمال في العام 1900، على يد الأميركي إيريك مورلي، والتي تمنح الفائزة باللقب تاجاً بعد اجتيازها شروطاً منها أن تكون على قدر عال من الجمال، وتتمتع بالثقافة والوعي المجتمعي، وأن تتبنى قضية إنسانية تعمل عليها طوال فترة تتويجها باللقب لمدة عام، ثم تفاقم الأمر بظهور فن التمثيل الذي تغنى بجميلاته، وأجلسهن على عرش النجومية وكأن الشكل عصا سحرية تجلب المخرجين، وتستقطب الجماهير. وانضمت مصر إلى المسابقة في العام 1929، وسرعان ما تحولت إلى مورّد للممثلات من باب الجمال، ومنهن من تركن أثراً على المشاهدين من خلال أعمالهن الفنية، ومنهن من لم يشفع لهن جمالهن في المنافسة الفنية.
تعد الفنانة داليا البحيري الأكثر شهرة من بين ملكات الجمال في المجال الفني؛ حيث حصدت لقب ملكة جمال مصر في العام 1990، وشاركت في مسابقتي «ملكة جمال الكون»، و«ملكة جمال العالم» في العام نفسه، وصنفت في المرتبة الـ27، الأمر الذي مهد الطريق أمامها للتمثيل.
وبدأت البحيري مشوارها على الشاشة الفضية بأفلام منها «علشان ربنا يحبك» في العام 2000، ولعبت البطولة في بعض الأفلام أشهرها «محامي خلع»، و«السفارة في العمارة»، وقدمت مسلسلات عدة مثل «صرخة أنثى»، و«يوميات زوجة مفروسة».
عن تجربتها، أكدت البحيري لـ«الاتحاد» أن تتويجها بلقب ملكة جمال مصر ساعدها في اجتياز البدايات الفنية الصعبة، موضحة أنها لو لم تمتلك الموهبة الفنية، والقدرة على تجسيد الأدوار باحترافية ما استمرت، ولا تمكنت من لعب أدوار البطولة.
وعلى الرغم من عدم نيل الفنانة رانيا يوسف لقب المسابقة التي شاركت فيها في عام 1997، إذ حصلت على لقب الوصيفة الأولى، إلا أن ذلك لم يعق توجهها للفن، فبعد مشاركتها في بضعة إعلانات قدمت أول أدوارها في مسلسل «العقاب»، غير أن مسلسل «عائلة الحاج متولي» رسخ أقدامها الفنية لتتوالى أعمالها بين السينما والدراما.
وقالت رانيا لـ«الاتحاد» إن المجال الفني يتطلب التمتع بقدر من الجمال إلى جانب امتلاك الموهبة الفنية، مشيرة إلى أن الدراسة والتدريب يصقلانها.
وأضافت أنها بدأت مشوارها الفني بالعمل في مجال الإعلانات، قبل حصولها على لقب الوصيفة الأولى، موضحة أن شهرة المسابقة ساعدت كثيرا في تعريف المخرجين إليها، ما أسهم في تجاوزها العقبات الأولية التي شهدتها في الإعلانات.
إلى ذلك، قال الناقد الفني طارق الشناوي لـ «الاتحاد» إن دخول الفنانات من بوابات الجمال ليس إلا مجرد بداية، وسرعان ما يكون عليها أن تقدم أوراق اعتمادها الفنية من خلال موهبتها، وهناك ملكات الجمال حصدن ألقابهن، ولكنهن فشلن في الفن. وعلى صعيد آخر هناك نجمات نجحن في ذلك، وأثبتن جدارتهن الفنية من خلال أدوار صعبة.
وقال المخرج المصري مجدي أحمد علي إن اللقب بداية تعارف، وليس شرطاً أن تكون جميلة لتصبح فنانة، ولكن معايير الجمال مطلوبة إلى جانب الموهبة التي تشكل الفيصل في النجاح.
وأكد أن السينما المصرية قدمت من الكثير من الجميلات اللاتي أثبتن جدارتهن الفنية مثل داليا البحيري ورانيا يوسف.
فيما قال الناقد الفني محمود قاسم، إن الجمال وحده لا يكفي، ولكن على ملكة الجمال أن تصقل موهبتها الفنية.
وأضاف أن دخول هؤلاء النجمات من خلال مسابقات ملكات الجمال أو عروض الأزياء وتدريبهن الجيد من خلال المشي، وطريقة الابتسامة والحوار سهل لهم دخول المجال.
من جهتها، قالت الفنانة بشرى :«ليس عيبا أن يكون الجمال جواز مرور الفنانات لعالم التمثيل، خصوصاً أنهن حصلن على اللقب بعد اختبارات عدة تتعلق بالثقافة، والمعلومات العامة، والحضور، واللياقة وغيرها من المواصفات المطلوب توافرها أصلا في الممثلة»، إلا أنها تستثني اللواتي دخلنه وهن يفتقدن إلى الموهبة الحقيقية، مؤكدة أنهن لن يتمكن من الاستمرار، فالجمهور قادر على فرز الممثلين على الشاشة.
وتابعت «لا يستطع أحد أن يفرض نفسه على الجمهور، خصوصاً أنه أصبح واعياً، والساحة مليئة بالآلاف من المواهب الجديدة، ومن لم يكن لديه الموهبة الحقيقية، ويقدم كل ما هو مميز ومختلف، فلم يستمر، فالموهبة التمثيلية أهم عنصر في هذا المجال بغض النظر عن الشكل».
ولفتت بشرى إلى أن الفنانة داليا البحيري التي حصلت سابقاً على لقب ملكة جمال، من القليلات اللواتي دخلن مجال التمثيل، وأثبتن وجودهن فيه عن جدارة، ولا سيما أنها إنسانة جادة ومثابرة ومجتهدة، بدأت حياتها بعد اللقب كمذيعة لسنوات في الفضائية المصرية، وعملت مرشدة سياحية لسنوات بحكم إتقانها لغات مختلفة، قبل أن تدخل التمثيل من أوسع أبوابه، وتثبت للجميع أنها تتمتع بموهبة، ولديها رسالة تريد إيصالها من خلال الفن، مثل أعمال «ريش نعام»، و«بنت من الزمن ده».